الظهور الأول لوزير المالية عن خفض العجز: «من حدّك تچذّب؟ قال من ردّاني؟»
2019-02-07 - 2:24 ص
مرآة البحرين (خاص): «من حدّك؟ قال من ردّاني؟». هذا مثلٌ قديم يردده البحرينيون. ويُقال عندما يرتكب أحدهم فعلا قبيحا، ليس بسبب أن أحدهم دفعه (حدّه) لارتكابه بل لأنه لم ولن يجد من ينهاه (يردّه) عن فعل ذلك.
هذا المثل ينطبق على الكذب الصريح الذي أعلنه وزير المالية والاقتصاد الوطني سلمان بن خليفة آل خليفة، عندما أعلن أن البحرين تمكنت العام الماضي 2018 من خفض العجز في الميزانية العامة بنسبة 35% بسبب خطط إعادة الهيكلة والبدء الفوري في تطبيق برنامج التوازن المالي.
يعلم معالي الوزير الجديد أن أيا من رؤساء تحرير الصحف والكتاب والصحفيين الذين كانوا يستديرون حوله لن يقوموا بمساءلته عن هذا الهراء. بل على العكس من ذلك قامت الصحف بالترويج لمحاولاته تضليل الرأي العام.
لقد كتبت الصحف على صدر صفحاتها عناوين مثل «إعادة الهيكلة خفضت العجز في الموازنة» وروّجت إلى النجاح الفوري لبرنامج التوازن المالي. لقد مررت الصحف ما يريد الوزير بيعه على الناس من أوهام.
لماذا لم يسأله الصحافيون: أي خطط الهيكلة في الميزانية العامة التي تم تطبيقها بدءا من 2015 ساهمت في «النجاح»؟ ولماذا استمر تنامي العجز والدين العام أيضا حتى أشرفت الحكومة على الإفلاس لولا تدخل الدول الخليجية؟
لماذا لم يسأله الجالسون: كيف يكون لتطبيق برنامج التوازن المالي أثر على خفض العجز في الميزانية وقد تم الإعلان عن البرنامج قبل 4 أشهر من نهاية العام؟ وأي المبادرات دخلت حيّز التنفيذ لكي تنجح في تحقيق هذه النسبة الكبيرة من الخفض؟
ووفقا لما أعلنته الحكومة فإن البرنامج يحتوي على مبادرات لـ «تقليص المصروفات التشغيلية للحكومة، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، وطرح برنامج التقاعد الاختياري لمن يرغب فيه من موظفي الحكومة، وزيادة كفاءة هيئة الكهرباء والماء لتحقيق التوازن بين إيراداتها ومصروفاتها، وتعزيز كفاءة وعدالة الدعم الحكومي المباشر لمستحقيه من المواطنين، إلى جانب تسهيل الإجراءات الحكومية وزيادة الإيرادات غير النفطية».
هذه هي المبادرات التي أعلنت الحكومة عن العمل عليها حتى 2022 لتحقيق التوازن المالي. المبادرة الوحيدة التي تم تطبيقها هي «التقاعد الاختياري» ودخلت حيّز التنفيذ مطلع العام 2019. أما المبادرات الأخرى كرفع الدعم عن الكهرباء وإعادة هيكلة الدعم النقدي المباشر للمواطنين فهي في مرحلة الدراسة والتشاور مع البرلمان.
أراد الوزير أن يروّج لنجاحات وهمية لبرنامج الحكومة واستعجال قطف ثمار لن تجنيها الحكومة إلا من جيب المواطن الفقير. لذلك حاول الوزير أن يقنع المواطنين الذين تزداد معارضتهم لسياسات الحكومة أن ما يقوم به «من شأنه أن يعود بالخير والنماء على الوطن والمواطن» كما زعم.
أما حقيقة خفض العجز فهي ليست بسبب أداء الحكومة إنما هي بسبب ارتفاع أسعار النفط. لقد أظهرت الأرقام أن متوسط أسعار النفط بلغ بنهاية العام 2018 نحو 67 دولارا للبرميل. وهذا كان السبب الرئيسي لخفض عجز الميزانية.
فقد اعتمدت البحرين سعر 55 دولار لبرميل النفط عندما وضعت ميزانيتها للعام 2018، وقدّرت العجز في الميزانية حينها بنحو 3 مليارات دولار، لكن ارتفاع متوسط سعر النفط لـ 67 دولارا للبرميل الواحد أوجد فارقا بلغ 12 دولارا عن السعر المقرر.
وبحساب أن البحرين تبيع 250 ألف برميل يوميا فإن الإيرادات النفطية زادت نحو مليار دولار أي ما نسبته 33% تقريبا من العجز التقديري، وهي نسبة مقاربة لما أعلنه الوزير.
لا يريد سلمان بن خليفة الاعتراف بفشل الحكومة الدائم في تنويع مصادر الدخل، والإقرار مجددا أنها لا زالت تعتمد بشكل رئيسي على الإيرادات النفطية، لذلك حاول أن يروّج لنجاحات موجودة في مخيّلته فقط.