» تقارير
المصور عبدالله حسن: من صور الثورة إلى صور المحنة
2012-05-10 - 12:49 م
مرآة البحرين (خاص): أواخر فبراير، رن هاتفه الجوال، مكالمة من رئيس قسم الشؤون السياسية، يطلب منه تغطية الأحداث في الدوار، لم يكن عبدالله حسن، رئيس قسم التصوير والأرشيف بجريدة الوطن يعلم أن تلك المكالمة كانت البداية لأحداث عدة ستغير مجرى حياته ربما للأبد هذه المرة.
أخبر محدثه بشرطين لقبول طلبه، الأول أن لا يتم تحريف ما سيكتبه من أحداث تقع في محيط الدوار، والآخر أن لا يتم الاستغناء عن خدماته إن ساءت الأمور، لم يكتفِ بذلك، أراد أن يطمئن أن الطلب رسمي فعلاً، وقائم على أوامر من رئيس التحرير، اتصل برئيس قسم الأخبار المحلية، أكد له أن الأمر صادر من رئيس التحرير شخصياً، وأن الغاية منه إحداث توازن في تغطية الجريدة، تلك الجريدة التي يذكر تقرير البندر سيء الصيت أنها إحدى ثماره. بدت التطمينات التي حصل عليها المصور عبدالله حسن كافية لقبوله الأمر.
كانت الأوضاع طيلة ذلك الوقت جيدة في الجريدة، ومن أجل الحفاظ على جو العمل تم تعميم رسالة من الإدارة تؤكد حرصها على تلافي حدوث أي اصطدامات بين الموالين والمعارضين داخل الجريدة، يقول: "كنت أقضي معظم الوقت في الدوار، أقوم بتصوير الأحداث، المشاركين، اللقطات العفوية، المسيرات المختلفة، إلى أن استلمت في 6 مارس مكالمة من المصور الآسيوي الذي يعمل بالقسم معي، كان ذلك قبل أسبوع من إجازتي، كان يبث مخاوفه من استغناء الجريدة عن خدماته، بسبب توظيف مصورين آسيويين اثنين في تلك الفترة، لم أكن على علم بالتوظيف الذي يتحدث عنه رغم كوني رئيس القسم، ظن الآسيوي حين اتصل بي أنهم سيستغنون عنه، ولكن بالعكس لقد كانوا فقط يستغنون عنا نحن!!"، لم يكن قد حدث شيء يدعو للاستغناء عنهم، لكنه أحب الاطمئنان أكثر للأمر، اتصل بسكرتير التحرير فنفى أمر التوظيف، لكن بمواجهته، اعترف بالتوظيف ولم يعترف بالاستغناء، أحس (عبدالله) حينها بريبةٍ في الأمر، ومن باب المسئولية اتصل بموظفيه البحرينيين، واطلعهم على الأمر، طالباً منهم التهيؤ للفصل، وهذا ما حدث لاحقاً.
محمد المخرق
عبدالله حسن، الذي لم يخرج إجازة سنوية منذ أربع سنوات، خرج في 13 مارس 2011 لأول مرة، وكانت تلك الأولى والأخيرة، أرادوها إجازة طويلة، لا يعود منها أبدا، كان قد اتفق مع مدير التحرير على تغطية الأحداث وإرسالها أثناء إجازته، لأنه سيكون بكل الأحوال متواجداً.
في صبيحة ذلك اليوم، تم الاعتداء على رئيس قسم التصوير بجريدة الوسط محمد المخرق من قبل قوات الأمن، توجه عبدالله مباشرة للمستشفى للاطمئنان عليه، قبل أن يتلقى اتصالاً يخبره بمواجهات تقع في هذه اللحظة بين قوات الأمن والمتظاهرين قرب المرفأ المالي، فانعطف بسيارته وتوجه للمرفأ، حمل كاميرته، وكان في الحدث، يقول: "حين وصلت كان القمع شديدا، لكني لم أتراجع، نظرت حولي، ولم أجد من يوثق بالصور، فاضطررت للتقدم للأمام، كنت أقف مع مصور الوكالة الفرنسية، فأخبرته أني سأتقدم لتصوير مركبة الأمن التي تقوم برش المتظاهرين بالماء، ذهبت يومها، ولم أعد له، لقد أصبت هناك بحادث"، أراد أن يلتقط صوراً لما كان يدور، لا يهم بأي الطرق سيتم ذلك.
