لا ناشطين بحرينيين في جنيف 2017: هل يحتاج مجلس حقوق الإنسان إلى دليل آخر؟
2017-04-30 - 5:10 ص
مرآة البحرين (خاص): 5 سنوات مرّت على إصدار الأمم المتحدة 176 توصية لحكومة البحرين، من أجل إصلاح حالة حقوق الإنسان المزرية. بلد، كان ولا يزال، ينهشه التعذيب والقتل وانتهاك الأعراض والفصل من الأعمال والاضطهاد الطائفي.
منذ 14 فبراير/شباط 2011، والبحرين قد تحوّلت إلى دولة بوليسية مكتملة الأركان، غصّت سجونها بالمعتقلين السياسيين، وحاصر العسكر شوارعها واحتل حتى مشافيها. حتى مساجد الغالبية الشيعية لم تسلم من آلة الهدم والتدمير.
في مايو/أيار 2012، سقطت الحكومة في امتحان حقوق الإنسان العسير، في مبنى الأمم المتحدة. بدا سقوطا مدويا، إدانات قاسية على الملأ، وتوصيات محرجة جدا، وصلت إلى 176، قدّمتها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، خلال الاستعراض الدوري لسجل البحرين.
لم يكن في هذا السجل، غير الجرائم، والانتهاكات الفظيعة. فعلى مدار أكثر من عام، كان عمل السلطات على الأرض لا شيء سوى القمع والسحق، وإخماد أي نفس مناوئ للنظام، بعد الاحتجاجات التاريخية الضخمة التي هزّت بشكل فاقع شرعيته، والثقة في استقراره.
أضيفت هذه التوصيات، إلى توصيات تقرير بسيوني، لتتشكل الصورة الأكثر درامية عبر 5 سنوات: البحرين تحت الضغط الدولي، وألزموهم بما ألزموا به أنفسهم!
ربما لم يملأ الناس التفاؤل بالمجتمع الدولي يوما، لكن ما حدث في جنيف يومئذ عدّ انتصارا، ينتظر أن يسجّله التاريخ. كان كل شيء واضحا، ولم يكن هناك مساحة للتهرّب. كان على الحكومة أن تنردع فورا، لكن شيئا لم يحدث!
بدل أن يتوقّف كلّ شيء، بلغت الأمور التراقي. جاء موعد المراجعة الدورية الثالثة، بينما تعيش قرية كاملة تحت حصار مطبق على مدار الساعة، وفي حين يقبع زعيم المعارضة السياسية في السجن، أجهزت السلطات على جمعية الوفاق المعارضة التي كانت الشريك الرئيس في الوصول إلى حل سياسي، وزجّت بالحقوقي الشهير نبيل رجب إلى السجن دون أية أسباب.
لم يكن عبثا أن رفضت السلطات كل توصيات جنيف المتعلّقة بإلغاء حكم الإعدام قانونيا. لقد جاء الوقت لاستخدامه، وفضلا عن إعدام 3 شبّان معارضين لأوّل مرة منذ 20 عاما، وصلت عمليات الاغتيال والقتل خارج إطار القانون إلى عرض البحر، وعلى مدار هذه السنوات الخمس نال الرصاص عشرات الشبّان والفتيان.
في يونيو/حزيران 2016، وفي جولة جديدة أريد لها أن تكون الأخيرة، وصل الهجوم إلى عتبات المرجع الديني الأعلى، والزعيم الروحي للشيعة في البحرين، آية الله الشيخ عيسى قاسم. أسقط الملك الجنسية عنه، وقدّم للمحاكمة، إمعانا في الانتقام والسحق والتدمير. منذ ذلك الوقت، والبحرين على صفيح ساخن. وبين حصار مفتوح، واعتصام مفتوح، نفّذه آلاف الشبّان لحماية الشيخ عيسى قاسم، تنتظر البلاد لحظة انفجار.
في 2012، كتبت «المرآة»، أنه لم يعد أحد يصدق حكومة البحرين. كانت صرخات الناشطين وضحايا التعذيب والانتهاكات هي ما يضج في قاعات جنيف حينئذ، وكان الأمل معقودا على أن يتغيّر شيء ما، بعد أن صار كل ما يحدث برسم المجتمع الدولي، الذي اعترف بواقع ما يجري.
لم تبحث السلطات عن أي حل خلال هذه السنوات الخمس، لم تسع سوى إلى الوصول للضربة القاضية، مهما كان من المستحيل تبريرها. ويوم غد، تستعرض الأمم المتحدة أوضاع حقوق الإنسان في البحرين بعد 5 سنوات حافلة بالإعدام والقتل وانتهاك الأعراض وآلاف الاعتقالات السياسية ونزع الجنسيات عن كل متّهم بالوقوف ضد النظام. ماذا بوسع مجلس حقوق الإنسان أن يقول مجدداً، بعد تلك الـ 176 توصية.
ربما تكون البحرين اليوم أبرز دليل على أنه، لم يعد بمقدور أحد اليوم أن يثق في المجتمع الدولي، ولا في قدرته على إحداث أي تغيير سلمي للصراعات السياسية، أو حتى مصداقيته في تحقيق ذلك، وسط التقلّبات السياسية المثيرة للسخرية، على الساحة الدولية كلّها.
لن يحضر أحد من البحرين إلى جنيف يوم غد، كل تلك الأصوات التي كانت هناك قبل 5 سنوات، والتي طالبت الأمم المتحدة علنا بحمايتها، ستختفي يوم غد. واحدا واحدا، منعتهم السلطات البحرينية بكل جرأة، من السفر إلى جنيف. هل يحتاج مجلس حقوق الإنسان دليلا آخر؟