النيويورك تايمز: متى تكون الفضيحة فعلًا فضيحة؟
إيما رولر - النيويورك تايمز - 2016-09-03 - 4:35 م
ترجمة مرآة البحرين
ولي عهد البحرين يمنح ملايين الدّولارات لمنظمة خيرية تعمل مع مؤسسة العائلة التّابعة لوزيرة الخارجية. لاحا، يطلب موعدًا معها [هيلاري كلينتون] من خلال كل من القنوات الرّسمية وغير الرّسمية. يحصل عليه.
هل هذا دليل على التّرويج للتّفوذ غير الشّرعي، أو فقط على كيفية عمل عالمي السّياسة والعمل الخيري المتداخلين؟ وإلى أي مدى يتوقف الاختلاف بين صراع واضح في المصالح وصراع حالي عن أن يكون مهمًا؟
كريغ ميناسيان، وهو المتحدث باسم مؤسسة كلينتون، اعترف أن التّقارير الأخيرة عن كيفية عمل المنظمة حين كانت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية أدّت إلى "مشاكل في الفهم".
وأضاف أن "هذا الأمر جلي جدًا"، ثم ضحك.
مؤسسة كلينتون هي منظمة غير ربحية أسّسها الرّئيس السّابق بيل كلينتون في العام 2001، بعد أن غادر البيت الأبيض. هي تحصل على أموالها من خلال جمع التّبرعات، التي تنفقها على برامجها في بلدان أخرى. منذ العام 2000، حصلت مؤسسة كلينتون على أكثر من ملياري دولار من التّبرعات. وقد تبرع ممثلو 16 بلدًا أجنبيًا على الأقل بما يقرب من 170 مليون دولار لها.
الأسبوع الماضي، فصّلت دفعة حديثة من المراسلات الإلكترونية الرّسائل بين المنظمة ووزارة الخارجية حين كانت السّيدة كلينتون تشغل منصب وزيرة الخارجية. ادعى النّاقدون أن الرّسائل الإلكترونية كانت دليلًا على أن المانحين الأثرياء -ومن بينهم مواطنون أجانب- يطلبون خدمات من وزارة الخارجية، بما في ذلك لقاءات خاصة مع السّيدة كلينتون.
وأفادت وكالة أسوشيتد برس، استنادًا إلى تحليل هذه الرّسائل الإلكترونية، أنّه "على الأقل 85 من بين 154 شخصًا لديهم مصالح خاصة التقوا بكلينتون أو حظوا بمحادثات هاتفية مقررة مع كلينتون أثناء قيادتها لوزارة الخارجية تبرعوا لمؤسسة عائلتها الخيرية، أو تعهدوا بالتزامات لبرامجها الدّولية". ويتعمق التّقرير أيضًا في المراسلات عبر البريد الإلكتروني التي بدا أنها تشير إلى أن الأشخاص الذين تبرعوا للمؤسسة استطاعوا الوصول إلى وزارة الخارجية في المقابل.
وسلّط التّقرير الضّوء على تبادل خاص: دوغلاس جي باند، وهو مدير تنفيذي في مؤسسة كلينتون، تم التّواصل معه نيابة عن سلمان بن حمد آل خليفة، ولي عهد البحرين -وهي دولة منحت ما بين 50 ألف دولار و100 ألف دولار للمؤسسة- ومُنِح اجتماعًا مع كلينتون.
حملة كلينتون، وغيرها، انتقدوا رواية الأسوشيتد برس، قائلين إن السّيدة كلينتون التقت بهؤلاء الأشخاص الـ 85 على خلفية مناصبهم كزعماء معروفين جيدًا على المستوى العالمي، وليس لأنهم منحوا المال لمؤسسة أسرتها.
براين فالون، وهو متحدث باسم مؤسسة كلينتون، قال إنّ السّيدة كلينتون كان لديها 1700 اجتماعًا مع زعماء العالم خلال توليها منصب وزارة الخارجية - ما يعني ان الـ 85 اجتماعًا التي حصلت مع المتبرعين للمؤسسة شكّلت 5 بالمائة من الاجتماعات كلها.
وقالت السّيدة كلينتون لأندرسون كوبر من سي إن إن إنّه "أعلم أن هناك الكثير من الدّخان، وليس هناك نار".
إنّه أمر يصعب إقناع الكثير من النّاخبين به. (فلنستفض في تلك الاستعارة: من أين يأتي الدّخان إذًا؟ آلة لللدخان؟)
حتى الآن، ليس هناك اتقاد واضح. أسرة كلينتون لم تحصل أبدًا على راتب من المؤسسة. وقد منحت جماعة الرّصد شاريتي واتش المؤسسة تصنيف A لإدارتها المالية. ومن الصّعب معارضة الأعمال الخيرية الشّرعية التي قامت بها المؤسسة في العالم النّامي.
