» تقارير
التنكيل الطائفي في عالم العمل
2012-04-28 - 1:43 م
مرآة البحرين (خاص): لم تعد البحرين بلدا آمنا للعمل. لم يعد لأي مسئول دور في شركته أو مؤسسته. فالأمن الوطني وأزلام النظام من باعة الضمائر أصبحوا هم الذين يديرون كل شيء. البحرين اليوم أشبه بدول المعسكر الاشتراكي المقبور حين كان عنصر حزبي صغير في الحزب الشيوعي قادرا على الإطاحة بأكبر المسئولين في شركة أو وزارة. أو شبيهة بعصر القذافي حين كان بلطجية من يسمون باللجان الشعبية يعيثون فسادا وتنكيلا كما شاءوا بأرزاق وأعناق الليبيين. أو شبيهة بدول الحزب الواحد العربية والتي كان فيها للكادر الحزبي ما يفوق قوة المدراء والوزراء. إنها بلد ينزلق إلى ظلمة مخيفة لا قرار لها مثل قاع الجحيم.
1 - يوسف الحمدان "ملك الوشاة"
إذا كان هناك وشاة في كل وزارة وشركة جعلوا من البحرين اليوم دولة شبيهة بعالم الروائي الراحل جورج أورويل في روايته (1984) التي تصور فيها عالما من الرقابة الكاملة على الفرد من الدولة ومتنبئا بالمكارثية قبل حدوثها فإن ما يميز يوسف الحمدان عن غيره أنه كان أكثر الوشاة وشاية فهو مسئول عن الإيقاع على الأقل بموظفي ثلاث جهات هي وزارة الإعلام ووزارة التربية وجريدة الأيام. طبعا هذا فضلا عن إصداره للعريضة الشهيرة التي حملت صور كل الفنانين الذين حضروا وشاركوا في فعاليات المعارضة مطالبا بحرمانهم من أي عقود فنية.
ولا يوجد انتهاك لحقوق موظفين في هذه الجهات سواء بالسجن أو بالفصل أو بالتعسف إلا ويرد فيه اسم يوسف الحمدان. مؤخرا وكعادة الإنسان حين يعود إلى ضميره المعذب خاصة أن يكون له مكانة وتاريخ وكان مثقفا وكاتبا إنسانيا يوما ما كيوسف الحمدان طالما غذت مسرحياته وأفكاره جيلا من المنشقين عن/وعلى الثقافة الاستبدادية، فقد عاد يوسف الحمدان يطلب النسيان من الزملاء دون اعتراف منه بما اقترفه بل بإنكاره ذلك. المشكلة مع يوسف الحمدان أنه بسجيته المعتادة وربما لصراحة متأصلة فيه لم يستطع يومئذ إخفاء حقده وتشفيه بمن تعرض للأذى من المعارضة.
ويروي البعض عن واقعة اعتقال رفاقه في العمل من موقع عملهم بوزارة التربية والتعليم (إدارة الأنشطة والخدمات) وكيف كان يوسف الحمدان شامتا وسعيدا باقتياد زملائه إلى المعتقل. أما إحدى الإعلاميات بتلفيزيون البحرين التي اقتيدت إلى مركز شرطة النعيم فقد قيل لها صراحة أن من وشى بك هو زميلك يوسف الحمدان.
2 - اسماعيل الحكيم: مدير مساعد في مدرسة الغزالي
إرهاب المديرين
ثلاثة عشر مدرسا من مدرسة الإمام الغزالي فصلوا دون أن يكون لهم أي علاقة بالأحداث من قريب أو بعيد ولم يعد منهم ولا مدرس لموقع عمله بالمدرسة. كل تهمتهم وشاية من مساعد مدير عديم الضمير اسمه إسماعيل الحكيم. لا يزال هذا المساعد حتى هذه اللحظة سيفا مسلطا على كل المدرسين من الطائفة الأخرى ويقدم تقارير منتظمة عن زملائه بالعمل مليئة بالوشايات وفبركة الأكاذيب واختراع القصص عن المخالفات وأصبح حتى اللحظة شبحا مرعبا لكل موظف بالمدرسة بما فيهم مدير المدرسة الأعلى منه مركزا.