في تلك اللحظة لم يضع عبدالله وهو يحمل كاميرته معلقةً برقبته، المخاطر نصب عينيه، كانت الصورة هي كل ما يهم، وجد أمامه سيارة بيك اب، ركب أعلاها، أصبح الآن في مكانٍ مرتفع، مرتفع بما يكفي ليلتقط صوراً أوضح، صوراً تبقى من أجل التاريخ، تقدم نحوهم جيب لقوات الأمن، فجأة حدث ارتطام بين المركبتين، يقول: "لا أعرف حقيقةً من تقدم ليصدم الآخر، كنت منهمكاً في التصوير، لم استشعر ما يحدث عن قرب، إلى أن سمعت صوت الارتطام، ارتطمت رجلي أيضاً بالسيارة، بفعل قوة الحادث سقطت بعدها، وشعرت مرة اخرى باصطدامٍ جديد، كنت حينها ملقى في مؤخرة السيارة، حضنت كاميرتي عندها بقوة، خشيت أن أفقدها، فأفقد ما كسرت من أجله رجلي، نزلت من السيارة وأنا أصرخ، حملني بعض الشباب، وأخذوني للمستشفى"، في المستشفى كانت عينا عبدالله تدمعان، حين أخبره الطبيب أنه بحاجة للراحلة لستة أشهر، سأله الطبيب: هل تبكي من الألم؟ قال بل أتوجع لأني لن أتمكن من التصوير بعد الآن.
في المستشفى، لم يكن ألم رجله ليمنعه عن السؤال عن المخرق، الشخص الذي خرج يومها يقصد الاطمئنان عليه، فغير وجهته ليعود وقد أصبح زميل سرير المستشفى، اتصل به، اطمأن على صحته، أخبره أنه ليس أحسن حالاً منه، فقد تعرض لكسرٍ في رجله، شرد ببصره لثوان، كان ذلك قبل ان يبدأ الحديث عن رعب المستشفى، تلك الذكريات التي ستسكن روحه لسنواتٍ طويلةٍ قادمة، قال: "كان وضع المستشفى مأساويا، الطاقم الطبي غير كاف، الجرحى بالمئات، الفوضى تعم المكان، الإصابات مرعبة، كنا متخوفين من دخول الجيش، لكن لم نكن واثقين مما سيحدث حتى حدث".
رعب 16مارس
كل ما مضى، لا يعدو شيئاً، أمام الرعب الذي حمله فجر السادس عشر من مارس، حين صحا عبدالله حسن من النوم على صوت بكاء الممرضات، فتح ستائر غرفته، لم يجد شيئاً، سأل إحدى الممرضات، فأجابت: لا شيء هناك، وأشاحت بوجهها باكية، انتابه عندها شعورٌ بالريبة، خاصة مع معرفته بأحداث الجامعة ومجزرة سترة، يقول: "كان الناس ينقلون لي أخبار المناطق، وما يحدث من هجوم على القرى، لم أكن أستوعب حينها معنى أن يشكل الأهالي نقاط حماية لمناطقهم من اعتداءات البلطجية، كنت أسرد لأهلي واصدقائي مخاوفي من هجوم الجيش، فيؤكدون أن وجودنا بالمستشفى أكثر أماناً لنا".
