ضياء عياد: الإعلام في البحرين بين خطاب التلميع ومحاولة إسقاط المعارضة
ضياء عيّاد - 2018-11-14 - 2:14 م
في الدول الديمقراطية عادة ما يكون الإعلام هو المسؤول عن صناعة الرأي العام، أما في البحرين فالأمر مختلف تماماً حيث لا مكان لأي رأي عام خارج الإطار الرسمي فالنظام يرمي بالمعارضة وبأخبارها خارج المنظومة الإعلامية ويمنعها من ممارسة أي دور يُذكر.
ويرى المتابعون للسلطة الرابعة في البحرين والتي من المفترض أن تُمارس دوراً رئيسياً في مراقبة أداء النظام وسياساته على مختلف الأصعدة، أنها وُضِعت أمامها الأسلاك الشائكة لإعاقة أي جهة إعلامية من تنفيذ عملية إيصال أخبار الحراك السلمي الذي تشهده البلاد منذ انطلاقة ثورة 14 فبراير في العام 2011، وتشكل "الأحادية الإعلامية" النظام السائد في البحرين الْيَوْمَ حيث تغيب المؤسسات الإعلامية والصحف المستقلة في مقابل سيطرة شاملة للإعلام المحسوب على بيت الحكم، والتي يهيمن عليها خطاب الكراهية من جهة والخطاب التلميعي من جهة أخرى.
وليس هناك من تمايز بين الدعاية والإعلام عند بيت الحكم حيث ينتهج النظام خطاباً مزدوج المعايير، ففي مقابل الصورة المشرقة التي يحاول أن يظهرها عن نفسه يعمد إلى تقديم المعارضة بأبشع صورة ممكنة تمهّد لتنفير العالم منها وتمقت التعامل معها.
في الصحف والمواقع الإلكترونية الرسمية وعلى شاشة تلفزيون البحرين الرسمي تنحصر الرسالة الإعلامية في تغطية مواقف السلطة ونشاطاتها واستضافة كل من يتماهى مع تطلعات السلطة ويخدم مشروعها السياسي في إدارة البلاد، في مقابل تغييب تام لأي وجوهٍ معارضة اللهم إلا بثّ المواد التي تحرّض عليها وترسّخ الصورة النمطية عنها والقائمة على مزاعم الإرهاب واتباع أجندات خارجية ومحاولة قلب نظام الحكم التي رسمتها حول من يطالب بالتحول نحو الديمقراطية، حيث تغيب أدبيات الهدف الإعلامي الرسمي السامي الذي يفترض أن يمثّل كافة أطياف المجتمع البحريني، فيما يطغى مشهد الطائفية والكراهية المقيت الذي يقسّم المجتمع ويفرّق بين أبناء الوطن الواحد.
ولبيت الحكم في البحرين باع طويل في انتهاك قطاع الإعلام "المستقلّ" حيث أقدم في 2017 على إقفال الصحيفة الوحيدة المستقلة "الوسط" بعد اتهامها بـ"إهانة دولة عربية شقيقة" في إشارة محتملة إلى مقال مرحّب بالاحتجاجات في المغرب، وهي التي كانت قد أُغلقت بشكل مؤقّت في عامي 2011 و2015 فيما كانت السلطات قد أغلقت أيضاً عام 2015 قناة "العرب" المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال بعد 24 ساعة فقط على انطلاقها بسبب استضافتها خليل المرزوق المساعد السياسي لأمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية كبرى الجمعيات السياسية المعارضة التي تم حلها لاقحا.
في مقابل هذه الدعاية الرسمية التي تهدف إلى تأليب الرأي العام المحلي والعالمي تواجهه المعارضة بأساليب عدّة حيث تصنع رأياً عاماً من خلال المؤسسات الإعلامية والصحف العربية والأجنبية وجولاتها المكوكية على الدول ولقاءاتها وتحركاتها الحقوقية ومن خلال منصة التواصل الإجتماعي "تويتر" لتبيان حقيقة الصورة المزيّفة التي تصنعها البحرين حول نفسها وحول المعارضة...فالمعركة الإعلامية كما السياسية والحقوقية رغم رصاصات الرحمة التي يطلقها النظام لا تزال قائمة وتحرّكات المعارضة لا تزال مستمرة.