3 - خالد الصباغ مدير التسويق بشركة نفط البحرين بابكو
إصرار على رفض عودة المفصولين وإذلال المرجعين
علي الرغم أن شركة بابكو (نفط البحرين) كانت أولى الشركات الكبرى مبادرة في إرجاع المفصولين لا لإنسانية طارئة في نفوس مسئوليها ولا لرغبة في تصحيح جرائم المكارثية بل لأن في هذه الشركة سيكون الثمن مكلفا جدا لو تم تغيير الموظفين اعتباطا وقد جربت بابكو وفشلت في إحلال أجانب أو موالين تم اختيارهم عشوائيا ليحلوا محل المفصولين بسبب دقة وخطورة العمل في بابكو. ولكن لأن أمر الإرجاع في الشركات الكبرى والوزارات ومثله تصحيح كل الانتهاكات في البلاد لم يأت عبر سياسة شاملة تريد تطبيقا فعليا وصحيحا لتوصيات بسيوني بل ترك لكل شركة وكل مسئول يتصرف كيفما شاء فإن بإمكان موظف أيا كان مركزه صغيرا أم كبيرا بأن يحدد من يعود ومن لا يعود.
وفي شركة بابكو (نفط البحرين) يوجد حتى الآن نحو 60 مفصولا لم يرجعوا بعد، أكثر من نصفهم يقعون ضمن إدارة خالد الصباغ مدير التسويق بشركة بابكو. ولم يكتف هذا المسئول بعدم إرجاع المفصولين في دائرته بل يحرض مجموعة من الموالين على استفزاز المفصولين المرجعين في دائرته بالشتائم والتصرفات غير الأخلاقية بما فيها استعراض العورات أمامهم استفزازا لهم خاصة وأنهم منذ رجعوا وهم واقعون تحت تهديد الإنذار النهائي الذي وقعوه بديلا عن الفصل وهو يجعل العامل تحت رحمة هؤلاء فيما لو أبدى أي اعتراض تحت طائلة الفصل. ومن ناحية أخرى يقوم غسان مهنا مدير الموارد البشرية وفريق من العاملين معه منهم مسئول من عائلة (البنخليل) بالشركة بالتحريض على إنشاء نقابة صفراء موالية للشركة قوامها أحادي الطائفة مع تهديد صريح لكل من لا يقبل الانسحاب من النقابة القائمة بتعريضه إلى التعسف وصولا إلى الطرد من العمل أو الاستهداف بالتعسف.
4 - مصطفى عبدالعزيز طاغوت وزارة الثقافة
إهانة المرجعين وهضم حقوقهم
فصلت وزارة الثقافة نصف دستة من موظفيها على خلفية مشاركتهم في حراك 14 فبراير أو لمجرد تعبيرهم عن آرائهم أو ببساطة لانتمائهم العقائدي. وحين أصدر رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد الزايد أمرا بإرجاع مفصولي الوزارات الحكومية مع بدء العام الحالي 1 يناير 2012 تلكأت وزارة الثقافة حتى بادر أحد الموظفين بصدق ضمير ووطنية مجردة من الهوى الطائفي بالإلحاح على مسئولي الوزارة بالاتصال بالمفصولين وإرجاعهم. وبعد عودة المفصولين مؤخرا فقط ومع أن مسئولية موظفي الوزارة تحت إدارة المديرة "سحر مطر" إلا أن موظفا صغيرا هو "مصطفى عبد العزيز" ترك له أن يعبث كيفما يشاء بحقوق الموظفين المرجعين بتعطيل رواتبهم وإلغاء مكاتبهم ومناصبهم بل وإذلالهم بالرد عليهم باستهزاء واستفزاز كلما طلبوا منه معرفة مآل أوضاعهم الوظيفية.
5 - خالد القديري
مستثمر كويتي حائر في البحرين بين مطرقة الضمير وسندان الطائفيين
لم يكن الرجل الطيب خالد القديري رئيس مجموعة فولاذ لصناعة الحديد والصلب أكثر من مستثمر طموح يحب البحرين حبا جما عبر عنه لرفاقه الكويتيين ونقل عنه قوله البحرين بلد متميز عن كل منطقة الخليج بوجود كفاءات وطنية راغبة ومحبة للعمل.
خالد القديري |
وحين هبت موجة الفصل من العمل بأمر خليفة بن سلمان شخصيا بدءا من إبريل 2011 مبتدئة بشركة خدمات مطار البحرين (باس) وصولا إلى كل المؤسسات الحكومية والخاصة، قاوم خالد القديري بشجاعة نادرة الضغوط التي لاحقته إلى دولة الكويت طالبة منه فصل الشيعة لأنهم خونة ومتآمرون، حتى وصل الأمر إلى تشويه صورته في صفحات التويتر كصفوي وخائن ومتآمر مع الشيعة خاصة بسبب لقبه الذي يقرأ بالغين مرة وبالقاف أخرى.