كانت أصوات الطائرات المتجهة للدوار، ودخان الحرائق المتصاعدة، تصله عبر نافذته من غرفته بالطابق الثاني، الهواتف المقطوعة، وشبكة الانترنت المحجوبة، جعلته في معزل عما يحدث، لكن بالتأكيد كان هناك، على بعد كيلومترات من المستشفى ما يحدث فعلاً، دخلت ممرضة آسيوية الغرفة، سألها عما يحدث بالخارج، قالت: "ما يحدث شيءٌ سيء، من الأفضل أن أغلق ستائر غرفتك وأن تحاول النوم فهو أفضل ما يمكنك فعله الآن"، حاولت النوم، لكن أصوات الطائرات لم تتوقف، وكذلك بكاء الممرضات، كان موجعاً وفجيعاً.
بتنهيدة عميقة أكمل: "مساء التاسع عشر من مارس، صحوت على أصوات غريبة، ضرب، تكسير، صراخ، كنت نتوقع الهجوم في أي لحظة، وكنت في كل ليلة أمسح كل ما يصلني بالتلفون تحسباً، أخذت أصوات التكسير تقترب شيئاً، فشيئا، أحسستهم بالجناح ذاته، أغلقت الأضواء، أطفأت التلفاز، وتظاهرت بالنوم مجدداً، فتحوا الباب، دخلوا غرفتي، كانوا سبعة بملابس الكوماندوز، يحملون الأسلحة جميعا، فتشوا الغرفة، سألوني: مابك؟ رفعت غطائي وقلت: رجلي مكسورة، قالوا: مم؟ فأجبت: كنت أصور للجريدة بالدوار وسقطت، عددوا علي أسماء مسيرات، قلت: لا، بل المرفأ المالي، سألوني: لأي القنوات تصور؟ العالم؟ المنار؟، مجدداً نفيت، قلت: بل جريدة الوطن وهذه بطاقتي الصحفية، طرحوا وقتها الكثير من الأسئلة، بعدها قالوا لي: اسمح لنا هذه إجراءات لسلامتكم، لأن هناك بالمستشفى مسلحين، الحقيقة أني لم أرَ السلاح إلا بأيديهم، غادروا غرفتي، بعد أن تركوا أحدهم يحرس المكان على حد قولهم واضعاً السلاح على رأسي!!
عكاز المصور
الرابعة فجراً، انتهى الكابوس المرعب، في الطابق الثاني من مستشفى السلمانية، انتهى كل شيء، نقلوا جميع المرضى الذين ألقوهم منذ المساء في الممر، يقول: "عرفت فيما بعد أنهم أخذوهم للطابق السادس، انتهى كل شيء من جناحنا، وبقي صوت بكاء الممرضات حاضراً، لا يبرح المكان".
عند السابعة من صبيحة اليوم التالي، بعد ليلةٍ مرعبة قضاها عبدالله حسن بين بكاء الممرضات، وخفقات قلبه، فتح باب الغرفة، خرج منها، كانت الأبواب محطمة، جميع محتويات الجناح مبعثرة، أراد أن يطمئن على بقية المرضى، قصد غرفهم، يقول: "كانوا محطمين نفسياً، وجدتهم جميعاً مثلي، لم يحتملوا تلك الليلة الموجعة، اتصلوا بأهلهم تماماً كما فعلتُ أنا، طلبوا منهم الحضور وأخذهم من المستشفى، أثناء تواجدي هناك، حضر طبيب بيده ملف لتعهدات الخروج على مسئولية المريض، جميعنا وقعنا على تلك الأوراق، فقط كي نتخلص من رعب تكرار الموقف، من بين من وقعوا أيضاً عائلة سنية، مكونة من زوج وزوجة، تعرضوا لحادث، وكانوا يتلقون العلاج، هم أيضاً أرعبهم ما حدث، وفضلوا الخروج، مثلنا تماماً، انتظرت أخواتي، جئن على عجل، أخذنني، وخرجت من المستشفى، دون أن أحمل أي أوراق تخص إصابتي".
