وقائع التحقيق مع الحقوقيين… اقرأ شهادات الذين تم تعذيبهم في الطابق 3 بمركز المحرق
2017-06-10 - 10:21 م
مرآة البحرين (خاص): هل تريد ملاذاً آمناً يعفيك من العقاب أياً كانت جريمتك؟ اذهب إلى البحرين. مثلاً تستطيع أن تعذّب معارضي النظام أو تشي بهم حيث سيتم اعتقالهم على الفور أو حتى تَقتل. إذا أتقنت فعل ذلك طبقاً لموازين القوّة السائدة والتي تشيطن الشيعة فسوف تكون بخير.
"انتهى زمن حقوق الإنسان" هذه واحدة من العبارات الأثيرة التي يحلو للمحققين الأمنيين في وزارة الداخلية تكرارها في الآونة الأخيرة أمام النشطاء السلميين في غرف التحقيق تعبيراً عن اطمئنانهم إلى أنهم لن يتلقوا أية محاسبة. خلال الفترة التي أعقبت لقاء الملك البحريني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرّياض أواخر شهر مايو/ أيار الماضي اعتقل طلب من العديد من النشطاء والحقوقيين المثول للتحقيق معهم في المراكز الأمنية. وهناك جرى تعذيبهم وتهديدهم بما في ذلك تعريضهم إلى الصعق بالكهرباء.
في واحدة من الحالات جُردت إحدى الحقوقيات من كل ملابسها وتناوب على ضربها أفراد من الشرطة النسائية ورجلان. كما تعرضت إلى التحرش الجنسي وصبّ الماء البارد فوقها من أجل دفعها إلى الإفصاح عن معلومات عن زملائها. في حالة أخرى أحضرت لحقوقي صورة زوجته وتم تهديده باغتصابها ما لم يقم بالإفصاح عن معلومات مماثلة والتوقف عن مزاولة مهمّة الرصد الحقوقي في الجهة التي يعمل معها. " لن يسمعك أحد هنا لذا فالأفضل لك هو أن تتعاون معنا". كان هذا كلام أحد المحققين الذين تناوبوا على ضربه له. "مرآة البحرين" حصلت على شهادات أربعة من الحقوقيين والمغردين الذين تم استدعاؤهم في الفترة الأخيرة. وهي تكشف وقائع التحقيق معهم وتعذيبهم أثناء استجوابهم في مبانٍ تابعة إلى وزارة الداخلية البحرينية. فيما يلي التفاصيل:
حادثة تعذيب 1
وصلت الطابق الثالث من مجمع المحرّق الأمني بعد أن تلقيت استدعاءً يطلب مني المجيء. قبل ذهابي كنت قد استشرت بعض الجهات الحقوقية التي أثق فيها والتي نصحتني بعدم إخبار أحد عن قصة الاستدعاء حتى أعرف سببه. كانت قناعتي هي العكس؛ لكن رغم ذلك فقد عملت بنصيحتهم وتوجهت للمجمع الأمني.
أدخلت على المحقق الذي كان يدخّن بشراهة. بدأ حديثه لي بالقول إنه على علم بنشاطي الحقوقي ثم ما لبث أن سألني تحديدا عن علاقتي بـ(...)
ناولني قلماً قائلاً ارسم لي رسماً بيانياً لهيكل (...) وهمّ بالخروج من الغرفة. رفضت ذلك وطلبت حضور المحامي.
هنا في هذه اللحظة أدركت خطأ النصيحة الحقوقية التي تلقيتها بعدم إخبار أحد عن استدعائي.
لم يمرّ وقت على رفضي رسم الهيكل الذي طلبه؛ حتى دخل عليّ في الغرفة رجل مفتول العضلات. باشر عملية ضربي في وجهي وظهري وركْلي في كل أنحاء جسمي. ثم بعد ذلك دخلت الغرفة أيضاً مجموعة أخرى وتناوب أفرادها على تسديد اللكمات لي وتعريضي إلى الصّفع والسحل.
قلت: ماذا تريدون؟
قالوا: نحن نريد الخير لك. لن يسمعك أحد هنا؛ لذا فالأفضل لك هو أن تتعاون معنا. انتهى زمن حقوق الإنسان.
وسرعان ما عاودوا تعذيبي ثانية؛ ولكن هذه المرة عن طريق الصعق بالكهرباء في المواضع الحساسة. أحدهم كان يضربني بكعب البندقية في ظهري ومن خلف رقبتي.
قال لي (...) وهو شخص طويل ووسيم يتحدث بلغة هادئة: لن نؤذيك إذا تعاونت. إما أن تساعدنا بالمعلومات أو سترمى في السجن بقضية.
أثناء التعذيب أتوا بصورة لزوجتي وهددوني باغتصابها.
ثم مرّة ثالثة عاودوا ضربي وصعقي بالكهرباء إلى أن أنهكت وقررت الاستجابة. رسمت لهم هيكلاً تفصيليا حول العاملين في (...) وأخبرتهم عن ما أعرف عن (...)
