ملحمة «الأسطورة» رضا الغسرة: من تنظيم 14 فبراير وحتى «الهروب الكبير» نحو الحريّة… ثم الخلود!
2017-02-11 - 5:54 م
محطات الشهيد رضا الغسرة (الخط الزمني)
مرآة البحرين (خاص): الأسطورة... هكذا عرف البحرينيون الشهيد رضا الغسرة (29 عاما). الشاب، الذي فاق مجموع أحكام سجنه أكثر من 100 سنة، كان لا يرى نفسه إلا حرا. نجح في الهروب من السجون البحرينية المُحكمة 3 مرات، كان آخرها قبل مقتله بشهر.
زجّت السلطات باسم رضا الغسرة في خلية تضم 61 شخصا اتهمتهم بتأسيس تنظيم 14 فبراير، بعد أن اعتقلته في العام 2012. ومن سجن التوقيف بالحوض الجاف (8 مايو/أيار 2012) تمكّن الغسرة من الهرب لأول مرة، قالت الداخلية حينها إنه هرب متنكرا بعد زيارة عائلية.
بعدها بحوالي 6 أشهر، حاولت قوات مدنية اغتياله، بعد أن أطلقت النار على سيارة كان يستقلها هو ورفيقه عقيل محسن من مسافة قريبة. تمكّن الغسرة من الهرب إلا أنه أصيب برصاصة في كتفه استخرجها بنفسه لاحقا، فيما اعتقلت السلطات محسن بعد تعرضه لإصابات خطيرة أدت إلى تهتك وجهه نتيجة إصابته بالرصاص الإنشطاري.
ظلت الاستخبارات الأمنية تلاحق الغسرة حتى تمكنت (24 مايو/أيار 2013) من اعتقاله. انتشر حينها تسجيل للغسرة وهو يتعرض للتعذيب لحظة اعتقاله، قامت القوات التي اعتقلته بتصويره وهو مقيد من الخلف وملقى على ظهره.
ادعت النيابة أن الغسرة كان يحمل سلاحا وذخيرة أثناء اعتقاله، وأنه كان بصدد إطلاق النار، واتهمته بالتورط في حوادث "إطلاق نار على دوريات أمنية والتعدي عليها، وتفجير إحدى السيارات بمواقف المرفأ المالي".
لن تنقل القوات الغسرة لسجن التوقيف في الحوض الجاف هذه المرة، خلافا للمعتقلين على ذمة التحقيق، تم نقله إلى سجن جو المركزي، خوفا من هروبه مجددا.
وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة في السجن المركزي، إلا أن الغسرة هرب فعلا. في (21 أبريل/ نيسان 2014) تمكّن من الهروب عبر فتحة التكييف لزنزانة أخرى ثم خرج من نافذة بعد أن نشر قضبانها الحديدية، وقام شخص بنقله في قارب، كما أعلنت الداخلية.
انتقاما منه قامت قوات النظام باعتقال والده وشقيقه، في حين أصدر وزير الداخلية قرارا بنقل مدير سجن "جو" وتشكيل لجنة تحقيق في ظروف حادثة الهروب.
بعد يومين فقط أعلنت الداخلية أن منتسبيها تمكنوا من القبض على الهاربين من سجن جو المركزي أثناء اختبائهم بمنزل في منطقة سار ومعهم مجموعة من "المطلوبين أمنيا"، كان أبرزهم الشهيد الغسرة.
هذه المرة سيقضي الغسرة سجنه في زنزانة انفرادية، إلا أنه في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014 سيعلن إضرابه عن الطعام احتجاجا. اضطرت سلطات السجن للاتفاق معه على فك الإضراب مقابل نقله لعنبر عام لإحياء مناسبة عاشوراء، ومن ثم إعادته إلى حبسه الانفرادي.
مع مطلع العام 2017 أعلنت وزارة الداخلية عن فرار 10 أشخاص من السجن. كان الجميع متيقنا من أن الغسرة أحدهم، فهو لم يُخلق ليكون في السجن. أدى هروب الغسرة هذه المرة لإحالة مدير السجن واثنين من كبار المسؤولين في وزارة الداخلية إلى التحقيق.
نشرت القوات الأمنية نقاط التفتيش في كل أرجاء البحرين بشكل غير مسبوق، بحثا عن الغسره ورفاقه، ما أدى لإرباك حركة السير في الشوارع العامة لأكثر من أسبوع، وداهمت القوات العديد من المناطق إلا أنها فشلت في العثور على الهاربين.
الخميس (9 فبراير/ شباط 2017) كتب الغسرة آخر فصول روايته، لقد هرب هذه المرة ولكن نحو الشهادة. قالت الداخلية إنها لاحقت في البحر أشخاصا كانوا ينوون الفرار من البلاد، وبين أن تعتقل الغسرة مجددا أو أن تقوم بقتله، توهّمت أنها عبر رصاصاتها الغادرة، والتي فشلت أن تنال من الغسرة منذ 4 سنوات، ستضع حدا نهائيا لاسمه وأسطورته...
تماما مثل أسطورة جلجامش... لم يكن البحر لرضا الغسرة سوى محطة، في ملحمة البحث عن الخلود!