لكن الأعمال الخيرية للمؤسسة تشكل قضية منفصلة عن صلات المتبرعين بالسّيدة كلينتون في دورها الذي يُمَثل النّاس. القواعد التي تنطبق على المواطنين كأفراد مختلفة كثيرًا عن القواعد (المكتوبة أو غير المكتوبة) التي نطبقها على المرشحين الرّئاسيين. وأحيانًا، يمكن لمجرد الإيحاء إلى الفساد أن يكون مضرًا بسمعة المُرَشح تمامًا كالفساد الحقيقي.
في وقت سابق من الشّهر الحالي، أعلنت المؤسسة أنه في حال انتخاب السّيدة كلينتون [رئيسة للولايات المتحدة]، ستوقف قبول المال من المانحين الأجانب ومن الشرّكات الأجنبية كذلك. وستلتف المؤسسة أيضًا على بعض برامجها عبر مؤسسات شريكة -على الرّغم من أن هُوية هذه المؤسسات تبقى غير واضحة. وستتنحى السّيدة كلينتون عن مجلس الإدارة، في حين ستبقى تشيلسي كلينتون فيه.
لورنس م. نوبل، المستشار العام للمركز القانوني للحملة غير الحزبية، قال إن آل كلينتون كانوا نوعًا ما غير مبالين بشأن كيفية النّظرة إلى علاقتهم مع المانحين. مع ذلك، قال إن التّركيز على لقاءات السّيدة كلينتون كوزيرة للدّاخلية هو "إلهاء" عن المشاكل الحقيقية في النّظام المالي لحملتنا- وهو نظام يفيد آل كلينتون وسياسيون آخرون بشكل كبير منه.
وأضاف أنّ "المشكلة هي أننا طورنا هذه الثّقاف جزئيًا بفضل المحكمة العليا التي يبدو أنّها تفرض عقوبات على فكرة كون المانحين سيحصلون على معاملة خاصة. وطالما نحن نشهد هذا التّأثير المُحتَمَل، فلن نثق به، لأنها الطّبيعة الإنسانية أن يكون الأفراد متأثرًا بأولئك الذين يحاولون مساعدتهم".
من المستحيل أن نعرف ما الذي يلهم المانح، في قلب قلبه، بأن يمنح مبلغًا كبيرًا من المال لمؤسسة ما. لكن النّاقدين مثل غلين غرينوالد من الإنترسبت قالوا إن بعض المانحين مثل السّعودية وقطر -اللّتان تمتلكان سجلًا مريعًا في مجال حقوق الإنسان في ما يخص النّساء والمثليين- قد يكون لديهم نوايا أقل مثالية.
وقال ديفيد كالاهان، الذي يدير موقع إنسايد فيلانتروفي، إن "من الممكن أن يكون صعبًا معرفة ما إذا كان تبرعٌ ما مثاليًا أو نابعًا عن مصلحة. وهذا الأمر الصّعب في هذه المسألة".
ما هو حقيقي هو أن الأشخاص تبرعوا بكثير من المال لمؤسسة كلينتون. في العام 2014، جمع مركز كارتر 176 مليون دولار كمساهمات ومنح. وفي الفترة ذاتها، جمعت مؤسسة كلينتون 332 مليون دولار كمساهمات ومنح -تقريبًا ضعفا المبلغ [الذي جمعته مؤسسة كارتر].
وانتهزت حملة السّيد ترامب القصة، واصفًا مؤسسة كلينتون بـ "المؤسسة الأكثر فسادًا في التّاريخ السّياسي" - في حين تجاهل الإشارة إلى أن مؤسسته الخاصة دفعت على الأقل مائة ألف دولار لمؤسسة كلينتون.
لا يبدو أن اهتمام السّيد ترامب بإصلاح المؤسسة يمتد إلى أبعد من منافسته، وفي حين انتقد الإنفاق غير المحدود في الانتخابات، لم تقدم حملته أي اقتراحات لسياسة ملموسة قادرة على الحد من التّرويج للنّفوذ السّياسي.
وحتى مديرة حملة السّيد ترامب، كيلي آن كونواي اعترفت أن المؤسسة "تقوم ببعض العمل الجيد" في مقابلة حديثة مع راشيل مادو من إم إس إن بي سي.
وردت عليها مادو بالقول: "لكنهم المؤسسة الأكثر فسادًا في التّاريخ السّياسي، هذا بيانكم".
وقالت كونواي إنّه "يبدو أنه يمكنك أن تكوني الاثنين".
