» رأي
من ملك البحرين.. إلى شعبي العظيم (رسالة متخيّلة)
نادر المتروك - 2012-02-16 - 10:20 ص
هيئة التحرير
نادر المتروك*
شعبي العزيز،
هذه هي المرّة الأولى التي أخاطبكم فيها مباشرة. ليس لديّ كلمة معدّة سلفاً. لقد أعطيتُ كلّ المستشارين إجازة هذا اليوم. أنا الآن حرٌّ تماما. لا أخفيكم، إنها من اللّحظات النادرة التي أكون فيها حرّاً، وبهذه المساحة الواسعة. تظنون أنّني شرير؟ حاكمٌ ظالم؟ حسناً، سأعتبركم أولادي الحكماء، وأنا أبوكم العاق. أريد أن أتعلّم منكم الحرّية. منذ أيّام وأنا أتابعُ استعدادكم للعودة إلى تقاطع الفاروق، عذراً، أعني دوّار اللؤلؤة. لقد ألهمني حماسكم الكبير. صدّقوني، كم تمنيتُ أن أكون واحداً منكم. أهتفُ معكم، أشارك في تظاهراتكم ومسيراتكم. في أوقاتٍ كثيرة، كنتُ أتخيّل نفسي واحداً منكم، فأنتعش بلا حدود. هل تصدّقون لو قلتُ لكم أنني مبهورٌ من عمليات الدفاع المقدّس؟ لا أريد أن يسيء أحد فهمي – وخاصة إخواني في قوّة الدّفاع - فأنا لا أرغب في إيذاء أحد، ولا أميل لمشاهد الدّماء الغزيرة والأدخنة الخانقة. لكن، صلابتكم في مواجهة القوات أدخلَ في نفسي شعورا سماوياً، كنتُ أكتمه عمّن حولي، ولكن ليس بعد اليوم.
أبناء شعبي العظيم،
هل أنتم مصرّون فعلاً للعودة إلى الدّوار؟ أرجوكم، أريد منكم إجابة واضحة. طوال الفترة الماضية، كنتُ أفكّر في طريقة للاتصال بكم. الإخوة في الجمعيات السّياسية غامضون، أو ربّما لم أعد أفهم خطاباتهم. أشعر أنهم فقدوا الثقة بي كلّية. أردتُ إعطاءهم رسائل إيجابية من خلال ابني العزيز سلمان، ولكنهم غاضبون. هل أنتم غاضبون منّي أيضاً؟ لا..لا، لا أريدكم أن تغضبوا. إن غضبكم عليّ شديد، وقد قلتُ لكم أنّني لن أحمل شيئاً على منْ أساء إليّ وهتف ضدّي. لكن ذلك يُتعبني بدرجات كبيرة. إنني أتعلّم منكم الكثير. حسناً، هل ستعودون للدّوار مجدداً؟ يُخبرني المستشارون أنكم هذه المرّة مختلفون. لم أفهم شيئاً ممّا قالوه. وُضعتْ على طاولتي ملفاتٌ كثيرة. لا رغبة لديّ للقراءة. نصحني أخ عزيز – لا أريد أن أكشف اسمه حتّى لا أعرّضه للخطر – بأن أسهر ليلة من الليالي على اليوتيوب وأشاهد الأفلام الثورية. لم أتأخّر. كانت ليلة حماسية بالنسبة لي. لقد أبهرتم العالم، وأبهرتم ملككم الحبيب. من فوري، اتصلتُ بأحد الخواص، وطلبتُ منه إرسال نسخ من الأفلام إلى الإخوة في هيئة الإعلام ليتعلموا فنون المونتاج والتأثيرات الفنيّة والصوتية. بهذه المناسبة، يسرّني أن أرسل تحية خاصة لأبناء شعبي في قرية سماهيج. لقد تابعتُ عملكم الفني الخاص بالعودة إلى الدّوار، ولو كان الأمر بيدي لأذعته على تلفزيون البحرين ودون تردّد. إذن، أنتم مصرّون على العودة إلى الدّوار. إذا كان الأمر كذلك، فأرجو أن تقبلوا منّي الكلمات التالية.
يا أبناء الشّعب الكرام،
افعلوا ما أنتم مقبلون عليه. شخصياً، لن أعترض طريقكم. لا أسفّه أحلامكم، ولستُ بقادر على إدخال التثبيط في نفوسكم. لكن، عليكم أن تكونوا على وعيّ تام، بأنّ القوّة التي تنتصر ليست قوة الأجساد، ولا قوّة السّلاح. القوّة الغالبة هي أرواحكم، وعزائمكم. هي عيونكم التي لا تُغمضها الغازات والمناورات. يمكن للأكفان التي تنوون ارتداءها أثرها الكبير، لكنّي أستطيع أن أقول لكم جازماً، بأنّ العبرة ستكون فيمن سيرتدي الأكفان. لقد أخبرني بعض الثقاة أنّ إخوة من تجمّع الفاتح يرغبون في تقليدكم، وهم يبحثون عمّن يُصمّم لهم أكفانا خاصة. لكن إخوة الفاتح نسوا أنّ استمرارهم في التقليد والإتباع الأعمى سلب من نفوسهم الإباء. وما يُحزنني أن إخوتكم في الفاتح أضاعوا البوصلة كثيرا، وسلّموا أنفسهم إلى الفوضى. أما أنتم، فنصيحتي لكم: اجلعوا أمام أعينكم ما تريدون الوصول إليه، وستصلون حتماً. لديكم الرؤية، والعزيمة، ولا ينقصكم إلا القليل من الصّبر وتحمّل العابثين.
شعبي،
أخيراً، لي رجاء خاص. عندما تصلون للدّوار، اتركوا عنكم اسمي وشخصي. لا أريد أن أسمع اسمي مصحوباً بالغضب. قولوا ما شئتم، وارفعوا كلّ الهتافات والشعارات الصّارمة، لكنّي أتمنّى ألا يتم الزّج باسم ملككم الحبيب. أنتظرُ تاريخ 14 فبراير بمشاعر متداخلة. لديّ أشياء سأقولها لكم، بعضها بمناسبة عيد الحب، وبعضهم بمناسبة ذكرى الدستور الذي أزعجكم، وطبعاً سأخصّص الوقت للحديث عن عودتكم المُجدّدة ذلك اليوم.
وتقبلوا من قلبي المليء بالحبّ كلّ الحبّ
ملك البحرين
*كاتب بحريني.