طوفان التقاعد يشلّ مدارس البحرين: بتتركوها للوافدين؟.. والمعلمين: أيدينا قادرة لكنّنا مرغمون!
2018-11-16 - 8:19 م
مرآة البحرين (خاص):
قرابة 40 معلمّة من مدرسة غازي القصيبي الثانوية للبنات تقدّموا بطلب التقاعد الاختياري الذي عرضته الحكومة، 36 معلّمة من مدرسة جدحفص الثانوية بنات، 29 معلّمة من مدرسة السنابس الابتدائية للبنات، 20 معلمة من مدرسة الإعدادية للبنات، 19 معلمة من مدرسة طليطلة الابتدائية للبنات، 19 معلّمة من مدرسة حليمة السعدية الابتدائية للبنات، 15 معلّماً من مدرسة البلاد القديم بنين بينهم المدير والمدير المساعد،...، والقائمة تطول. هل تريدون أرقاماً أكثر، أم يكفي هذا الحدّ؟
"لمين بتخلّوا المدارس؟ بتتركوها للوافدين؟ انتو اللي شايلين المدارس!! حتتركوها لمين؟!"
هذا ما قالته مديرة إحدى المدارس لمعلماتها اللاتي ستخلو منهن المدرسة في العام القادم. للمفارقة فإن المديرة نفسها هي من الوافدات الحاملات للجنسية البحرينية، لكنّها تعلم أن هؤلاء المعلمات البحرينيات هنّ أوتاد المدرسة الحقيقة، فهنّ من يشغلن التخصصات الرئيسية وهنّ من يحملن على أكتافهنّ المخلصة ثقل تنوء عنه الجبال. مدراء المدارس يكادون يصفعون وجوههم من المجهول الذي ينتظرهم العام القادم بعد خلو مدارسهم من الكفاءات!
لم يُعلن حتى الآن عدد المعلمين المتقدمين لعرض التقاعد الاختياري، لكننا نعلم أن غالبية المستجيبين لهذا العرض -أعلن ديوان الخدمة أن عددهم بلغ 9000 موظّفاً حكومياً- هم فئة المعلمين. وزارة التربية لم تكترث بإعلان ما يمثّلها من هذا العدد الضخم، لكن يتم تداول أنه يفوق 4000 معلماً ومعلمة، وبعض الأرقام تشير إلى 6000. هذا العدد الضخم لم يستفزّ وزارة التربية والتعليم لتتساءل لماذا وأين الخلل؟! ولم يقلقها أن تخسر أعداد كبيرة من الكفاءات المتميزة التي ما زالت يدها قادرة على العطاء بسخاء؟ بل أنها لم تكترث بأن تطلب من أي واحد من الكفاءات المعروفة والمشهود لها في الميدان التربوي بالتريث كي لا يخسرهم نظامها التعليمي. وإذا صدق الرقم المتداول حول عدد المتقدمين للتقاعد الاختياري من المعلمين والمعلمات فمن سيبقى في مدارس البحرين؟ ومن سيتولى تعليم أبناءنا في الأعوام المقبلة؟ هذا هو السؤال الذي بدأ يشغل البحرينيين بعد أن راحت سكرة (عرض) التقاعد الاختياري، وجاءت فكرة من سيبقى؟!
كان مشهد توافد المعلمين والمعلمات يوم أمس الخميس 15 نوفمبر 2018 إلى «معهد الشيخ خليفة» في المحرق مؤلماً. جميع المعلمين الذين كانوا فرحين بقبول طلبهم للتقاعد الاختياري شعروا بغصّة عندما شاهدوا أعداد المعلمين والمدراء والمدراء المساعدين والمعلمين الأول الذين ظلّوا يتوافدون على هذا المكان منذ الساعة الثالثة ظهراً وحتى بعد الثامنة مساء. خمسة وعشرون لجنة، عملت طوال هذا الوقت لاستيعاب عدد المعلمين الذين تلقوا اتصالاً يفيد بحضورهم في مواعيد محددة لاستكمال بعض الأوراق، وهناك عدد آخر لم يتم الاتصال به بعد سيكون ضمن دفعة ثانية كما يتداول.
