حتى ذلك الحين... سيبقى «النعيمي» وزيراً للتربية والتعليم
2018-08-31 - 7:36 م
مرآة البحرين (خاص): منذ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 الموافق 5 رمضان 1423هـ، وماجد النعيمي وزيرا للتربية والتعليم، حتى ظن البحرينيون أنه سيورّث الوزارة، أو ربما لم تعد تلك ظنونا؛ فمع تعاقب الفضائح وتفجّر الأزمات بقي النعيمي "حقا لا ريب فيه" وزيرا للتعليم، وربّما ينتظر نجله علي النعيمي، الحاصل هو ذاته على شهادة دكتوراه من معهد غير معترف به من الوزارة، تَرِكَتُهُ فيها، بعد أن حملته الدرجة الأكاديمية الرفيعة إلى محاضر بجامعة البحرين، التي يرأس والده مجلس أمنائها.
أو ربّما ترث هذه التركة أخته هيا النعيمي، التي كانت على مدى سنوات طويلة عميدة كلية الآداب بجامعة البحرين، وأصبحت قبل 5 سنوات نائبا لرئيس الجامعة.
ماجد النعيمي هو الوزير الوحيد الذي ظل في الحكومة بذات المنصب منذ 2002 دون أن يغيب عن أي تشكيلة وزارية منذ ذلك الوقت. ورغم أن التغيير ليس عادة في الحكومة البحرينية، لكن النعيمي خرق كل طبائع التغيير القليلة فيها، وبدلا من خروجه أسندت إليه مناصب هامة جديدة، كمنصب رئيس مجلس أمناء جامعة البحرين، ورئيس مجلس التعليم العالي، المشرف على الجامعات الخاصة في البلاد.
خلال 16 عاما من عهد النعيمي انحدر التعليم في البحرين إلى أدنى مستوياته، وأصبح محل تشكيك دائما، بشهادة هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، التي شكّلت لاحقا لتقييم أداء المؤسسات التعليمية في البلاد بكافة أنواعها.
لن تكون أزمة الشهادات المزوّرة آخر الطعون في نظام التعليم البحريني تحت راية النعيمي. وكلاء وسفراء ومدراء في القطاعين العام والخاص كشف الغطاء عن زيف مؤهلاتهم، فيما لا يزال النعيمي وفريقه يبرعون بطريقتهم في التخريجات السخيفة.
في الأزمة الأخيرة، بدا أن رئيس الوزراء خليفة بن سلمان ليس معجباً بالوزير النعيمي. يمكن تقدير ذلك من تغريدات عدد من الشخصيات المحسوبة عليه، هم يكيلون الذم للنعيمي، وكذلك الحال مع حاشية ولي العهد. جميعهم يتهامسون: لماذا يبقي الملك حمد بن عيسى آل خليفة النعيمي على رأس الوزارة حتى الآن؟ وهل من الممكن أن يعفيه من منصبه بعد هذه الفضيحة أخيرا؟
يبدو ذلك مستبعدا إلى حد بعيد. لا يمكن للبحرينيين التخلّص بعد من ماجد النعيمي ولا حتّى محاسبته. لماذا؟
ما هي حسابات الحكم للإبقاء على ماجد النعيمي خصوصا بعد الفضيحة الأخيرة؟.
مثل القائد العام لقوة دفاع البحرين، المشير خليفة بن أحمد آل خليفة، تجمع النعيمي بالملك حمد "صداقة" و"رفقة" أصيلة قديمة. لقد كان مدير مكتبه حين كان لا يزال وليا للعهد وقائدا عاما لقوة دفاع البحرين. سيكون الملك صمّام أمان النعيمي في مواجهة أي خصم، ولن يفوّت بنفسه حضور حفل طلاب المدارس الذي يقيمه النعيمي سنويا بمناسبة عيد جلوس الملك، ليظهر تمام الرضا والدعم له، دائما وأبدا.
لكن، ثمّة بعد آخر أضيف اليوم لمكانة النعيمي ودوره الكبير في تنفيذ توجهات ومخطّط وزير الديوان الملكي في قطاع التعليم وما يرتبط به من مؤسسات. الأمر يتعلق بالصراع مع قطر.
في ضوء هذا الصراع الخطير مع قطر، والذي خرج إلى العلن منذ يونيو/حزيران 2017، بات الملك يتودد على نحو أكبر القبائل التي لها امتدادات في الدوحة، ويسعى لاستمالتها. ففي العام 2014، تفجّرت قضية هجرة أفراد من عائلة المهندي من البحرين إلى قطر، وذكر موالون للسلطة إلى هجرة 37 شخصاً من الجلاهمة و12 من السويدي، وآخرين إلى الدوحة.
لقد اعتقلت السلطات المواطن صلاح الجلاهمة لحصوله على الجنسية القطرية، وأدى اعتقاله إلى أزمة، حتى أن أبناء الجلاهمة في الكويت بعثوا برسالة إلى العائلة الحاكمة في البحرين، طالبوا فيها بالإفراج عن صلاح، الذي أفرج عنه فعلا بعد توقيعه تعهداً بألا يتنازل عن الجنسية البحرينية.