ومن باب التّهكم، إنّها فقط طريقة عمل السّياسة، على الرّغم من أن ذلك لا يجعل الأمر جيدًا أو مقبولًا. الأُرياء يملكون ببساطة نفوذًا على السّياسة الأمريكية أكثر من الأشخاص العاديي الثّراء. والرّسائل الإلكترونية بين مؤسسة كلينتون ووزارة الخارجية كشفت أن الآلية السّياسية غير الصّحيحة التي افترض الجميع وجودها كانت هناك أساسًا.
آمي دار أسس موقع إيدياليست، وهو موقع يعرض الوظائف في المؤسسات غير الرّبحية. وقد اختبر عماية جمع الأموال من قبل المؤسسات الغنية، وقال إن "الوصول مهم جدًا، لأنه حين تكون في الغرفة، يمكنك أن تجعل الأشياء تحدث".
وأضاف أن "السّؤال هو: من الذي يستطيع التّأثير؟ أي شخص يصل إلى الغرفة؟"
ما كَشَفت عنه مؤسسة كلينتون -أو ما نعلمه عنهم حتى الآن- يتوقف على المظاهر. ليس هناك (حتى الآن) أي رسالة تشكل دليلًا بارزًا، ولا واضحًا على الدّفع من أجل التّأثير أو التّنسيق بين وزارة الخارجية والمؤسسة. وهذا قد يتغير بالطّبع: يمكن الكشف عن 15000 رسالة إلكترونية استعادها مكتب التّحقيقات من السرفر الخاص ببريد السّيدة كلينتون قبل بضعة أيام من الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثّاني.
ولكن حتى في حال لم يتم الكشف عن أي شيء آخر، فإنّه لا يبدو أن القصة الحالية انتهت مع ذلك. أو أنها على الأقل ستسمح للنّاقدين بالقول إن الرّسائل الإلكترونية لمؤسسة كلينتون "تبدو سيئة".
وكتب قسم التّحرير في بوسطن غلوب أنّه "حتى إن لم يكونوا قد فعلوا أي شيء غير شرعي، فإن المؤسسة ستبدو دائمًا كأنها تضارب من المصالح من أجل الرّاحة". في ما كتب قسم التحرير في يو إس آي توداي أن "الطّريقة الوحيدة للقضاء على الرّائحة المحيطة بالمؤسسة هو الارتياح والتّحفظ عليها". وقال فريق تحرير الواشنطن بوست إن السّيدة كلينتون "تركت مجالًا واسعًا للتّصورات بأن الوصول إلى مؤسسة كلينتون يمكن له تسهيل الوصول إلى الحكومة".
السّيد ميناسيان قال إن الانتقاد حول المجموعة الأخيرة من الرّسائل الإلكترونية ينبع من انعدام فهم النّاس لكيفية عمل التّنمية العالمية.
وقال إن "التّنمية العالمية تتطلب مشاركة عالمية. هناك مشاكل على مستوى التّصور في حال فازت بالرّئاسة، لكن يمكن للعمل أن يواصل مساعدة النّاس".
آل كلينتون يعيشون في مشهد سياسي حيث يرى كل شخص شيئًا مختلفًا في كل قصة عنهم، بحسب أيديولوجيته أو أيديولوجيتها الشّخصية. إن كنت تستطيع أن تجعل نفسك تهتم بشأن هذا الجدل الشّبه-غامض (وفقًا لمعايير كلينتون)، فإنك على الأرجح قد اتخذت قرارك بشأنه. إن كنت تعتقد أن آل كلينتون كانوا ضحايا لههجمة منسقة على مدى عقود من قبل الجمهوريين، فأنت تعتقد على الأرجح أن قصة مؤسسة كلينتون ليست شيئًا ذي أهمية. ولكن إن كنت تعتقد أن آل كلينتون هم أساسًا أشخاص غير جديرين بالثّقة، ويفيدون من نظام سياسي مشين لتحقيق منافع شخصية، فإن الاكتشافات الأخيرة ستساهم فقط في تعزيز هذه الفكرة.
هذه الرّسائل الإلكترونية تكشف عن راحة لدى النّخب العالمية قلما يشهدها التّاس. إنها مثل أن يتم نقلك إلى دافوس وأن تلقي نظرة خاطفة عن كيفية عيش الـ 1 بالمائة الآخرين. بمجرد أن تعيد السّتارة إلى ما كانت عليه، فإنّه من الصّعب عدم العزوف.
-
تصحيح في 30 أغسطس/آب 2016
كانت نسخة سابقة من هذا المقال قد ذكرت أن ولي عهد البحرين منح 32 مليون دولار لمبادرة كلينتون العالمية. التّبرع ذهب إلى برنامج تربوي يُدار بالتّنسيق مع مبادرة كلينتون العالمية، وليس مباشرة لها.
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز