الأمهات السجينات لأبنائهن: مع بداية العام الجديد تعلّموا أن حب الوطن جريمة يعاقب عليها القانون!
2017-09-10 - 11:38 م
مرآة البحرين (خاص): مَن غير الأم تقاتل كل عام وهي تستكمل تجهيزات أبنائها للمدرسة مثنى وثلاثاً وأكثر؟ من غير الأم تتابع التفاصيل الصغيرة التي لا يلتفت إليها أحد، تحرص عليها مثل ضرورات قصوى لا تقبل التأجيل؟ من غير الأم تستيقظ قبل الصبح، لتوقظ الشمس، ثمّ الجميع، تعدّ الإفطار ووجبات المدرسة، تهندّم صغارها وتسرح شعر صغيراتها، تتأكد أن كل شيء على ما يرام، قبل أن يغادر الجميع؟ من غيرها يستقبل العام الدراسي الجديد بالفرح والقلق والصخب والأمل والأمنيات؟ لا أحد غير الأم.. لا أحد مثل الأم..
ولا أقسى على الأبناء، أن يبدأ عامهم الدراسي الجديد في غياب الأم. لا غياب يشبه غياب الأم. فكيف إذا كان اضطرارياً، وكيف إذا كانت سجينة رأي أو موقف؟ أي قسوة مضاعفة تلك، وأي غصّة في قلوب الأبناء وهم يرون زملاءهم في أحضان أمهاتهم وفي عيونهم، وأي غضب يسكن وجدانهم تجاه هذه الدولة القاسية المستبدّة.
الأمهات سجينات الرأي في البحرين: ابتسام الصايغ، نجاح الشيخ، هاجر منصور، وأميرة القشعمي. لم يشأن أن يبدأ العام الدراسي الجديد دون أن يوجّهن رسائل لأبنائهن، ولكل الطلبة الذين يشبهون أبناءهم في مرارة الفقد أو الغياب، مرّرن رسائلهن، كلٌّ على حدة، من خلف قضبان السجن بشجاعة، رغم علمهن بثقل ما قد يطالهن ثمناً لهذا التمرير. فعلن ذلك ليوصلن لأبنائهن الدرس الذي لن يتعلّموه في كل صفوف المراحل التعليمية في المدرسة والجامعة: حبّ الوطن ليس مقرّراً دراسياً ركيكاً، بل تضحية قاسية وثمن باهظ.
مرآة البحرين تضع هنا نصوص هذه الرسائل كاملة دون اقتطاع، لأن كل واحدة من هذه الرسائل درس عظيم لوحده. درس يحرّكه الحب لا الواجب، درس ميدانه الواقع لا الصفوف الدراسية. درس يُخجل الاستبداد الهزيل، فرغم كل التعذيب والإذلال والتهديد والوعيد، لم ينجح أن يخمد القوّة التي تنطق من خلالها هذه السجينات، ولا الثقة التي تجعلهن أحراراً بهذا القدر، وسط عسف القيد..
رسالة الحقوقية المعتقلة ابتسام الصايغ..
دق جرس المنبه ليعلن بداية عام دراسي جديد، طلاب وطالبات البحرين يستعدون للمدرسة، ومع ثقل الحقيبة المدرسية يحملون أثقالاً مضاعفة من الهموم والأحزان. هناك من افتقد أباه، وهناك من يحلم بمفتاح الحرية ليحرر والدته، طالباً استرجاع الدفء. وهناك من يتساءل عن معنى التوصيات التي ستحقق العدالة المعطّلة، من بين هؤلاء ابني وحبيبي "محمد".
لذلك أودّ أن أقول له: صباح الخير حبيبي، استيقظ من النوم، واستعد للذهاب إلى المدرسة. لا تبك غيابي عنك هذا العام، فغداً سوف تدرك معنى هذا الغياب، ولا تستغرب التناقضات في ما يُدرس في المناهج الدراسية حول حقوق الانسان، بينما أنت شهدت واقع الانتهاكات وحرمانك من الرعاية والطفولة.
أنا اليوم بعيدة عنك بجسدي لكن قلبي معك. أطلب منك ومن جميع طلاب البحرين الاجتهاد والعمل على تحقيق التفوق الدراسي، لأن مستقبل البحرين بحاجة لكم لإكمال بنائها ومسيرتها التي نسعى ان تتحقق فيها العدالة والمساواة وعدم التمييز والأولوية لأبناء البحرين.
عام دراسي موفق للجميع..
من زنزاتي في سجن مدينة عيسى للنساء
ابتسام الصايغ
الأحد 10/9/2017
رسالة الناشطة المعتقلة نجاح الشيخ
اولادي..
ابدأوا هذا العام بشكل مختلف، فالجميع يدرك بأن حرمان الطفل من أمه هو أقسى أنواع التعذيب النفسي، لا تحزنوا عندما ترون أقرانكم فرحين في حضن أمهاتهم ويبحون لهم بما يجول في خواطرهم، وأنتم تعانون الحرمان. افتخروا بأمكم التي تم تقييدها وجرمها الوحيد هو حب الوطن.
يا أبنائي مع بداية العام الجديد تعلّموا أن حب الوطن جريمة يعاقب عليها القانون!
لا ترضخوا لهذا القانون الذي وضع القيد في أيدي أمهات همّهن الأكبر حرية الوطن، إنه واحد من أصعب الدروس التي ستتعلّمونها في واقع الحياة..
أمكم نجاح الشيخ
من سجن مدينة عيسى للنساء
10/9/2017
رسالة الناشطة المعتقلة هاجر منصور
حبايبي ..
سنة دراسية جديدة تبدأ غداً، كان بودي لو أنني معكم أتدبر شؤونكم وأتأكد من نومكم باكراً..
لكن لله أمر هو قاضيه والحمد لله رضا بقضائه..
أبارك لكم هذا العام وأطلب منكم الجد فيه والاجتهاد وتحقيق أعلى الدرجات والنسب كما لو كنت معكم، فهذا يرفع رأسي عالياً ويصبّرني، وأعرف أن فترة اعتقالي لن تذهب هدراً، لأنكم ستحققون ما يسعدني، وأنا واثقة بكم وبقدرتكم على فعل ذلك.
عام سعيد مليء بالجد والاجتهاد أتمناه لكم كما عودتموني دائماً، وأستودعكم في حفظ الله ورعايته.
أمكم المحبة دائماً هاجر..
من سجن مدينه عيسى
10/9/2017
رسالة الناشطة المعتقلة أميرة القشعمي
في أول يوم دراسي تعج أبواب المدارس بالأمهات، تتشابك الأيدي والأحلام، وتزدحم قلوبهن بالأمنيات والدعوات لأبنائهن..
ابنيّ الصغيرين، ليست يدي في يديكما اليوم، لكن قلبي يتوسطكما وأمنياتي تحفكما.
ستدخلان وحيدين يشيّعكما الغياب ويملأكما الشوق، من حقكما أن أكون إلى جانبكما، ومن حقي أن لا أفارقكما هذا الزمن كله.. لكن حقوقنا في وطننا منتهكة ومصادرة يا صغيريّ..
أميرة القشعمي
9 سبتمبر 2017