غير أن مقاومته لم تستطع مواصلة صد المحاولات الطائفية القذرة والتي لعب فيها كل من نائب منطقة الحد البرلماني غانم البوعينين وفريق الفرز الطائفي داخل الشركة دورا بارزا فكان أن قام هذا الفريق بشكل ذكي بوضع غطاء قانوني لفصل الموظفين الشيعة من خلال إما عدم تجديد من انتهى عقده المؤقت أو فصل من هم في الشهور الثلاثة الأولى التي تعتبر فترة تجربة حسب قانون العمل وبقيت الوجبة الأخيرة من الفصل والتي استغلت تعرض إحدى شركات المجموعة لخسائر أدت إلى إغلاقها فتم تحويل بعض موظفيها إلى شركات المجموعة الأخرى وفصل المغضوب عليهم ليكتمل عقد الفصل الطائفي بنحو 100 مفصول كلهم من طائفة واحدة.
أما من تبقى من هذه الطائفة في شركات المجموعة ولم يفصلوا فقد استهدفوا بإلغاء الترقيات والمكافآت والحوافز.
كل ذلك لتشويه سمعة هذا الرجل والذي بوصفه ضمن الإدارة العليا يترك المهام التنفيذية بشكل روتيني لإدارته الوسطى دون تدخل مباشر في شغلها وهو أمر طبيعي في الإدارات المحترمة لكنه بالطبع كارثة في الإدارات الطائفية التي تتلقى أوامرها مباشرة من المخابرات ومن الطائفيين.
ومع عودة المفصولين في العديد من مواقع العمل بسبب ضغوط منظمات حقوق الإنسان وجدت إدارة الفصل الطائفي في هذه الشركة عذرها في أنها لم تفصل موظفيها كما فعلت الشركات الأخرى بل قامت بإجراء قانوني.
كانت المفاجأة التي دهش لها الرجل أن من ائتمنهم على إدارة شركته لعبوا في أرزاق الناس يمينا وشمالا وفصلوا خبرات مميزة أقر المسئولون الأجانب بكفاءتها.
أصدر الرجل أمره بتصحيح ما حدث لكن فريق الفرز الطائفي والذين يقودهم في الشركة أحد موظفي الإدارة التنفيذية وهو علي عبدالله فخرو والذي يسير للأسف بعكس اتجاه والده الشيخ المناضل والوطني الراحل عبدالله فخرو يقاومون أية محاولات للتصحيح ومن واقع نحو مائة مفصول يريدون إرجاع بضع عشرات بعقود مجحفة وظروف تضطر المرجعين لعدم القبول. ومع هذا الفريق الإداري الطائفي يوجد عدد ممن باعوا ضميرهم لشيطان الإقصاء والطائفية يقودهم الموظف بالشركة خالد القوتي الذي كان أحد مرشحي المجلس البلدي لأولى المحافظة الوسطى والذي رفع عريضة طائفية تطالب الشركة بعدم إرجاع أي موظف من الطائفة الأخرى المفصولة أو من يسميهم الخونة. وبرغم أنه ليس في دائرة المسئولين إلا أن وضعه يذكر بالدول الشمولية التي يكون فيها لموظف صغير على صلة بالأجهزة الأمنية قوة تفوق من هم أعلى منه مركزا ورتبة.
بعد تذمر من إجبار وزارة العمل لإدارة الشركة على إرجاعهم تتفنن إدارة الشركة في وضع شروط تجعل الرفض يأتي من قبل العامل نفسه. تعرض عليهم عقود مدتها سنة واحدة فقط وتعطي بنودها الحق لصاحب العمل في أي لحظة طرد العامل دون أسباب وتعرض على المهندسين المؤهلين وظائف إشرافية برواتب مرؤوسين إمعانا في استفزاز المرجعين.
هذه مجرد صورة من واقع مشهد كامل من الصور التي تتكرر في بحرين اليوم حيث تنزلق البلاد شيئا فشيئا إلى ظلمة الدكتاتورية وحيث التعليم والرزق والخدمات الصحية والإسكانية تخضع لمعيار واحد هو ما إذا كان المواطن من جماعة الدوار أم من غيرها.
وهكذا مثلما وجد المسئولون الأجانب في شركات النفط والمصارف والجامعات أنفسهم في حيرة وهم يرون جهاز الأمن الوطني يفصل أفضل موظفيهم برغم إرادتهم كمسئولين يجد خالد القديري نفسه اليوم ومعه عدد من المسئولين الأجانب من لاتينيين ومصريين أنفسهم في حيرة وهم يرون محددات الاختيار في التوظيف والفصل لا علاقة لها بالكفاءة والخبرة والمؤهلات بل بالانتماء السياسي والعقائدي.