في معهد الشيخ خليفة لن ترى سوى الوافدين، ابتداء من حارس المدرسة إلى رجال الأمن إلى المنظمين. البحرينيون ندرة. إحدى المعلمات تقول: رأيت معلمين وافدين ينظرون إلى أعداد المعلمين الذين بدا شكلهم حجيجاً من كثرتهم، وكان الاثنان يتهامسان ويتضاحكان، وكأنهما يقولان لقد ترك هؤلاء المكان فارغاً، ونحن من سيملأه. شعرت بغصة واحتبست في عيني دمعة".
أحد المعلمين لم يستطع كتم غصّته التي غادر بها، نشر في وسائل التواصل المجتمعي قائلاً " في البداية وعندما أقدمت على تقديم أوراقي للتقاعد كنت سعيدا جدا لأنني تقريبا أكملت المدة، لكن بعد ذهبت اليوم مساء للتوقيع بمعهد الشيخ خليفة حز بنفسي الجموع الغفيرة من خبرة شباب وشابات الوطن وهي تودع مهنة التعليم، فقلت لنفسي ما الذي دعا هؤلاء البشر للإقبال على التقاعد". أوضح " أنهم نخبة من أبناء هذا الوطن المغادرين من سلك التعليم بعد أن أفنوا شبابهم فيه، ولكن بدون تكريم ولا حافز ولا ترقيه إنما بعمل شاق جدا وفي بيئة غير متوازنة، خليط بين جنسيات مختلفة وبين عقليات تدير التعليم من الغرف المغلقة فعلى التعليم السلام من بعدكم يارفاق الدرب وهنيئا لكم تقاعدكم".
ونشر آخر تحت عنوان "الهجرة الصامتة" مستنكراً أن تتواجد في مكان واحد ووقت واحد كل هذه الأعداد من المعلمين المتقدمين للتقاعد دون أن يكون هناك أي حضور إعلامي أو حضور يمثل وزارة التربية، ودن أن يثير ذلك أي تساؤل حول ما دفع كل هذه الأعداد للتهافت على التقاعد بهذا الشكل. يقول " تهافت المئات من المعلمين والمعلمات للتوقيع على الإجراءات الأولية للتقاعد الاختياري في معهد الشيخ خليفة بن سلمان وسط صمت رهيييب ومؤلم يعكس حجم المعاناة والشقاء الذي يعيشه المعلم. أين غابت الصحافة عن هذا الحدث العظيم والجلل ؟؟!!! لم نرى أي صحافي يرصد ويراقب المشهد ويدون في مفكرته مقالا أو وصفا أو حتى مقابلة مع المعلمين والمعلمات ولم نرى مصورا يوثق بكاميرته المشهد الحقيقي والواقعي للحدث الجلل.
أيها الناس
وتساءل "أين غاب رؤساء التعليم وعلى رأسهم وزير التربية عن هذا الحدث العظيم والجلل؟ فلم نرى أي رئيس أو مدير في وزارة التربية يرصد ويراقب المشهد. لم نرى أي مسؤول يسأل موظفيه لماذا ستخرجون؟! أو مما تشكون؟!" وأضاف مستنكراً "من غير المعقول أن تطبع قوائم أسماء المعلمين والمعلمات بأرقامهم الشخصية ورؤساء التعليم لا يعلمون عن أعدادها التي تقدر بالآلاف!!"
وختم قائلاً..
"اعلموا أيها الناس أننا سنغادر.. لكن رغما عنا"..
وعلّقت أخرى بحسرة..
"أيدينا قادرة على العطاء، لكنّها مرغمة على المغادرة"