«التايمز»: بريطانيا تتذرّع بقانون التجسس لإخفاء معلومات مالية عن مساعداتها للبحرين
2018-09-23 - 12:09 ص
مرآة البحرين: كشفت صحيفة "التايمز" (The Times) البريطانية أنّ ملايين الجنيهات الإسترلينية من أموال دافعي الضرائب البريطانيين يتم إنفاقها على جهات متورّطة بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من بينها البحرين، وذلك بعد أن منعت الحكومة الكشف عن معلومات أساسية حول صندوق يدفع نفقات هذه البرامج وتديره وزارة الخارجية البريطانية.
ولفت التقرير أنّ من بين المشاريع المدرجة في إطار صندوق [النشاط المندمج] Integrated Activity Fund برنامجًا مثيرًا للجدل في البحرين، يتعلّق بالأمن والقضاء، وقالت عنه لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني الأسبوع الماضي إنه ينبغي مراجعته، في ضوء أدلّة على أن موظفي السجون البحرينية وأفرادًا من الأمن كانوا متورطين في التعذيب وعمليات القتل خارج نطاق القضاء، وذلك وسط تراجع أكبر في حقوق الإنسان.
في هذا السياق أوضح التقرير أنّ الحكومة البريطانيّة رفضت "طلبات حريّة المعلومات" متعددة للحصول على تفاصيل حول إنفاقات "صندوق النشاط المندمج" الذي تبلغ ميزانيّته 20 مليون جنيه إسترليني في السنة، وجاء رفض الإدلاء بالمعلومات على أساس "الأمن القومي"، وعلى أساس استثناءات أخرى متّصلة بعلاقة أجهزة الاستخبارات.
وفي تفاصيل المشروع الذي تدعمه بريطانيا في البحرين، كشف التقرير أنّه إلى اليوم، كلّف هذا المشروع بريطانيا 5 ملايين جنيه إسترليني، وكان إلى عام 2016 يديره "صندوق الصراع والاستقرار والأمن" الذي تبلغ ميزانيّته مليار جنيه استرليني (Conflict, Stability and Security Fund)، قبل أن يخضع هذا الصندوق للتحقيق البرلماني بسبب افتقاره للشفافيّة.
بالتالي تم نقل هذا المشروع إلى إدارة "صندوق النشاط المندمج"، وهو صندوق أنشئ لدعم مشاريع في دول الخليج الست، وقد رفضت الحكومة البريطانيّة نشر أي تفاصيل عنه، أو عن طبيعة هذه المشاريع أو المستفيدين منها.
ولفتت منظمات حقوق الإنسان أنّ نقل المشروع إلى إدارة الصندوق الحالي، لم يحدث فقط مع بدء محاسبة "صندوق الصراع والاستقرار والأمن"، بل أيضًا مع تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين بشكل كبير. وعقّبت الصحيفة أنّه "في العامين الماضيين، ومنذ أن بدأت حملة القمع الجديدة ضد المعارضة، ارتفعت حالات التعذيب وتضاعف عدد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بثلاثة أضعاف".
ويقول "دان دولان"، مدير السياسات في منظمة "ريبريف" الناشطة في مجال حقوق الإنسان، إنّه "بعد أن حذر أعضاء البرلمان من أن الحكومة تحتفظ بـ "صندوق رشاوى" بقيمة مليار جنيه إسترليني لدعم قوات الأمن الأجنبية، ودعوا إلى جعل هذا الصندوق أكثر شفافية، بدأت الحكومة في دفع الأموال لمشاريعها في البحرين من وعاء مالي أكثر سرية".
ويضيف "دولان" وفقًا لصحيفة "التايمز" البريطانيّة أنّ "دافعي الضرائب يستحقّون أن يتم إبلاغهم إذا كان أموالهم تنفق على قوات الأمن الأجنبية المتورطة في التعذيب وعقوبة الإعدام. ولم تحاسَب وزارة الخارجية البريطانيّة علنًا على بنسٍ واحد من الـ 80 مليون جنيه إسترليني المخصصة للمبادرات الأمنية في دول الخليج، بما فيها الأنظمة في البحرين والمملكة العربية السعودية التي لها تاريخ موثّق في انتهاك حقوق الإنسان".
كما ورفضت وزارة الخارجية نشر تقييمات مخاطر حقوق الإنسان التي يتعين عليها القيام بها قبل منح الأموال، بحسب الصحيفة.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية بالمملكة المتحدة أن البرامج البريطانية في البحرين "تدعم التقدم في بناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وتعزيز سيادة القانون وإصلاح العدالة"، مضيفةً أن جميع هذه البرامج "تتم مراجعتها بانتظام لضمان تماشيها مع القيم البريطانية، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان".
