بعد جمعيات المعارضة، مرحلة التخلص من جمعيات الموالاة وعزلها ... إنّها السياسة يا رعاك الله
2018-12-04 - 5:19 م
مرآة البحرين (خاص): مع الأمر الذي أصدره ملك البحرين أمس الاثنين (3 ديسمبر 2018) بمنع عضوية مجلس الشورى لأيّ مُنتمٍ لأية جمعية سياسية، يكون الملك قد أتمّ قانون العزل السياسي على الجميع موالاة ومعارضة.
وكما قال قيادي معارض لمرآة البحرين قبل نحو شهر فإن «الملك لم يفِ بوعوده في تطوير التجربة البرلمانية. وها هو هو يتراجع عن مشروعه الذي بشّر به (...) بدلا من الوصول إلى الملكيات العريقة، أصبحت السلطة تفضّل برلمانا من المستقلين، لا مكان فيه حتى للأحزاب الموالية».
أوصد الملك أبواب مجلس الشورى في وجه الجمعيات الموالية، خصوصا التي لم تفز بشيء يذكر أو أنها خسرت تماما، كجمعيات: الرابطة الإسلامية، والمنبر الإسلامي (تيار الإخوان)، وجمعية الميثاق، وجمعية الوسط العربي الاسلامي، وجمعية تجمع الوحدة الوطنية، وآخرين.
تماما كما القرن الثامن عشر في أوربا، حيث البرلمان يقتصر على طبقة النبلاء فقط، لم يعد مقبولاً في البحرين سوى الضباط السابقون والعساكر، وحرّاس الملك، وخدم أبنائه، وأبناء العوائل التجارية القريبة من العائلة الحاكمة، وابن سوسن الشاعر، ليكونوا في الشورى تحت بند أهل «الكفاءة والخبرة».
بدأ الأمر عندما صادق الملك حمد بن عيسى آل خليفة على قانون العزل السياسي بمنع «قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية المنحلة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور مملكة البحرين أو أي قانون من قوانينها»، ويعني بذلك جمعيات المعارضة الوفاق، وعد والعمل الإسلامي.
ومع وضع قوائم الناخبين تحضيرا للعملية الانتخابية، تم اكتشاف كتلة كبيرة من المواطنين إسقاط أسماءها من القوائم، ففي سترة وحدها تم اسقاط أسماء أكثر من ألف و500 ناخب، وهكذا في المناطق الأخرى.
وعندما حاولت شخصيات (كانت يومًا ما قريبة من المعارضة) الترشح للانتخابات، تم استبعادهم بسبب عضوياتهم السابقة في جمعيتي الوفاق ووعد، بين هذه الأسماء يوسف البوري، محمد حسن العرادي، نادر عبدالإمام، والفنان ابراهيم بحر.
الجمعيات الموالية لم تكن في وضع مريح، تم الضغط بطرق مختلفة عليها. اكتفت جمعية المنبر الإسلامي بترشيح اثنين سقطا في الانتخابات، وكانت حصيلة الجمعية صفراً كبيراً، لولا طريقتها القديمة الجديدة بالترشيح من تحت الطاولة التي أنقذتها بفوز عمار قمبر في سابعة المحرق. الجمعيات الأخرى كتجمع الوحدة الوطنية، والأصالة، كانت حصيلتها الانتخابية هزيلة جداً.
ويجب التذكير أن العزل السياسي طال بطرق مختلفة عددا من النواب الموالين، تم رفض ترشحهم في انتخابات 2018، مثل: خالد الشاعر، أنس بوهندي، جلال محفوظ، وماجد الماجد، ولم يرشح رئيس مجلس النواب أحمد الملا نفسه مجدداً بسبب فيتو من رئيس الحكومة على ترشحه، وكذلك النائب الأول للرئيس علي العرادي الذي حاول لعب دور أكبر من حجمه بين أجنحة الحكم فتم إبعاده من اللعبة.
تعليقاً على الأمر الملكي الجديد بمنع عضوية الشورى عن أي منتم لجمعية سياسية، يقول القيادي المعارض ابراهيم شريف «بعد حل ثلاث جمعيات سياسية وحرمان أعضائها من حقوقهم السياسية، وإضعاف ما تبقى من جمعيات ومنع أعضائها من تقلد مناصب قيادية بالأندية، يأتي اليوم إعلان بحرمان من تبقى من عضوية مجلس الشورى».
أما النائب السابق عن كتلة الوفاق علي الأسود فقد سخر من الأمر بقوله، إن« صدر اليوم بند إضافي جديد مقيد للحرية: ألا يكون العضو منتمياً لأية جمعية سياسية». ليعلق «على أساس أنّ مجلس الشورى في السابق كان يحوي خبرات من الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني!، هو أداة سليطة ضد أي تجاوز خلاف رغبة القصر من البرلمان لأي سبب كان».
الإعلامي المعارض جواد عبدالوهاب رأي من جهته أن الأمر الملكي بإخلاء الشورى من أعضاء الجمعيات السياسية يوضح مراحل خدعة عام 2001، أولا تم حل الجمعيات ثم سجن أعضائها ثم محوها ثم شطبها الخ، القصة تشبه الى حد كبير قصة الديك الذي طلب منه إما أن يبيض وإما أن يقتل».
العزل الجديد الذي خص به الملك الجمعيات الموالية، يمكن تصوره كتخلص من جميع تركات تكتلات الموالاة في 2011، ومشهد تراجيدي لشخصيات وتيارات شاركت مع النظام وناصرته في سفك الدم وهتك الأعراض والحرمات، ولا تزال تصرّ أن هذه المواقف تعدّ من أكروماتها الوطنية التي تستوجب إعطائها المناصب وتقربها مدى الحياة، لكنها السياسية يارعاك الله، ذق إنك أنت المُوالي القريب.