حكيم العريبي: أحاول أن أكون شجاعا... لكنني مكسور من الداخل
2019-02-07 - 12:02 م
مرآة البحرين (خاص): لم يعد حكيم العريبي، لاعب المنتخب البحريني السابق الملاحق في تايلند، يتمتّع بالأمان، الذي كان يعيشه في أستراليا على مدى 5 سنوات. لم يعد يحس باحترام إنسانيته، الإحساس الذي يقول كل بحريني فرّ من البلاد إنه أكثر ما يختلف عليه خارجها.
أبلغ العريبي صحيفة الغارديان أنه "يفقد الأمل". إنّه يعتقد بأنه لو رُحّل للبحرين، فسيتعرض للتعذيب، وربما يُقتل "لقد بدا مكتئبا وقال إنّه خائف جدا، وإنّ خوفه يزداد كل يوم" تقول الصحيفة.
"أحاول أن أكون شجاعا... لكنني من الداخل مكسور" يقول حكيم في تصريح آخر.
"مكسور من الداخل"، هذا هو إحساس كل البحرينيين في الداخل، من أشياع حكيم. لقد ذاق العريبي مرارة هذا الإحساس جيدا حتى العام 2014. "لا يوجد في البحرين حقوق إنسان ولا أمان للناس من أمثالي" يقول صارخا في وسائل الإعلام، بينما تسحبه قوات الأمن التايلاندية.
قبل أن يذهب في رحلة شهر العسل إلى بانكوك حذّرته أخته (المقيمة في البحرين). قالت له إن سفره سيضعه في خطر، لكنّه طمأنها "أنا تحت الحماية الأسترالية الآن. لن يدعوا شيئا يحدث لي".
ولكن كما قال كريغ فوستر، البحرين تقول لمواطنيها عبر ملاحقة حكيم "بأن لا أحد آمن، يمكننا أن نصل إليك في أي مكان في العالم".
"لماذا وضعوا هذه الأصفاد على رجلي. أنا لست حيوانا. إنّها تجعلني أشعر بالغثيان" لم تكن الأصفاد التي قيّد بها حكيم تايلندية، إنها أصفاد بحرينية بامتياز.
تخاطر البحرين، بسمعتها الدولية منذ زمن. لكنّها هذه المرة، تجرّ معها تايلند أيضا! أكثر ما حيّر المتابعين في قضية حكيم العريبي هو الموقف التايلندي. تايلند قالت أخيرا إنّها عالقة في مأزق بين أستراليا والبحرين، دون اختيارها.
لقد رضخت تايلاند في قضية رهف القنون وأنهت المسألة سريعا، بالسماح لها بالمغادرة إلى كندا، خصوصا وأن رهف سعودية.
على عكس ما تعانيه العلاقات مع السعودية من شرخ، تتميز العلاقات بين تايلاند والبحرين بازدهار كبير، حتى كان رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان الوسيط الذي نجح في كسر الجمود قليلا بين السعودية وبانكوك، خلال عام 2016.
يسافر خليفة بن سلمان إلى تايلند سنويا لقضاء إجازة خاصة، وهو يملك مجموعة من الجزر هناك، ويشارك الملك التايلاندي السابق ملكية مجموعة "كمبينسكي" العالمية للفنادق.
لا تريد الملكية في تايلاند أن تغضب شريكها الخليجي، ولا تريد تحديدا أن تغضب خليفة بن سلمان، الذي يريد أن ينتقم لكرامة ابن أخته سلمان بن إبراهيم، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
يريد خليفة بن سلمان رأس حكيم العريبي ليرضي ابن أخته المدلل، ويريد النظام في البحرين رأسه لإرضاء غرور النصر، الذي بدأ يشعر به على المعارضة وأنصارها. بات من الساخر الحديث عن صورة البحرين الملطخّة في الخارج، لكن اللافت أن الحكومة مستعدة للذهاب حتى النهاية، ولأن تعرّض نفسها من جديد لكل هذه الجلبة الإعلامية والسياسية الهائلة حول العالم، لإثبات قوتها، ولعدم السماح بسرقة انتصاراتها، وتحقيق انتصار دولي ضدها. إنّها تريد أن تظل تنكر، مهما كلّف الثمن.
كرّر حكيم لوسائل الإعلام أن استهدافه وسجنه في البحرين كان بسبب مذهبه الشيعي، وكذلك انتقاما من نشاط أخيه السياسي، وكذلك الآن سجنه في تايلند.
لم يمارس حكيم دورا سياسيا ولا حقوقيا منذ حملة المعارضة ضد ترشح سلمان بن إبراهيم آل خليفة لرئاسة الفيفا عام 2016، ولكن لا يهم البحرين أن يكون حولها ضجيج مثل ضجيج خاشقجي، بلا أدنى دافع سياسي حتى.
كريغ فوستر، كابتن المنتخب الأسترالي السابق الذي يقود حملة الدفاع عن حكيم، يقول إن الأمر لا يتعلق بالترحيل، بل "بالسيطرة والسلطة والانتقام".
رغم أن قضية حكيم العريبي مدعاة للشعور بالأسى بالبحرين، لكنّها أيضا كانت رأفة بهذا البلد المنكوب أهل حكيم فيها. باسم حكيم، عرف العالم محنتهم الصامتة تحت نيّر الاضطّهاد والقمع.
"يجب عليّ أن أكون قويا. لقد اشتقت إلى زوجتي، أنا أحبها... لقد جاءت إلى أستراليا بسببي".
في المحكمة صرخ حكيم العريبي "لا أريد العودة للبحرين، أريد أن أعود إلى أستراليا... أنا أسترالي... ولست بحرينيا".
لقد صدق مثقف بحريني يقيم في المهجر حين قال "الوطن ما وطّنك... لا ما استوطنك".