تقرير حديث يتهم بريطانيا بالتورط في تمويل انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين
2018-05-25 - 7:18 م
مرآة البحرين (خاص): ذكرت صحيفة الغارديان أنّ منظمة ريبريف لحقوق الإنسان اتهمت وزارة الخارجية البريطانية بالتواطؤ في الانتهاكات في البحرين وبأنها فشلت في أن تكون شفافة بشأن برنامج إصلاح الأمن والعدالة في المملكة الخليجية، والذي بلغت كلفته 5 ملايين جنيه استرليني.
وقالت ريبريف في تقريرها إنّه على الرّغم من تدريب حراس السجون وعناصر الشرطة وغيرهم من الضباط على يد شركات بريطانية في البحرين منذ الربيع العربي، تضاعف عدد السجناء على قائمة الإعدام، واستمر التعذيب أثناء الاعتقال، واستُؤنِفت الإعدامات للمرة الأولى منذ العام 2010.
ودعت مايا فوا، وهي مديرة منظمة ريبريف، بريطانيا إلى الطلب من البحرين اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد التّعذيب كشرط أساسي لتقديم المزيد من المساعدة، ولأن تكون أكثر شفافية بشأن التمويل.
وقالت فوا إنه "يجب أن تكون بريطانيا العظمى تروج بفخر لحقوق الإنسان ولحكم القانون، لا أن تقوضهم سرًا"، مضيفة أن "الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها للشعب البريطاني الوثوق بأن أموالهم لا تؤدي إلى الانتهاكات في الخارج هي أن تقوم الحكومة بنشر تقرير كامل وشفاف عن المشاريع التي تمولها، وتقييم حقوق الإنسان في كل منها".
وأشارت منظمة ريبريف في تقرير أعدته، وشارك فيه معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، إلى أنه من خلال تأمين التّدريب للجماعات التي دعمت لاحقًا إعدام المعارضين -وبسبب فشلها في التّحقيق بشكل مناسب في ادعاءات التّعذيب- فإن الحكومة البريطانية شريكة في انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.
ويأتي التقرير بعد أن شاركت منظمة رصد في انتقاد صندوق الصراع والأمن والاستقرار مؤخرًا على خلفية أوجه القصور في طريقة عمله، بما في ذلك أنه لم يكن صارمًا بما فيه الكفاية في تطبيق الضمانات لمنع التعاون مع الدول الأجنبية ذات السجلات المشبوهة في مجال حقوق الإنسان.
تدريبات على التستر وحقوق الإنسان في تدهور بدلًا من التحسن
وقالت صحيفة الديلي ميل البريطانية إنه من بين المجموعات البريطانية العاملة في البحرين مفتشية جلالة الملكة للسجون وشركة NICO الإيرلندية الشمالية غير الرّبحية، التي تعود ملكيتها للحكومة الإيرلندية، وقد ذهبت المساعدات المالية أيضًا إلى مفتشية جلالة الملكة للسجون ومعهد كوزواي لبناء السلام وحل النزاعات، ويرأسه عضو مجلس العموم البريطاني السير جيفري دونالدسون.
وأشارت الديلي ميل إلى أن التقرير يثير الشكوك بشأن تورط شركة إيرلندا الشمالية، التي قالت إنها شاركت في تنظيم مشروع أمانة تظلمات من المُفتَرَض به التحقيق في ادعاءات الانتهاكات التي تجري على يد حراس السجون وعناصر الشرطة، غير أنّه بدلًا من ذلك، وفقًا للمنظمة، فقد تسترت أمانة التّظلمات هذه على الاعترافات والانتهاكات. بالإضافة إلى ذلك، تم اغتصاب المحتجين وتعذيبهم في سجن تلقى تدريبًا من قبل الشركة الإيرلندية.
وقالت ريبريف إن حقيقة أن الحكومة البريطانية تمول المخطط تنهي مصداقية النظام القمعي [البحريني].
ونقلت عن تقرير منظمة ريبريف أن "الكثير من المساعدة الممولة من قبل وزارة الخارجية هدفت إلى تدريب عناصر الشرطة وحراس السجن البحرينيين على حقوق الإنسان، وكذلك إلى إنشاء هيئات جديدة للتحقيق بشأن ادعاءات التعذيب"، مضيفًا أنّه "مع ذلك، على مدى مسار برنامج الإصلاح البريطاني هذا، لم يتحسن سجل البحرين في حقوق الإنسان بل تدهور بشكل مأساوي".
ولفت التقرير إلى أنه "خلال فترة برنامج الإصلاح، تم اعتقال خمسة رجال -محمد رمضان، حسين موسى، عباس السميع، سامي مشيمع، وعلي السنكيس- وعُذّبوا لانتزاع اعترافات منهم، وحُكِم عليهم بالإعدام".
وفي يناير / كانون الثاني 2017، وفي أعقاب إنفاق حوالي 4 ملايين جنيه استرليني من تمويل برنامج الإصلاح البريطاني في البحرين، أعدمت السلطات البحرينية عباس السميع وعلي السنكيس وسامي مشيمع على يد فرقة لإطلاق النار، ويواجه الآن محمد رمضان وحسين موسى المصير ذاته.