عبدالله حسن، مصور صحافي، أصيب أثناء تأديته مهام عمله، رغم ذلك لم تنشر خبر إصابته أي صحيفة محلية، حتى تلك التي كان يعمل لصالحها، عدا جريدة الوسط، ومن تواصل معه من زملاء العمل لا يتعدون ثلاثة أو أربعة اشخاص، كان ذلك التصرف جارحاً بالنسبة له، قبل انتهاء إجازته السنوية، ذهب لمقر عمله، أراد أن يأخذ أغراضه، ومعلوماته، وصوره من الجهاز، تفاجأ بدرجه مكسوراً، لقد تم تفتيشه، لم يقوموا بالاستغناء عنه حين استغنوا عن باقي زملائه، لكنهم كانوا ينتظرون انتهاء إجازته، في الثاني عشر من إبريل تلقى اتصالاً آخر من الجريدة، كان ذاك الاتصال ينقل له هذه المرة قرار الاستغناء عن خدماته، يقول: "كانوا ينتظرون انتهاء إجازتي كي يخبروني بذلك، أرادوا ضمان إعادة معداتهم، وكي أساعدهم في استعادة معداتهم من باقي موظفي القسم، أخبرتهم يومها أننا نعيد لهم معداتهم لأننا نؤمن أنها تخصهم ولمصلحة موظفيّ أقوم شخصياً باسترجاعها منهم وإعادتها لكم".
من المستشفى للسجن
بتاريخ 12 مايو 2011، تلقى المصور عبدالله حسن اتصالاً من مديرية أمن المنطقة الجنوبية، يطلبون منه الحضور، طلب من أخيه توصيله، بعد أن اتصل ببعض زملائه المصورين الذين تم استدعائهم قبله، أخبروه أن الأمر لا يعدو مجرد طلب الصور التي بحوزته وبعض الضربات المتفرقة التي تسبق الإفراج في اليوم نفسه، لم يكن عبدالله قد تشافى من كسر رجله، دخل المركز، أخبرهم باسمه، قاموا في الحال بتعصيب عينيه، وتقييد يديه، وأدخلوه مع ثلاثة آخرين لغرفة باردة، يقول:"كانت باردة جداً، والخوف يزيدك برداً.
كان العساكر يدخلون على فترات مختلفة، وبشكل جماعات، يقومون بضربنا وإهانتنا"، في اليوم التالي، جاؤوا مجدداً، عصبوا عينيه وقيدوا يديه أيضاً، ثم ضربوه بقسوة، كانوا يفعلون ذلك وهم يرددون: "تريد أن تمحي الفساد؟"، يقول: "كنت طيلة ذلك الوقت أفكر ما قصة هذه الجملة؟ عرفت بعدها أن الصورة التي لديهم ضدي كنت أقف بها وخلفي شخص على بعد عشرة أمتار يحمل لافتة (لا للفساد)!!". يكمل بعد نفسٍ عميق: "في التسعينات، كان الضرب من أجل الاعتراف، أما في 2011 فإن الضرب من أجل التشفي والغل، لا أجوبة، لا أسئلة، لا مطالب لهم فيك" لم يكن ذلك الكلام مجازاً، فعبدالله حسن قد جرب الاعتقال في انتفاضة التسعينات، شهادته بما حدث قائمة على التجربة الملامسة للواقع، لا القائمة على الفرضيات.
أكمل بعد أن شرد ببصره قليلاً وكأنه يستذكر ما أراد له أن يعبر فقط، قال:" كانوا على مقربة مني يضربون الحكم الدولي جعفر الخباز، يقولون له: أتعتقد أننا سننسى تضييعك لغلبة الرفاع في مباراة الأهلي والمحرق بعد ادعائك الإصابة!!، كانوا يعذبونه من أجل مباراة! مباراة ليس إلا، وكان ذلك موجعاً حقاً، خاصة أنه لم يكن الشخص الذي احتسب الهدف في تلك المباراة لصالح المحرق، كان الخباز أكثر شخص يضرب بيننا، أما أنا فكان التعذيب النفسي والخوف أشد ألماً من التعذيب الجسدي، في اليوم التالي، أخذوني لمدير المركز، حققوا معي، أثناء تعذيبي أمرهم بالتوقف، سألني: أين الصور؟ ثم قال: سنأخذك للجريدة لتحضرها، أخذني بعدها مدنيان، كما أنا، بملابسي الرثة بفعل التعذيب، أخذت أرشيف الصور، وسط نظرات زملاء العمل، وغياب شفقتهم، ثم عدنا للمركز".
