النيويورك تايمز: نبيل رجب: أدفع الآن في السّجن ثمن دفاعي عن حقوق الإنسان
نبيل رجب - النيويورك تايمز - 2016-09-05 - 6:08 م
ترجمة مرآة البحرين
الرفاع، البحرين
أكتب هذه الرّسالة من زنزانتي في سجن بحريني، حيث تم احتجازي، وعزلي على نحو كبير، منذ بداية الصّيف. ليس الأمر جديدًا علي. لقد مررت بهذا سابقًا، من العام 2012 إلى العام 2014، في العام 2015، والآن مجددًا، وكل هذا بسبب عملي كمدافع عن حقوق الإنسان.
غير أني لست وحدي: هناك حوالي 4000 سجين سياسي في البحرين، التي تمتلك العدد الأكبر من السّجناء نسبة للفرد في الشّرق الأوسط. إنّه بلد عرّض مواطنيه للسّجن والتّعذيب وحتى الموت، على خلفية تجرؤهم على المطالبة بالدّيمقراطية. زميلي المقرب عبد الهادي الخواجة عُذّب، وحُكِم عليه بالسّجن مدى الحياة في العام 2011 لعمله في مجال حقوق الإنسان.
لم تتم مساءلة أي أحد بشكل صحيح على خلفية الانتهاكات المنهجية التي طالت الآلاف. في العام 201، اعتُقِلت بسبب تهم جديدة منها "إهانة مؤسسة نظامية" و"نشر إشاعات كاذبة في زمن الحرب" على خلفية تغريدات على تويتر. اعتقلتني الشّرطة من أبريل/نيسان حتى يوليو/تموز في ذلك العام. لم يتم الإفراج عني إلا بعد أن أصدر ملك البحرين عفوًا بخصوص قضية سابقة، تتعلق أيضًا بآراء كنت قد عبرت عنها.
على الرّغم من العفو، بقي كل من التّهم الموجهة إليّ في العام 2015 وحظر السّفر على حاله، وتم تهديدي بالمزيد من الإجراءات. استدعانا رئيس وحدة الجرائم الإلكترونية في مديرية التّحقيقات الجنائية إلى اجتماع، عائلتي وأنا، حيث -أمام أطفالي- هددني من أنّني، في حال لم أوقف عملي الدّفاعي، سأواجه ما يصل إلى 15 عامًا في السّجن.
هذا التّهديد أصبح حقيقة عند اعتقالي في يونيو/حزيران. صدرت المذكرة عن رئيس وحدة الجرائم الإلكترونية ذاته الذي هددني العام الماضي، وأنا الآن أواجه الادعاء بسبب عملي في الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان. وقد أضافت السّلطات حتى تهمة ثالثة هي "إهانة بلد شقيق"، أي السّعودية. وقد وجهوا لي تهمة جديدة هي نشر "أخبار كاذبة" بسبب مقابلات أجريتها في وسائل الإعلام. إنّه بالظّبط سجلي القانوني.
"إهانتي" المفترضة للسّعودية مرتبطة بتغريدات نشرتها على تويتر للدّعوة إلى أنهاء الحرب في اليمن، وهي حرب صعّدتها قوات التّحالف الذي تقوده السّعودية، وقد انضمت إليه البحرين، كما أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تدعمه.لقد رخّصت الولايات المتحدة مبيعات أسلحة بمليارات الدّولارات إلى السّعوديين منذ بدأت الحرب في العام الماضي.
كنت مناهضًا للحرب منذ البداية. كان عدد القتلى المدنيين كارثيًا، وقد انتقدتُ علنًا هذه الأزمة الإنسانية الممتدة، داعيًا إلى السّلام. وفي الوقت الحالي، أنا أدفع الثّمن.
التقيت بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري عند زيارته البحرين في وقت سابق من العام الحالي، وكنت سعيدًا بالتّحدث معه بشأن وضعنا الصّعب. انتقد السّيد كيري مقاطعة الجمعيات المعارضة للانتخابات النّيابية في العام 2014، على الرّغم من أن مطلب المعارضة تمثل ببساطة في الدّعوة إلى ملكية دستورية كبديل للنّظام الدّكتاتوري في البحرين. منذ تلك الانتخابات، حُكِم على زعيم أكبر جمعية معارضة، الوفاق، بالسّجن تسع سنوات على خلفية "التّرويج للعنف"، وتم تعليق الجمعية، وكذلك تجميد أصولها.
بودي أن أسأل السيد كيري الآن: هل [البحرين] هي ذلك النّوع من الحلفاء الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية؟ ذلك النّوع الذي يعاقب شعبه على التّفكير، الذي يمنع مواطنيه من ممارسة حقوقهم الأساسية؟
لم تلاحقني الحكومة فقط بسبب تعليقاتي بشأن اليمن، بل أيضًا بسبب نشاطي المحلي. إحدى التّهم الموجهة إليّ، وهي "إهانة مؤسسة نظامية" مرتبطة بعملي على تسليط الضّوء على تعذيب مئات المعتقلين في سجن جو في مارس/آذار 2015. وزارة الخارجية الأمريكية سلطت الضّوء أيضًا على المشكلة ذاتها، لكنها رفعت، العام الماضي، الحظر الذي كانت قد فرضته في العام 2011 على مبيعات الأسلحة إلى البحرين منذ حملات القمع التي تلت احتجاجات الربيع العربي، ذاكرة "تقدمًا ذي مغزى في إصلاحات حقوق الإنسان". حقًا؟
بعد لقائي بالسّيد كيري، تم التّحقيق معي في وزارة الدّاخلية من قبل رئيس وحدة الجرائم الإلكترونية، وهو نفسه الذي أمر باعتقالي لاحقًا. أراد أن يعرف كل شيء بخصوص حديثي مع وزير الخارجية الأمريكي. ذلك المسؤول حقق معي مجددًا في أبريل/نيسان بعد أن وقّعت، مع 25 ناشطًا آخرين، على رسالة مفتوحة ندعو فيها الرّئيس أوباما إلى مناقشة حقوق الإنسان ومحنة النّشطاء في الشّرق الأوسط عندما زار السّعودية في وقت سابق من العام الحالي".
الحكومة البحرينية حاولت الضّغط عليّ للتبرؤ علنًا من تلك الرّسالة. ورفضت فعل ذلك.
لقد كانت البيانات الأمريكية الأخيرة بخصوص مشاكل حقوق الإنسان في البحرين شديدة اللّهجة، وهذا جيد. ولكن ما لم ترغب الولايات المتحدة باستخدام نفوذها، لن يكون للكلام الجميل تأثير يُذكَر. من جهة أخرى، شجعت تصرفات الولايات المتحدة الحكومة [البحرينية] على اعتقالي وغيري من المدافعين عن حقوق الإنسان: كان لدعمها غير المحدود للسّعودية ورفعها الحظر عن مبيعات الأسلحة إلى البحرين نتائج مباشرة على النّاشطين المناضلين من أجل الكرامة في هذين البلدين.
وبدلًا من صب الزيت على النار في اليمن، من خلال تزويد التّحالف الذي تقوده السّعودية بالأسلحة، يتوجب على إدارة أوباما أن تستخدم نفوذها لحل هذا النّزاع. العمل لضمان الإفراج عن الأفراد الذين يدعون إلى السّلام، والذين يحاولون بناء الدّيمقراطية في المنطقة، سيخدم هذا الهدف.
*نبيل رجب هو رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان وعضو في اللّجنة الاستشارية لمكتب هيومن رايتس ووتش في الشّرق الأوسط وشمالي أفريقيا.
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز