من سنغافورة لفنلندا... عندما يكون التعليم هواية من هوايات أنجال الملك
2018-12-12 - 8:10 ص
مرآة البحرين (خاص): هكذا فجأة، بعد مرور نصف العام الدراسي، ألغى وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي الواجبات المدرسية، وقال إنه: لا واجبات إلا داخل المدارس بدءاً من الفصل الدراسي الثاني.
يجب التأكيد إن هذا التقرير لا يعارض القرار، لكنه يعارض الطريقة التي اتخذ فيها هذا القرار.
بالأمس قال المغرد البحريني خالد المرباطي عبر حسابه على منصة تويتر «قرار وزارة التربية والتعليم لم يكن مدروساً، والدليل إنه يأتي بشكل مفاجئ بعد خطاب سمو الشيخ ناصر، وقبل انعقاد البرلمان، ويأتي القرار الإيجابي فقيرا في منتصف الفصل الدراسي الثاني دون أن يصاحبه استراتيجية حقيقية للنهوض بالتعليم، ويعطي دلالة بأن المجتمع برمته رهينة شخطة قلم مسؤول».
كل الحقيقة فيما قاله المرباطي، ففي قمة الشباب 2018، اصطفت الحكومة -عدا خليفة بن سلمان- وكبار المسؤولين ومستشاري الملك ورؤساء مجلسي الشورى والنواب، ليستمعوا لحِكم ناصر بن حمد، وليوجه أسئلته ومداخلاته للوزراء. كان بعضهم ينتفض في مشهد درامي.
قدم ناصر بن حمد مداخلة نقدية للقطاع التعليمي، إثر كلمة وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، طالب «الوزير بأهمية الاستفادة من التجربة الفنلندية في التعليم والنجاح الباهر لها والتي أنتجت أعلى نسبة للثقافة في العالم هي في فنلندا على الرغم من عدد ساعات الدراسة التي تعتبر الأقل على مستوى العالم».
بعد هذه الكلمة خرج بعض المحلّلين والمغردين ليقولوا إن النعيمي طارت منه الوزارة، لم تصب تحليلاتهم، بل زادت الحكومة من بني عمومته فردًا، لكنه في أول قرار له بعد (تعيينه الجديد) قرر إلغاء الواجبات الدراسية خارج المدرسة. ذلك القرار الأقرب إلى الارتجال، بدا واضحاً أنه إستجابة لتوجيهات نجل الملك ناصر بن حمد.
تلقي هذه الحادثة الضوء على الطريقة التي يتم بها تسيير أمور البلاد والعباد في البحرين، قرار كهذا، رغم إيجابيته، يمس مستقبل آلاف الطلبة، لم تتم دراسته بل تم اتخاذه بناء على توجيه من ابن الملك. كما يأتي هذا القرار ليزيد من حزمة الأسئلة التي تتدفّق مؤخراً دون إجابة حتى الآن، عن الوضع التي ستكون عليه المدارس الحكومية بدءاً من الفصل الدراسي القادم، وما إذا كانت هناك قرارات مفاجئة أخرى سنسمع عنها قريباً.
أنباء يجري تداولها في الأوساط التربوية عقب انتقادات نجل الملك، عن توجّه وزارة التربية نحو تخفيض عدد ساعات اليوم المدرسي في المراحل التعليمية المختلفة وعودة نهاية الدوام المدرسي إلى الواحدة والنصف كما كان في السابق وعدد الحصص إلى 6 بدلاً من 7، وهي قرارات لا شك ستسعد الطلبة وأولياء الأمور، كما أن إشادة حمد بن ناصر بعدد ساعات الدراسة القليلة في التجربة الفنلندية، تصبّ في هذا الاتجاه.
كما يجري تداول تأكيدات عن سير البحرين على خطى شقيقتها السعودية في ضم الصفين الأول والثاني لمراحل رياض الأطفال، بحيث تبدأ المرحلة الابتدائية في المدارس الحكومية من الصف الثالث الابتدائي. يبدو هذا التقليص منسجماً مع ما سيأتي من خلو الميدان التربوي مما يزيد عن 4000 معلم ومعلمة تقدّموا لبرنامج التقاعد الاختياري، الأنباء تشير إلى أنه سيتم إحالتهم للتقاعد على دفعتين خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الحالي، الأولى ستكون مع بداية الفصل الثاني. ما يعني أننا سنشهد خلو المدارس والصفوف الدراسية من المعلمين، خصوصاً مرحلة نظام الفصل التي تعتمد المدرس الواحد.
وفيما يخصّ التجربة الفنلندية التي وجّه نجل الملك إلى الاستفادة منها، هل سنشهد في المرحلة المقبلة دفع وزارة التربية باستنساخها على غرار ما حدث قبل سنوات مع التجربة السنغافورية؟ ألم تصرف مئات آلاف الدنانير على استنساخ التجربة السنغافورية التي كان ولي العهد معجباً بها؟ ألم ترسل الوفود إلى سنغافورة، ثم عقدت الدورات لبعض المدرسين للتعرف على كيفية العمل بتلك التجربة؟ ما الذي استفادته البحرين (فعلياً) من محاولة الاستنساخ السابقة للتجربة السنغافورية التي قُدّمت كأهم تجربة تعليمية حينها؟ في الواقع: لا شيء. لقد ضاعت كل الأموال التي ضخّت في ذلك المشروع وتبددت الآمال واصطدمت التجربة بالتطبيق على أرض الواقع.
والسؤال الأهم اليوم: ماذا لو سارت وزارة التربية اليوم في محاولة لاستنساخ التجربة الفنلندية وصرفت مئات الآلاف أخرى من الدنانير على غرار التجربة السابقة؟
هذا ما سنفرد له تقريراً خاصاً.