حملة مستمرّة في البحرين على الأمير الأردني زيد بن رعد: منّا وينبغي أن يغنّي لنا
2016-09-16 - 2:22 م
مرآة البحرين - خاص: تريد أن تضحك؟ اقرأ الصحف الحكومية في البحرين هذه الأيّام. فيما تتعرض الحكومة إلى الشرشحة في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف وفي البرلمان الأوروبي، ويتم إدراج انتهاكاتها لحقوق الإنسان في مصاف دول فاشلة كاليمن وسوريا، يختار الإعلام الحكوميّ أن يردّ بتذكير المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد بأصله العربي. أنت عربي وأردني وهاشمي فإذاً ينبغي أن تمسك طبلة وتمشي معنا.
هكذا ببساطة: معنا في سجن شعبنا وفي قتل المعارضين في السجون وسحب جنسياتهم وطردهم من البلاد! هذا ملخّص ما يدور في صحف "التابعية" الحكوميّة الأربع على مدى يومين منذ أن دعا المفوض السامي البحرين لتنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان، مذكراً إياها بـ"النتائج الكارثية لمحاولتها طيلة العقد الماضي سحق أصوات الشعب".
كاتب مثل رئيس تحرير صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية أنور عبدالرحمن والذي ترافق العجمة لسانه كما يرافق الطفل الوليد أمه؛ حيث تختلط عربيته المكسرة بالفارسية بناءً ولحناً، بينما يكتب افتتاحياته باللغة الإنجليزية قبل أن يعاد ترجمتها وإعدادها إلى النشر بالعربية لعجزه عن الإنشاء بالعربية. كاتب مثله يمكن له نقد أداء الأمير الأردني في أي شيء يتعلق بإدارته أعلى هيئة حقوقية على مستوى العالم. وله أن يتوسّع ويذهب في ذلك أبعد حد. اللهم عدا عربيته فهذا من الأساس "كعبه الأخيل"! لكنه عبثاً اختار الجانب المظلم الذي يمثل ما يفتقر له هو بالذات.
الشيء الوحيد الذي استوقفه وأثار دهشته هو أن الأمير زيد عربي. قال في افتتاحية الصحيفة "ما يدهشنا هو أن المفوض السامي الحالي لمجلس حقوق الإنسان، هو عربي ومن أبناء المملكة الأردنية الشقيقة".
"عرّة" عبدالرحمن كما نقول في العامية البحرينية والعربية الفصيحة على السواء والتي تُحوّل على "ما يعتري الإنسان من الجنون" معطوفاً عليها قدرا من السخرية، لا تضاهيها إلا "عرّة" سعيد الحمد، الكاتب ورئيس قسم الرأي في صحيفة "الأيام" والتي ذهب فيها إلى ما هو أبعد.
فإذا كان الأوّل أثار دهشته كون الأمير زيد عربياً فإن الثاني حسم أمره نهائياً. فالأمير هذه المرّة أصبحت لديه ميول فارسية. يقول الحمد في مقال "زيد بن رعد مال إلى حيث مالت رياح القاعات المغلقة والممتلئة بخطابات التحريض ضد الخليج العربي وضد دوله والمعبأ برائحة فارسية تزكم الأنوف". وراح يذكره بضرورات استعادة ولائه العربي على وجه العجل "الولاء للعروبة التي يمثل الأردن أحد أهم أركانها أهم وأبقى لك من مناصب زائلة".
أما وولاؤه ما يزال يترنّح بين "الفرس" ودول الغرب التي أتت به إلى المنصب "في لحظة بحث عن الذات أضاع فيها ذاته العربية وذاته الأردنية"، فليس لدى الحمد حالياً للأمير زيد سوى دعوته لقراءة الشعر: "لقد أوردتها يا زيد وأنت مشتمل، ما هكذا يا زيدُ تورد الإبل". يقول الحمد "تذكر هذا البيت من الشعر الذي ذهب مثلاً، وحاول أن تأخذ العبرة منه، لعلك تهدأ يا زيد".
"عرّة" الحمد لا تقف عند هذا الحد. فهو يطالب الأمير زيد بإدارة هيئة دولية تابعة إلى الأمم المتحدة طبقاً للإجماع الوطني في الأردن والبحرين. تماماً كما لو كان مجلس حقوق الإنسان، وهو هيئة دولية مؤلفة من 47 دولة، شركة ورثها عن أبيه. إذ يتساءل في مقالته "فكيف عنّ لك يا زيد الخروج عن الاجماع الوطني في الأردن وفي البحرين وإطلاق مثل هذه التصريحات؟". تضحك أم تبكي؟ انتظر، هاك ما هو أدهى.
صلاح الجودر، رجل الدين وعضو حملة "هذه هي البحرين" للعلاقات العامة الحكومية لديه حجّة "قنبلة" ستفتق الأمير زيد نصفين! ما هي؟ يقول في مقال نشره في نفس الصحيفة "هو أحد أفراد العائلة الهاشمية المالكة بالعراق قبل الانقلاب العسكري عام 1958". ها أنت ترى بالتمادي كيف تستشري "العرّة" وتتمدد. وها نحن أولاء قد وصلنا إذاً إلى درس في تاريخ خمسينات القرن الماضي. حسناً، فماذا يستوجب ذلك؟
لنستمع إلى الجودر "كم يؤلم الفرد حين يتحدث عن قريب يحاول الإساءة لوطن عروبي وهو من أصل العرب". فما دام من أصل العرب فإن المطلوب إذاً هو أن يحمل ربابة ويعزف. ولا يهم أأساء الممدوح أم أحسن. لكن اطمئنوا، لدى الجودر بشارة. هو متفائل جداً على عكس سلفيْه رئيس "أخبار" الخليج" ورئيس الرأي في "الأيام". إذ يؤكد بأن الأمير زيد "هو الأقرب للدول العربية، وانتماؤه العروبي هي السمة البارزة فيه، ومهما حاول الابتعاد عن هذا الانتماء فلن يستطيع، بل سيعود في نهاية المطاف إلى حظيرة الأمة العربية". حالياً، فإن الجودر يشك في انتماء الأمير زيد، ولكن يقينه أن "الولد الضالّ" سيعود في النهاية. "إن المفوّض السامي زيد ابن الحسين كان وسيبقى عروبيًا، وهذا المنصب الأممي إنما هو لإحقاق الحق". الحمد لله، طمأننا.
إلى هنا يتوقف درس التاريخ؛ ولكن كي يفسح المجال إلى ولادة علم النفس. وهذه المرّة تتصدّى افتتاحيّة صحيفة "الأيام" لشرح هذه "العرّة". فهي ستتفنن في الغوص في أعماق النفس البشرية للأمير زيد. ستشق قلبه لمعرفة ماذا يشغله الآن، وما الذي يستولي على تفكيره. تقول الصحيفة "لا يبدو أن هناك غير البحرين ما يشغل فكر وعقل المفوّض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين من بين كل ما يحدث في العالم". كيف عرفت الصحيفة ذلك؟ لا يهم، لكن لديها تفسير "يبدو جيدًا الآن أن استهداف البحرين بلا وجه حق هو الثمن الذي يدفعه زيد رعد الحسين لتوليه كرسي المفوّض السامي لحقوق الإنسان". شكراً جزيلاً، لقد عرفنا الآن. كاد الأمر يفوتنا.