قضيت ثماني ساعات في غرفة التحقيق وحين خرجت كان كل جزء في جسمي منهكاً يشكو الألم. حتى اليوم تلازمني نوباته.
قالوا لي أثناء التحقيق بأنهم لن يأتوا لي مجدداً في حال توقفت عن الرصد الحقوقي. غير أنني ما أزال خائفاً من الانتقام مني مجدداً.
حالة تعذيب 2
وصلت مركز (...) بعد أن تلقيت استدعاءً. لم أكن على علم بماذا ينتظرني هناك أو السبب.
فور دخولي عاجلني المحقق قائلاً: لديك خياران. الأول هو الاستمرار في العمل السياسي بنفس الطريقة مع تزويدنا بالمعلومات عن تحركات الجهات السياسية. الثاني هو تلفيق قضية أخلاقية عليك وكشف علاقتك مع (...) لزوجتك
أجبت قائلاً: لا أقبل بالوشاية والتخابر ولدي رؤية واضحة لا أخفيها.
قال: لدينا عناصر في كل الجهات السياسية، يعملون معنا ويقومون بتزويدنا بالمعلومات فلا تقلق. عرض علي مبلغ 1500 دينار مع وعد بمضاعفته بعد فترة.
كررت رفضي فغضب وخرج من الغرفة.
دخل علي الفلامرزي وباشر ضربي ضربا قاتلا في بطني وفي المواضع الحساسة. قام بتعصيب عيني وأخذي في سيارة لمكان آخر شعرت أنه في وسط سوق المحرق. لكن لا يمكنني الجزم بذلك.
هناك تم تجريدي من ملابسي وضربي وجلدي. كما تم تكبيل رجلي وصب الماء البارد علي.
طلب مني ضابط من عائلة المعاودة بمراقبة (...) و (...) والإكثار من التواجد يوم الاثنين في نادي الخريجين لمراقبة الوضع.
رفضت كل ذلك ولكني تعهدت لهم بتجميد تصريحاتي وظهوري في الإعلام والتغريد والعمل السياسي بصورة عامة.
حالة تعذيب 3
وصلت مركز (...) كنت مضطرباً.
بعد الانتظار لفترة تمّ إدخالي إلى غرفة التحقيق. لحظت وجود كاميرات تصوير في الغرفة. ظننت أن ذلك يمكن أن يحميني.
بدأ التحقيق معي بشكل مباغت. كانت صفعة قوية على أذني.
قال لي: نعلم أنك تصور وصورك تصل لموقع (...)
ثم واصل ضربي وشتمي وإهانتي. في هذه الأثناء دخل الغرفة رجل طويل وسيم أبيض وهادئ يدعونه "أبو علي"
قال: وضعك سيتغير للأحسن. لا مانع لدينا من استمرارك في التصوير لأي جهة. ولكن نريد منك أن تزودنا بكل الصور. أعدك بهدية الليلة وقدرها 1000 دينار وهدية شهرية قدرها 700 دينار.
رفضت فحاول إقناعي مجددا. وعند تكرار رفضي خرج ودخل عقبه شخص قاسٍ عديم الرّحمة.
بدأ صعقي بالكهرباء في المنطقة الوسطى. بعد فترة من الضرب والركل والتعذيب جلب لي صورة ابنتي.
قال: فكر في بنتك قليلاً.
قلت: أعطوني فرصة أسبوعين للتفكير ثم سمح لي بالخروج. كنت مضطرباً جدا.
حالة تعذيب 4
وصلت إلى مركز المحرق برفقة المحامية (...) تم إدخالي غرفة في الطابق الثالث. كانت فيها محققات من الشرطة النسائية ورجلان. بدأوا بوضع كيس قماشي أسود على رأسي.
ثم باشروا التحقيق معي حول عملي الحقوقي ومجموعات الدردشة الفورية التي أمتلك عضوية فيها كـ"واتس اب".
قلت: هذا هاتفي، لست عضوة في مجموعات "واتس اب" عدا العائلية.
في الحال انهالت الصفعات على وجهي.
تناول أحدهم ماسورة "هوز" وقام بضربي بقوّة إلى أن سقطت على الأرض. أخذت امراة ترفسني وتستهزئ بي مستخدمة ألفاظاً ذات صبغة مذهبية: ابنة متعة، صفوية، مجوسية.
لم أقوَ على الوقوف فصبّوا عليّ ماءً بارداً. ثم فجأة أخذوا يجردونني من ملابسي كنزع تنورتي وحافظة الصدر وحجابي.
أخذ أحدهم يتحرّش بي فصرخت: يا الله... يا الله... يا الله
فراح يصفعني بقوّة. أما زميله فقد قام بجرّي.
وافقت على الاستجابة لطلبهم. أخبرتهم بالمعلومات العامة التي أعرفها عن الحقوقيين.
قضيت ست ساعات هناك. طلبوا مني التعاون معهم عند اللزوم. وقعوني على ورقة للحضور إلى المركز عند الطلب.