الخارجية الأمريكية: «الوفاق» تنظيم سلمي ولن نقبل قرار إغلاقها
2016-06-16 - 9:39 ص
مرآة البحرين (خاص): هيمنت قضية إغلاق جمعية الوفاق الوطني، كبرى القوى السياسية في البحرين، وعزم السلطات حلّها نهائيا، على وقائع المؤتمر الصحافي للخارجية الأمريكية ليوم الثلاثاء 14 يونيو/حزيران.
وفيما أصدرت الخارجية بيانا خاصا حول هذا التطوّر في مستهل المؤتمر، ووزّعته على الصحافيين، كانت القضية أول المواضيع التي أثيرت فيه، وأخذت أسئلة الصحافيين حولها أكثر من 20 دقيقة من وقت المؤتمر.
المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي قال في المؤتمر إنّه لا يريد الخوض في النّتائج المحتملة لعدم تجاوب البحرين مع دعوة الولايات المتحدة لها لمراجعة قرارها، معتبرا بأن ذلك ليس نافعا في هذا الوقت.
وشرح كيربي الموقف الأمريكي بقوله إن "المسألة لا تتعلق بتهديد ذي نتائج من أي نوع بقدر ما هي عبارة عن صديق يعبر عن قلق حقيقي وعميق لصديق آخر".
وردا على سؤال صحافي، أكد كيربي أنّه لن يأتي وقت تقبل فيه الحكومة الأمريكية بقرار إغلاق الوفاق أو أي جمعية سياسية معارضة في البحرين.
كيربي محاصرا بالصحافيين: واشنطن تعتبر الوفاق تنظيما سلميا
كيربي حوصر خلال المؤتمر بالأسئلة عن موقف الولايات المتحدة من تعليق عمل جمعية الوفاق، كما سألوه عن نوع التّقدم الذي يتكلم عنه في البحرين في ظل إغلاق جمعية معارضة واعتقال حقوقي بارز والضّغط على وسائل الإعلام المستقلة.
كيربي الذي حاول تبرير "التّقدم الحاصل في البحرين"، الذي لفت إليه سابقًا بالإشارة إلى المؤسسات الجديدة التي تم إنشاؤها بهدف المساعدة على تطوير الرّقابة والمساءلة، قال إنّه ما زال هناك الكثير من العمل الواجب إنجازه.
وسأل الصّحافيون المتحدّث باسم الخارجية عن رأيه في قول النّظام البحريني إن جمعية الوفاق كانت تُرَوّج لأيديولوجية النّظام الإيراني أو أيديولوجية ولاية الفقيه، وعما إذا كانت الحكومة الأمريكية تدعم قرار النظام في هذه الحالة؟
وكانت إجابة كيربي المتكررة على هذا السؤال وغيره بأن الرد عليه ينبغي أن يكون من قبل الحكومة البحرينية. لكنه قال إن الإدارة الأمريكية ترى إن جمعية الوفاق تمثّل رؤى سياسية معارضة معبّر عنها بشكل سلمي، وإنها لا تعتقد أن هذا القرار سيصب في مصلحة البحرين في نهاية المطاف.
أحد الصحافين سأل كيربي إن كان كلامه يعني إمكانية أن يأتي هناك وقت يكون فيه قرار إغلاق الوفاق أو أي جمعية سياسية معارضة في البحرين، مقبولا لدى الحكومة الأمريكية، لكن الناطق باسم الخارجية الأمريكية نفى ذلك تماما.
وزير الخارجية الأمريكي كان جريئا مع البحرين
وتطرق الصحافيون أيضًا في أسئلتهم إلى السبب الذي دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى عدم إثارة هذه القضايا بعمق في زيارته الأخيرة إلى البحرين، وقالوا إنّه أشار باختصار شديد إلى ذلك لكنه لم يتطرق إلى قمع المجتمع المدني والصّحافة المستقلة، بل تناول المشكلة كلّها على نحو سريع جدًا. ولفت الصّحافيون إلى أن كيري لم يُدِن أي فعل محدد في زيارته، وأنه لم يفعل شيئًا يُذكر بل كان متحفظًا جدًا في تلك الفترة.
كيربي دافع عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بشدة، مشيرًا إلى أنه أثار طبعًا مخاوف الولايات المتحدة بشأن وضع حقوق الإنسان في البحرين أثناء وجوده هناك، وقال إنه "بما أننا نمتلك مثل هذه العلاقة الوثيقة مع البحرين، يمكننا أن نجري محادثات صريحة جدًا"، وذهب إلى القول بأن "كيري كان شجاعًا جدًا في الاجتماعات" حيث إنه [أي كيربي] شهد ذلك شخصيًا.