في ظل التوتر الذي تعيشه الأسرة الحاكمة من الإجراءات القطرية، كان لابد أن تخرج أو تُخرج العوائل والقبائل المتحالفة لتجدّد ولاءها. بعثت قبيلة النعيم (النعيمي) ببرقية ولاء للملك تجدد له البيعة، لتتوالى برقيات الولاء من عدد من العوائل والقبائل. لن يكن الملك مهتما سوى بالقبائل التي لها امتدادات نسب في دولة قطر، لذلك اتّبع بعد 2014، سياسة استرضاء تلك القبائل، ومثال على ذلك تعيين اللواء الركن يوسف بن أحمد بن حسين الجلاهمة وزيرًا لشؤون الدفاع.
لعلّ تلك الأزمة هي ما جعل النعيمي يظل في ذلك التشكيل الوزاري على الرغم من التكهنات، والتوقعات والآمال العريضة لدى الموالين قبل المعارضين أن يكون الوزير خارج التشكيل بعد 12 سنة من توزيره! كانت تلك مجرد أمنيات سقطت مع حاجة الملك الداخلية والخارجية لرجل مثله، ولم تجد الأصوات إلا صداها، فالنعيمي باق وبقوّة.
يذهب مقربون لتأييد ذلك: كان الرأي مستقرا لدى أركان الحكم على تغيير النعيمي (63 عاماً)، لكن سياسة استرضاء القبائل التي يتبعها الملك القلق من قطر وعروضها المغرية لأبناء هذه القبائل، وقفت عائقاً أمام تنفيذ هذه الرغبة، فهناك قلق من هرولة النعيمية نحو الجنوب الشرقي كما حدث مع المهندية، في ظل باب قطري يسع الجميع.
يبدو النعيمي حصة القبيلة في الوزارة، إلى جانب الضباط الكبار المنتشرين في أركان الجيش، والمخابرات، فرئيس هيئة الأركان حاليا لقوة الدفاع هو ذياب بن صقر النعيمي، والمفتش العام في قوة دفاع البحرين هو اللواء عبدالله حسن النعيمي، ومدير الإمداد والتموين في قوة الدفاع هو العميد الركن علي بن صقر النعيمي.
ويعتبر عيسى صالح حسان النعيمي من أهم أركان جهاز الأمن في البحرين، وهو متّهم بممارسة تعذيب شرس بحق المعتقلين السياسيين في البحرين، وكذلك إبراهيم محمد عبدالله النعيمى الذي يعتبر واحدا من ضباط الأمن الوطني المعروفين.
قبيلة النعيم في حضرة الملك
في يوم جمعة وافق (16 أغسطس/آب 2018)، استقبل الملك عدداً من أفراد قبيلة النعيم، وأسبغ عليهم الثناء مشيدا "بدورهم الكبير في بناء مسيرة الوطن وبتاريخهم العريق القائم على الإخلاص لوطنهم"، قبل أن يذكر قطر بكل سوء.
جاءت صياغة الخبر الرسمي مبهمة، لتظهر أن قبيلة النعيم شاركت الملك أحقية أسرته بحكم قطر "وقد تطرق الحديث خلال اللقاء إلى منطقة ( الزبارة) وحُكم آل خليفة وسيادتها على شبه جزيرة قطر، منذ إنشاء دولة آل خليفة في الزبارة عام 1762".
ردّ عدد من أفراد قبيلة النعيمي في قطر على الملك بسرعة، إذ وصف القطري غانم النعيمي تصريحات ملك البحرين بأنها "محاولة يائسة لتحريك أبناء قبيلة النعيم الذي يعيش معظمهم في أراضي قطر مبايعين صاحب السمو أمير البلاد المفدى تميم بن حمد آل ثاني شاء من شاء وأبى من أبى".
أما راشد بن عرار النعيمي فقد دعا أبناء عمومته في البحرين إلى العودة إلى وطنهم الأم في قطر، بحسب تعبيره "قبيلة النعيم قبيلة قطرية، وتواجدها في البحرين كان ردّ جميل من آل خليفة عندما لجأ إليهم عيسى بن علي آل خليفة بعد الخلاف الذي حصل بين والده وعمه محمد بن خليفة ومقتل والده ووقفوا النعيم معه (وقاموا) بغزو البحرين واسترجع حكمه ومن باب رد الجميل استقر جزء قليل منهم في البحرين ونحن ندعوهم للعودة لوطنهم الأم" على حد قوله.
مع تلك المواقف الإعلامية القوية للجناح القطري من قبيلة النعيم، أطلق محافظ الجنوبية أمس الخميس (30 أغسطس 2018) وبتوجيه من الملك اسم "ماجد بن ناصر الماجد النعيمي"، على أحد الطرق الرئيسية في منطقة الرفاع الغربي، وذلك بحضور الوجيه عبد الله بن حمد النعيمي، ووزير التربية والتعليم ماجد بن علي النعيمي، وعدد من أفراد قبيلة النعيم.
هذه صورة من الواقع، فالوزير النعيمي مع أدواره في تنفيذ أجندة تقرير البندر، يستفيد اليوم من توزّع القبائل في الخليج وتفجّر الصراع مع الشقيقة التي لم تكن شقيقة بالنسبة لآل خليفة يوما.
القبيلة، اليوم، تحمي النعيمي، فالخلاف المشتدّ مع قطر يقويّ مواقعه، لذاك لا خوف عليه ولا على منصبه، حتى ينتقل إلى موقع آخر، أو يُعطى أحد آخر من أفراد قبيلته حصة ترضى عنها في الوزارة الجديدة، أو ينتهي نظام "حكم القبيلة" إلى "حكم الدولة"، وحتى ذلك الحين، سيمسي ويصبح «العسكري النعيمي» على رأس التعليم، ولتذهب سمعة البحرين التعليمية إلى الجحيم!