لماذا لم يُتهم السعوديون بالعنصرية عندما طالبوا بوضع حد للمجنسين البحرينيين؟
2019-02-14 - 12:57 م
مرآة البحرين (خاص): قبل نحو عام، انتفضت العائلة الحاكمة في البحرين خوفا عندما جاء وزير الداخلية السعودي عبدالعزيز بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود لتوبيخها بسبب منح الجنسية ليمنيين عملوا هناك على منافسة السعوديين.
حينها خرج وزير الداخلية البحريني يتوعّد «حاملي الجوازات البحرينية الذين يستغلّون التسهيلات التي تقدم لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، بشكل يلحق الضرر بمصالح المواطنين السعوديين».
حينها ضج المجتمع السعودي من مئات المجنسين البحرينيين الذين نافسوهم في سوق العمل، وأطلقوا حملة على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم «البحرين تجنّس على حساب بطالتنا»، وهذا ما دفع القيادة السعودية للتحرك.
لم يتحرك السعوديون حينما كان سوق العمل يستقبل أطباء وموظفين في البنوك وشركات الاتصالات من السنة والشيعة الأصليين، لكنهم احتجوا عندما دخل السوق عنصر طارئ وغريب على دول مجلس التعاون الخليجي.
لم يتهم أحد السعوديين بالعنصرية ضد «البحرينيين الجدد أو المجنسين»، كانت مخاوفهم مشروعة على مستقبلهم في سوق العمل. وعبّروا عنها بكل جرأة وقوة، من منطق أن السعودي هو الأولى بالاستثمار والعمل والثروة الوطنية.
ولم يقل وزير الداخلية البحريني إن هؤلاء مواطنون بحرينيون لهم الحق كغيرهم في العمل في السعودية بموجب اتفاقيات دول مجلس التعاون النافذة، إنما أمر "بسرعة التحري حول هذا الأمر بالتعاون مع وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية للوقوف على حقيقة الوضع واتخاذ ما يلزم لتصحيح ذلك».
في البحرين، وعلى الرغم من أن الأمر لا يقتصر على سوق العمل بل يتعدّاه إلى كل فرص المعيشة الكريمة، إلا أن العائلة الحاكمة تعرض عن منافسة المجنسين للبحرينيين في فرص العمل والإسكان والتدريب والبعثات، فلماذا لا تكن ردّة الفعل ذاتها من الجانبين البحريني والسعودي؟
لا نفترض هنا أن السعودية تدير البحرين بشكل مباشر، لكن السعودية أحد الداعمين الرئيسيين للبحرين. على سبيل المثال، على المستوى المالي قدمت السعودية خلال 8 سنوات أكثر من 5 مليارات دولار للبحرين لمواجهة الصعوبات المالية وتمويل مشاريع البنى التحتية.
لماذا لم تسأل الرياض المنامة عن أوجه صرف تلك المبالغ وعن المستفيدين منها خصوصا مع تضررها من مشروع التجنيس؟ ألا تعلم السعودية أن مشروع إسكاني مثل المدينة الجنوبية (مدينة خليفة بن سلمان) سيستفيد منه مجنسّون؟
وحتى وإن جرّدت البحرين اليمنيين الذين دخلوا السوق لمنافسة السعوديين من جنسياتهم، من سيضمن لها أن أجيالا جديدة منهم ومن جنسيات أخرى كالسوريين والباكستانيين لن يتسربوا للسوق السعودية لمنافسة مواطنيها مجددا؟
ومن سيضمن للسعودية أن البحرين ستنجح في الوفاء بالتزاماتها التي قدمتها للداعمين الخليجيين بإعادة التوازن لمالية البلاد في العام 2022؟ فهل سينجح برنامج التوازن المالي ما دامت تلك الأموال تصرف بشكل استراتيجي على تغيير التركيبة السكانية وتهميش البحرينيين؟
فإذا كانت الدول الداعمة وبينها السعودية تشارك البحرين تطلعاتها في هذا التوجّه فإن عليها الاستعداد لضخ المزيد من الأموال وتحويل تلك المبالغ إلى منح مالية وهبات لا قروض ميسّرة. فلن يكن بمقدور البحرين أبدا الوفاء بالتزاماتها.
إن دفع البحرين باتجاه هذه السياسة لن يأتي بنتائج مشابهة لما حدث في دولة خليجية أخرى، فالبحرين لا تملك ثروات طبيعية يمكن لها أن تفي من خلالها بالتزاماتها للسكان الحاليين إلى جانب كتلة سكانية كبيرة.
لقد أضّرت تلك السياسة بالبحرينيين بمختلف انتماءاتهم القبلية والعرقية والدينية، وإن من حقهم أن يرفعوا الصوت عاليا ضد هذا المشروع الخطير. فما يحدث في مناطق تُعرف بموالاتها للعائلة الحاكمة في البحرين بات يفوق احتمالاتهم.
إن على العائلة والداعمين الخليجيين الاستعداد لسماع المزيد من الأصوات التي تطالب بحصر الثروة الوطنية وتسييج سوق العمل ضد «البحرينيين الجدد» كما حدث في السعودية، وإنه ليس من العدل والمنطق اتهام تلك الأصوات بـ «العنصرية».