اتصالات رفيعة المستوى
وسأل الصحافيون حول ما إذا كان، كيري [أو أي مسؤول آخر رفيع المستوى]، قد تحدثوا إلى نظرائهم البحرينيين، بشأن الموقف الأمريكي من الحكم الأخير الصادر في البحرين، وألحّوا في السؤال عن مستوى المسؤولين الذين ناقشوا هذه القضية، وما إذا كان هناك تدخل من قبل الوزير نفسه، أو مساعدته باترسون على سبيل المثال.
وفي ظل تحفّظ كيربي عن إعلان أي تفاصيل حول المحاولات الأمريكية لثني حكومة البحرين عن هذا القرار، أكّد أن ما جرى من اتّصالات تجاوز مستوى السفير، وكان على عدّة مستويات رفيعة حسب وصفه.
انتقادات لفشل الدور الأمريكي
وتساءل الصّحافيون عن ردود فعل الحكومة الأمريكية على البحرين، خاصة مع ازدياد القمع ضد المعارضة منذ العام 2011، وطلبوا ردا على منتقدي هذه السياسة الأمريكية الذين يعتبرون أن القيمة التي تعطيها الولايات المتحدة لعلاقتها الاستراتيجية مع البحرين وتمركز الأسطول الأمريكي الخامس هناك، تعني الموافقة الأمريكية على انتهاكات حقوق الإنسان وقمع حرية التّعبير.
ورجع كيربي في تبريره الموقف الأمريكي إلى قرار واشنطن السابق تعليق مبيعات السلاح إلى البحرين، كما تذرّع بتقرير الخارجية عن حقوق الإنسان في العالم، وقال "أقول لهؤلاء المنتقدين، نحن نطرح مخاوفنا بانفتاح وصدق وهي موجودة على الإنترنت"، ورأى أن تعليق المبيعات العسكرية (الذي لا زال جزء منه مستمرا) يؤكد بوضوح في حد ذاته على أن الإدارة الأمريكية لم تكن خجولة، بل واضحة، شفّافة، وحازمة حيال مخاوفها من جهة حقوق الإنسان.
وقال إنه لو لأن هناك شراكة قوية وعلاقة ثنائية متينة، لكان هو نفسه لم يشعر بما وصفه الحرّية والسهولة التي كان يتحدّث بها بالمؤتمر، وأن يستحضر موضوع البحرين في بداية مؤتمره الصحافي، بدلا من انتظار الأسئلة عنه.
لماذا لا يكترثون؟
وطلب الصّحافيون من كيربي أن يشرح كيف تقوم السّلطات البحرينية بما تقول الولايات المتحدة إنه يتوجب عليها عدم القيام به، إن كان كيري جريئًا في الاجتماعات وكانت العلاقة بين البلدين قوية جدًا، متسائلين ما إذا كان النّظام البحريني لا يمتلك قدرًا كافيًا من الذّكاء ليلاحظ ذلك، أو أنّه لا يكترث لما يقوله الأمريكيون؟ وقال أحد الصحافيين ألا تحاولون أن تعرفوا لماذا لا تعمل استراتيجيتكم هناك؟
كيربي الذي كان تحت وابل الأسئلة الشديدة، دافع عن سياسة بلاده الخارجية، وقال "بشكل واضح، نحن نريد بالطبع أن يتم التراجع عن هذا القرار"، مشيرا إلى أن قلقهم ما يجري يغلب اهتمامهم بمعرفة أسباب الحكومة البحرينية في اتخاذ مثل هذا القرار، حسب تعبيره.
ومع ذلك أقدموا على إغلاق الوفاق!
وألح الصحافيون على توضيح الموقف الأمريكي وما إذا كانت الولايات المتحدة تمارس نفوذها في بلد حمته على مدى عقود وتقول علنًا ما تقوله في الاجتماعات الخاصة، وقال أحدهم لكيربي "أنت تقول إن الإدارة قد أثارت كل القضايا بشكل خاص مع البحرين، لكنك أنت لم تقم بذلك في هذا المؤتمر الصّحافي".
كيربي قال إن هذا القرار يبدو تراجعا عن الاستعداد لإحراز تقدم في حقوق الإنسان، وأكد أن الخارجية الأمريكية ستستمر في مطالبة الحكومة البحرينية بفعل الصواب عبر التراجع عن هذا القرار، لكنّه اعتبر إن الوقت مبكّر للحديث عن تداعيات وعواقب فيما لو رفضوا التراجع.
ورأى كيربي أن النّظام البحريني يفهم جيدًا المخاوف الأمريكية بشأن قضايا حقوق الإنسان، حسب قوله، ليقاطعه صحافي بالقول "ومع ذلك أقدموا على إغلاق الوفاق".