ظن المصور الذي لم يكن يؤدي سوى أوامر رئيس التحرير، أن الأمر قد انتهى لهذا الحد، لكن الأمر لم يكن كذلك، حين عاد للمركز جردوه من عكازه، ضربوه على رجله المكسورة، لم يرحموا إصابته، ولم تأخذهم به رحمة، ثم أدخلوه لإحدى الزنزانات، يقول: "حين دخلت رأيت أشباه أحياء، أشخاص عبروا رحلة الموت كباقي الشهداء، لكنهم قرروا العودة منها، تعلو وجوههم شفقة، لا لكوني مريض، ولكن لأن صباح الغد، سيأتي شخص يضربني أمامهم، هكذا يفعلون لكل السجناء المستجدين، وكان الأمر موجعا نفسياً للآخرين"
القاضي العسكري وأبو عباس
على مقربةٍ منه جلس أحدهم، كانوا يهيؤه لغدٍ لم يعرفه، أخبروه أنه بالغد سيأتي شخص اسمه "أبو عباس"، هذا الشخص يقوم بضرب أي معتقل جديد، عرف عبدالله فيما بعد ان اسمه الحقيقي ماهر، يقول: "جاء صباحاً، ضربني بشدة، اضطررت لرمي نفسي على الأرض، ووضع رجلي تحت السرير، تلقيت يومها الضرب على يدي وظهري، فقط كي أحمي رجلي المكسورة".
بعد تلك الصباحية المؤلمة، أخبره المعتقلون أنه تبقى عليه مرحلة أخيرة، وهي حضور القاضي العسكري، هذا الشخص إذا حضر يقوم بالإطلاع على آثار الضرب، إن لم تكن واضحة، يأمر العساكر بالمركز بضرب المعتقل مجدداً، رغم أن مهمته رفض أي اعتراف قائم على التعذيب خاصة بوجود آثار الضرب، نظر للأسفل وهو يبتسم، قال: "جاء دوري بعد ثلاثة أيام، حضر القاضي، وكانت آثار التعذيب واضحة على جسدي، لأن زملاء المعتقل نصحوني بعدم استخدام أية أدوية من شأنها التعجيل بمحو الآثار، لأن ذلك سيترتب عليه ضربي مجدداً، طلب أن يرى ظهري، قال: لم يُضرب كثيراً لكن لا بأس، سألني بعدها: بأي المسيرات شاركت؟ ولم كنت هناك؟ أجبته أني أعمل بالصحيفة، وكنت أغطي لهم الأحداث، فقال: دع الصحيفة تنفعك. ابتسمت لقوله، فطلب ضربي لأن ابتسامتي لم تعجبه".
قبل الإفراج عنه، قاموا بتهديده، أخبروه أنه إن قام بنشر أو تصوير أي تعذيب تعرض له أو آثار لما مر به أو وجدوا تلك الصور منشورة بمكانٍ ما سيتم إعادته للسجن وتعذيبه بأكثر مما لقي، أمضى عبدالله حسن أسبوع في المعتقل، مضت آثار تعذيب جسده، لكن روحه التي عانت في ذاك المكان، أصوات المعذبين، سياط الجلادين، أصوات النساء ليلاً وهن يعذبن الرجال، السيناريو المعاد كل يوم، استقبال سجين، تهيئته، مراقبة عذابه بعجزٍ كامل، مرور العساكر ليلاً وهم يرددون جهزوا انفسكم سنأتي لضربكم بعد قليل، وهروب ما بقي من نومٍ في الأعين الساهرة، كل ذلك الألم الموجع لأرواحهم لا يمكن نسيانه، لا يمكن تخطيه، لا يمكن غفرانه أيضاً من غير تحقيق العدالة.