حكاية أخوات ثلاث ... زوجان وأربعة أطفال وجنين ميت
2018-12-03 - 4:02 ص
مرآة البحرين (خاص): بينما كان المجلس الأعلى للمرأة يحتفي بيوم المرأة البحرينية في الأول من شهر ديسمبر، كانت طفلة لا تتجاوز السادسة من عمرها تجلس إلى جانب أخيها الذي يصغرها وتنقل شهادتها في رعب يلمع من عينيها: «دخلوا علينا البيت، وأخذوا أمي، وخالتي إيمان وآمال، واللي دخلوا علينا كوماندوز لابسين ثياب سودان، ومدنيين لابسين ثياب صفران، وشغب لابسين ثياب زرقان، وراح واحد من المدنيين دخّلنا المطبخ مع عمي إسماعيل ( زوج آمال)، وقف واحد من المعضلين من الكوماندوز عند دريشة المطبخ علشان محد يطل واحنا نصيح».
كان ثمّة احتفاء آخر بالمرأة البحرينية في ذلك البيت: قوّات أمنية تداهم البيوت وتروّع الأطفال وتعتقل ثلاث أخوات دفعة واحدة. إنّه أحد أشكال الاحتفال السفلي للسلطات البحرينية بيوم المرأة البحرينية.
الناشطة الحقوقية زينب خميس، نشرت شهادة الطفلة البحرينية معصومة علي الشغل، بالصوت والصورة عبر منصة الانستغرام. تروي ما جرى فجر 29 نوفمبر الماضي، حينما تم الهجوم على منزلهم في منطقة الدراز واعتقال والدتها فاطمة، وكل من خالتها إيمان وخالتها آمال.
تعلق زينب خميس: «شهادة مؤثرة جداً إلى الطفلة معصومة ابنة المعتقلة فاطمة علي تروي قصة اعتقال والدتها وخالاتها، المعتقلة فاطمة علي أم إلى ثلاثة أطفال اعتقلت في (21 يوليو 2017)، وهو اليوم الذي اعتقل فيه زوجها علي الشغل وتم إخلاء سبيلها مع أخواتها بعد أشهر إلى حين صدور الحكم، وتم إصدار حكم بالسجن ضدها وضد أختيها إيمان وآمال لمدة 3 سنوات مع وقف التنفيذ، إلى أن تم اعتقالهم مجدداً في 29 نوفمبر 2018 بعد مداهمة منزل أختها آمال علي التي عانت الكثير في الاعتقال السابق لأنها كانت تنتظر جنينها حيث تم اعتقالها في 2017، وهي حامل في أول شهورها، وتعرضت لحالات إغماء وتعب شديد داخل السجن وبعد إخلاء سبيلها، وبسبب شدة التعب والإهمال سقط جنينها بحسرة وألم».
وتابعت خميس «أما إيمان علي فهي أم لطفلة واحدة عمرها 3 سنوات بحاجة إلى حنان وحب والدتها ووالدها محسن العالي الذي اعتقل في ذات اليوم بتهمة التستر»، متسائلة «فما هو ذنب هذه الطفلة كي تنمو بعيداً عن عائلتها؟».
وبموجب توثيق حقوقي مؤكد، فقد تعرضت الأخوات الثلاث عند اعتقالهن في 2017 للتعذيب والمعاملة السيئة أثناء التحقيق معهن في الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، وقد تعرضن للضرب والتهديد بالاغتصاب وتم شتمهنّ بشكل مهين جداً.
مثل هذه الحكايا لا تُروى عن المرأة البحرينية فوق منصّات الاحتفال الفاخرة والباذخة التي تكرر نفسها كل عام. أطفال محرومون من رعاية أمهاتهم وآبائهم لأسباب سياسية. في اليوم ذاته الذي اعتقلت فيه الأخوات فاطمة وإيمان وآمال، دمّر القاضي في المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، حياة أسرة بحرينية أخرى بالكامل، وذلك بعد أن حكم على زوجين بحرينيين بالسجن (عام للزوجة وسبعة أعوام للزوج) وإسقاط جنسيتهما معًا، وترك طفليهما الصغيرين محمد وأمير للضياع.
يقول دستور 2002، (انفرد الملك بإصداره دون رأي الشعب ولكن يفترض أن يتم حُكم البحرين عبر نصوصه)، في مادته الخامسة إن «الأسرة أساس المجتمع»، ومن قصة الأخوات الثلاث وأزواجهن وأربعة من أبنائهن دون آباء، مع جنين تم فقدانه بسبب اعتقال الأم، يجيء السؤال: ماذا بقي من أساسات الأسر الثلاث ومعهن المجتمع؟
هذه الاعتقالات لها أثر مباشر على أفراد الأسرة التي تعتبر دعامة أساسية من دعائم البناء الاجتماعي، فالاعتقالات لا تمثل فقط معاناة للمعتقل أو المعتقلة، إنما تترك عواقب وخيمة على الأطفال والعائلة. غياب الأم أو الأب يؤدي إلى اختلال كبير في العائلة، مع وجود حالة من القلق والتوتر والاضطرابات النفسية وقلة النوم، والشعور بعدم السعادة وعدم الاحساس بالحنان والفرح لعدم تمتعهم بالحياة مثل باقي الأطفال، وهذا بالطبع سيؤثر على نموهم ومستقبلهم، وستبقى صور المداهمة والجلاد المقنّع والسجّان والقيود في مخيلتهم دائماً.
يتكرر السؤال: ما ذنب هؤلاء الأطفال، الذين تتوارد معاناة كثير منهم من أعراض حقيقة جراء فقدان الأب أو الأم أو كليهما في قضايا يتم هندستها سياسيا بهدف الانتقام؟
ولأجل ذلك، لا تحظى النساء المعتقلات في قضايا سياسيّة وأُسرهنّ بأي دعم أو تعاطف من المجلس الأعلى للمرأة الذي ترأسه زوجة الملك سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة، بل على العكس ففي شهر فبراير 2018 بررت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة في البحرين هالة الأنصاري، وجود سجينات على ذمة قضايا سياسية بالبلاد، قائلة إن المعتقلات البحرينيات تم اعتقالهن لأنهن «قمن بقضايا تمس أمن الدولة أو تقع تحت وطأة الإرهاب».
في بيان لها قالت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، إن النظام في البحرين أقدم على اعتقال 994 إمرأة بحرينية منذ انطلاق الحراك الشعبي المطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في العام 2011.
النساء في كل أرض يعاملن كالورد وتسّن الدساتير والقوانين لحفظ حقوقهن، ويتم حفظ هذه الحقوق فعلا لا قولاً، بينما في البحرين تداس هذه الورود وتقطّع.