أما في ما يتعلّق بإعفاءات "حريّة المعلومات"، أضافت المتحدّثة "أنّ للحكومات المتعاقبة سياسة طويلة الأمد بعدم التعليق على المسائل الأمنية. نحن لا نؤكد أو ننكر أن البرامج التي يمولها صندوق النشاط المندمج تشمل وكالات استخبارات".
وأشارت الصحيفة أنّ "النواب الذين حاولوا اختراق جدار السرية يواجهون الصعوبات ذاتها"، إذ وصف عضو البرلمان البريطاني اللورد بول سكريفن، الذي طرح الكثير من الأسئلة البرلمانية حول "صندوق النشاط المندمج"، مستوى السرية التي تحيط به بأنه "غير مسبوق".
وقال لصحيفة "التايمز" "لم أشهد قط وضعًا يبدأ مفتوحًا ويصبح بشكل سريع أكثر غموضًا مع زيادة الانتقادات"، مضيفًا أنّ "الحكومة أصبحت شديدة الحساسية إن لم تكن مذعورة من واقع أنّ الحقيقة ستُكشف".
ووفقًا للصحيفة، أشار اللورد "سكريفن" إلى "أنّ البحرين، وهي دولة خليجية ثرية أصبحت أكثر ثراءً مع اكتشاف حقل نفط هائل مؤخرًا، لا تحتاج إلى المال البريطاني"، قائلًا إنّ "ما خرجت به البحرين من هذا هو عباءة احترام لتقويض حقوق الإنسان، وعباءة احترام للقتل والتعذيب"، وقال إنّه "يجب أن يشعر الوزراء بالخزي".
في الوقت الذي تحافظ فيه الحكومة البريطانيّة على السرية القصوى، فإن البحرين تتباهى بالمشاركة البريطانية كدليل على أنها تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وفقًا للصحيفة.
وقال "خوان منديز"، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، إنّ البحرين "لعبت بدعم المملكة المتحدة لتحقيق أقصى تأثيراته"، مشدّدًا أنّه "لا يجب أن تكون المملكة المتحدة طرفًا في ذلك".
وكان "منديز" قد ندد بالأمانة العامة للتظلّمات المموّلة من قبل بريطانيا، والتي أٌنشأت من أجل التحقيق في مزاعم التعذيب، وهي التي اتُّهمت بالتغطية على الاعترافات القسرية التي أدّت إلى تنفيذ أحكام إعدام اعتبرتها الأمم المتحدة عمليات قتل خارجة عن القانون.
ولفتت الصحيفة أنّ الوضع الحقوقي الذي يزداد سوءًا في البحرين هو ما أدّى إلى طرح الموضوع في البرلمان من قبل النائب "أندي سلوتر".
وقالت إن نوابا من حزب المحافظين تولوا الدفاع عن البحرين وهم "بوب ستورات" و"ليو دوكرتي" و"رحمان شيشتي"، مشيرة إلى أن كلّا منهم كان قد ذهب إلى البحرين في زيارة بتمويل من الحكومة البحرينية خلال السنتين الماضيتين، بتكلفة تتراوح بين ألفي جنيه استرليني و 6,159 جنيه استرليني.
وردًا على دفاعه عن البحرين، لفت "ستورات" إلى "أهميّة التعاون الأمني بين بريطانيا والبحرين، وليس أقله القاعدة البحرية الملكية التي تم بناؤها بتكلفة تقديرية تبلغ 60 مليون جنيه إسترليني على البحرين"، مدعيًا أن "حقيقة الأمر هي أننا بحاجة إلى البحرين أكثر من حاجة البحرين لنا". وطالب بتواجد شرطة "لحماية السفارة البحرينية في لندن من المعتصمين".
أمّا "دوكرتي"، فقد قال لصحيفة "التايمز" إنّ تعليقاته دفاعًا عن البحرين "تعكس الخطر الذي تواجهه [البحرين] من التدخل الإيراني ومدى أهمية مساعدة صديقنا في المنطقة في التغلب على هذا [الخطر]".
*ترجمة وتحرير مرآة البحرين
- 2024-12-21“سلام” تطالب بالتدخل العاجل لوقف الانتهاكات المتفاقمة في سجن جو المركزي بعد الأحداث الأخيرة
- 2024-12-18ندوة "حقوق الإنسان تحت التهديد": البحرين لم تغيّر منهجها في القمع بل ابتكرت أساليب جديدة للتحايل على المنظمات الدولية والإعلام العالمي
- 2024-12-14السيد عبدالله الغريفي: ما حدث في سوريا فتح شهية الكيان الصهيوني للتوسع والتمدد
- 2024-12-13المرشد يوقع "صعصعة محارب عابر للزمن" في لندن: نحن في حرب هويات
- 2024-12-12ندوة الزيادة السنوية للمتقاعدين: أوضاع المتقاعدين سيئة، وهم يخسرون 15% من راتبهم الحقيقي مقارنة بزيادة الأسعار في السوق