صورة من صحف العام 2014: أولوية التوظيف والخدمات للمشاركين في الانتخابات؟ هل تتذكرون هذا؟
2018-11-22 - 10:52 ص
مرآة البحرين (خاص): الحكومة تهدد من؟ ورئيس مجلس النواب أحمد الملا يهدد من؟ ومن الذين ستعاقبهم الحكومة إن قاموا بمقاطعة الانتخابات؟ هل هم من قاطعوا الانتخابات منذ 2002 حتى الآن؟ هل هم من قاطعوها منذ الانتخابات التكميلية في سبتمبر 2011 وما تلاها في 2014 حتى حذفتهم الحكومة من جداول الناخبين وما عاد لهم وجود في قاموس السلطة؟ ما الجديد أصلاً في هذه التهديدات؟
في العام 2014 تصدر خبرالصفحة الأولى لجريدة الأيام، يقول العنوان: «أولوية التوظيف والخدمات الحكومية للمشاركين في الانتخابات». وتلا هذا الخبر خبرٌ آخر، يقول «مجلس الوزراء يناقش أولوية التوظيف والخدمات الحكومية للمشاركين في الانتخابات». يومها كتب أحدهم مطوّلة في الثناء على التصريحين التهديدين، استهله بالجملة التالية: "لا لتوظيف الإرهابيين".
في المقابل، يمكن القول إن المحامي عبدالله هاشم من بين أوائل من أشار إلى مقاصد تلك الرسائل، وقال حينها «إن إطلاق بالون خبري حراري من هذا القبيل يقصد به ترهيب وتخويف من سيقاطع من (المواطنين) السُنّة». مضيفًا، أن «أي قرار يصدر بربط (أولوية التوظيف والخدمات الحكومية بالمشاركة في الانتخابات) هو قرار غير دستوري وخارج على القانون».
خرج بعدها وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وأكد بالفعل إن مجلس الوزراء حول دراسة مقارنة لتشريعات عدد من الدولة المتقدمة تربط أولوية التوظيف والخدمات الحكومية بالتصويت في الانتخابات، إلى اللجنة الوزارية لدراستها، لكنه نفى فرض عقوبات على المتخلفين عن المشاركة بالانتخابات الأخيرة، لعدم وجود نص قانوني. وترك الباب مفتوحاً بعد أن تركت رسائل التهديد أثرها.
مرّت السنوات الأربع وشارك من تم تخويفهم من المواطنين، ليطرح الآن التساؤل الكبير: هل حصل المشاركون على أولوية التوظيف والخدمات الحكومية أم تمت مزاحمتهم بالمجنسين؟ هل شعروا بأولوية في خدمات الإسكان، والصحة، والتعليم؟
لنأخذ واحداً من أبرز عتاة ودعاة ومناصري القمع الوحشي في البحرين، وهو هشام الزياني الكاتب الذي انتقل من معسكر لمعسكر بعد خفض راتبه في صحيفة الوطن، كتب قبل يومين «احنا ناقصين تزوير جنسيات وجوازات، البلد بتنفجر من السكان الجدد، ارحمونا يا جماعة»، ويسأل «كم جنسية زورت خلال 7 سنوات وكم المبالغ التي دفعت».
لقد تعدّى الأمر بكثير قدرة مناصري السلطة على التحمل، وبات الحديث عن مقاطعة الانتخابات يدور بوضوح في مجالسهم. صحيح أنهم قد لا يقاطعون الانتخابات، لكنهم اليوم يهمسون بمخاوفهم، والسلطة تخاف حتى من الهمسات، فهي تحاول عبر التخويف قتل حتى الرغبة في أخذ مسافة عنها، أو إعلان عدم الرضا.
لقد باع قادة الموالاة كل شيء وقبضوا الثمن من عبداللطيف المحمود، وعدد من رجال الدين وكبار التجار الذين انخرطوا معه في تجمّعه، إلى جماعة الإخوان المسلمين، إلى جمعية الأصالة السلفية التي باتت تفعل ما كانت تعيبه على الإخوان من تلوّن سياسي، جميعهم قبضوا وابتعدوا عن جماهيرهم التي صُفعت، كباقي البحرينيين، بالضريبة الانتقائية أولاً، وبعدها ضريبة القيمة المضافة، وتوسيع أعداد الموالين عبر التجنيس حتى بات الآسيويون والمصريون (البحرينيون الجدد) يزاحمون بشراسة على المنافع الموعودة، دون أن تلتفت السلطة لشكواهم فضلًا عن أن تسمعها.
إن تصريح أحمد الملا المنشور الأربعاء (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018) وتصريحيّ أسامة الخاجة ومحسن البكري تؤشر بوضوح إلى البيئة السياسية والاجتماعية المستهدفة. إنها جماهير الموالاة التي باتت غير راضية بالواقع المرير الذي وصلت له البلاد، وصار لابد من ترهيبها للإذعان ودفعها لأداء واجبها بالمشاركة في عملية انتخابية بالتأكيد ليست في صالح عوائلهم ومستقبل أبنائها.
تعود السلطة المفلسة للدفاتر القديمة لتفعل ما فعلته في 2011 مع البيئة المعارضة في البحرين في الانتخابات التكميلية في سبتمبر 2011، لكنها فشلت تماماً مع تماسك قيادة المعارضة، وكذلك كان الفشل نصيبها في انتخابات 2014. إن لجوء السلطة لبعث رسائل موقّعة من وزير العدل لأعداد كبيرة من الشباب البحريني من مواليد أواخر الثمانينات ومنتصف التسعينات تستجدي المشاركة، ومثلها من وزير التربية يعني أن التجربة البرلمانية الرسمية لم تعد تقنع أحدا من الموالاة والمعارضة.
صحيح أن التوظيف والخدمات الإسكانية هي حقوق دستورية للمواطنين، لكن «التجربة البرلمانية» جاءت على حقوق المعارضين، وتهدد اليوم الموالين. لقد تمت تجزئة الحقوق المصانة من أرزاق الناس وسكناهم، وها هي السلطة تلعب الآن في أرزاق وسكن ومستقبل الجميع.