وقال البروفسور خوان مانديز، وهو المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بالتعذيب إن "مظاهر إصلاحات التعذيب في البحرين تعززت بالتأييد العام من قبل حلفائها الدوليين، بما في ذلك المملكة المتحدة ، التي دربت هذه المؤسسات لسنوات"، وأضاف أن "هناك خطر من استخدام الهيئات المناهضة للتعذيب لإيجاد شكل ظاهري الامتثال لاتفاقية مناهضة التعذيب ، مع صرف الانتباه العالمي عن الوضع السيئ الذي يستمر في البحرين".
وكان موقع أوبن ديموكراسي قد نشر تفاصيل عن دور كل من معهد كوزواي وشركة NICO الإيرلندية، فأشار إلى أنه تم توظيف معهد كوزواي من قبل الخارجية البريطانية للعمل مع منظمات غير حكومية ومع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين. وقد سهل المعهد زيارة عدد من الوفود البحرينية إلى بلفاست لـ "تعلم دروس من إيرلندا الشمالية" غير أن تقرير منظمة ريبريف وجد أن معهد كوزواي درب مجموعات دعمت علنًا إعدام محتجين مناهضين للحكومة.
ومن جانب آخر، أشار موقع أوبن ديموكراسي إلى أن شركة NICO الإيرلندية حصلت على ما يقرب من 1.5 مليون جنيه استرليني لتدريب حراس السجن وعناصر الشرطة البحرينيين، والمساعدة على إنشاء هيئة للتحقيق في التعذيب في المملكة.
السنكيس ومشيمع والسميع ضحايا لبرنامج إصلاح الأمن والعدالة البريطاني
غير أن التّدريب الذي مارسته الشركة الإيرلندية تضمن تعليمات حول كيفية إخبار العائلات التي تعيش الحداد على قتل أبنائها أثناء الاعتقال من قبل الشرطة أنه لن يتم ملاحق الأفراد المتورطين بقتلهم. وفي يناير / كانون الثاني 2016، استضافت شركة NICO عناصر بحرينيين في بلفاست لتدريبهم حول "إيصال رسائل صعبة المحتوى"، بما في ذلك "كيف يتعامل المدعون العامون مع المواد الإعلامية في القضايا الصعبة"، وأيضًا عن جمع المعلومات بين الناس، واستخدام الكلاب، وخراطيم المياه، وبعد بضعة أسابيع، استطاعت الشرطة البحرينية تحديد مكان الشاب علي السنكيس الذي كان مختبئًا، واعتقاله وتعذيبه، وقد تم إعدامه لاحقًا.
وكانت ريبريف قد دعت مجلس النواب الإيرلندي إلى إجراء تحقيق حول ما فعلته المنظمات الإيرلندية الشمالية في البحرين، وقالت مايا فوا، وهي مديرة منظمة ريبريف، إنّه "ما يزال هناك أسئلة جدية بشأن نشاطات موظفي شركة NICO ومعهد كوزواي في البحرين، بما في ذلك حول مسألة تواجدهم داخل بعض السجون في أوقات محددة، عند حصول [قضايا] تعذيب علمنا بشأنها"، مضيفة أنه "من المهم أن تعلم الحكومة والشعب الإيرلنديان بالتحديد طبيعة الأخطاء التي حصلت، وكيف يمكن تجنبها في المستقبل".
النظام البحريني يفلت من العقاب وبريطانيا تساعده على تبييض سجله
وقالت منظمات لحقوق الإنسان إن تورط كل من شركة NICO ومعهد كوزواي يؤديان إلى تبييض سجل النظام البحريني. وقالت مايا فوا إن "النتيجة الأساسية لعمل شركة NICO هي تبييض حملة القمع الوحشية التي شنتها البحرين ضد المعارضة وتحييد الانتباه الدولي عن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة".
من جانبه، قال سيد أحمد الوداعي، المدير التنفيذي لمعهد البحرين للحقوق والديمقراطية، ومركزه لندن، إنّ "التدريب الذي قامت به الحكومة البريطانية في البحرين، ونفذته شركة NICO ومعهد كوزواي، لم ينتج عنه إلا توفير الإفلات من العقاب للنظام. وبمساعدة من المملكة المتحدة، تتمتع الحكومة البحرينية الآن بموقع أفضل في تبييض انتهاكاتها لحقوق الإنسان".
وأضاف الوداعي أنه "تم دعم البحرين وهي الآن تحكم على المزيد من الأشخاص بالإعدام أكثر من أي وقت مضى في تاريخها الحديث. إنه من الأهمية بمكان أن توقف الحكومتان البريطانية والإيرلندية الشمالية تقديم المساعدة التجميلية التي لا تحقق أي شيء إلا تحييد الرقابة الدولية الحاسمة عن السجل السيء والمتدهور للبحرين في مجال حقوق الإنسان".
مصادر جديدة للتمويل البريطاني
وكانت الغارديان قد أشارت إلى أنّه على الرّغم من ذلك، ستأتي مساهمة المملكة المتحدة هذا العام في المشروع من مصدرين جديدين: صندوق النقد البريطاني، وصندوق التدخلات المتكاملة، والذي قالت منظمة ريبريف إنه أكثر غموضًا.
وقال ناطق باسم الخارجية البريطانية "نحن نثير بانتظام مخاوف بشأن قضايا محددة على مستوى عال مع حكومة البحرين، لكن ليس من الجيد كفاية انتقاد الدول من بعيد. فقط من خلال العمل مع البحرين يمكننا إحداث التغييرات التي نتمنى رؤيتها في البلاد".
وقد رحب الناطق باسم الخارجية البريطانية بالقرار الأخير للملك حمد بن عيسى آل خليفة، بخفض أربعة عقوبات إعدام.