الثّمن الذي تدفعه البحرين مقابل المساعدة السّعودية
سينزيا بيانكو وجورجيو كافييرو - موقع لوبلوغ - 2016-05-10 - 3:21 م
ترجمة مرآة البحرين
لاقى إعدام السّعودية للشّيخ نمر باقر النّمر في أوائل يناير/كانون الثّاني ردًا غاضبًا من الشّيعة في البحرين، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الشّرطة والمحتجين. الخلاف الدّبلوماسي السّعودي-الإيراني الذي تلا في أعقاب إعدام عالم الدّين، وكذلك العنف الموجه ضد سفارة الرّياض في طهران وقنصليتها في مشهد، تسببا بأن تشعر الدّولة الأصغر في مجلس التّعاون الخليجي بحرارة تصاعد التّوتر الطّائفي- الجغرافي في الشّرق الأوسط.
وكما كان متوقعًا، انحازت البحرين كليًا إلى جارتها وحليفتها المُقربة، السّعودية، في الأزمة الدّبلوماسية بين الرّياض وطهران. ومن بين الدّول الخمس الأصغر في مجلس التّعاون الخليجي، كانت البحرين الوحيدة التي قطعت كليًا علاقاتها الدّبلوماسية مع إيران. بعد يومين من معرفة العالم بمصير الشّيخ النّمر، أعلنت وزارة الخارجية البحرينية أن السّلطات في المنامة ستتخذ كل الإجراءات القانونية التي تُعتَبَر ضرورية ضد البحرينيين الذين انتقدوا علنًا الأحكام الصّادرة عن المحكمة السّعودية. بعد عدة أيام، أفادت وكالة الأنباء البحرينية عن اعتقال مجموعة من أعضاء بسطة -وهي منظمة إرهابية زُعِم أنها تلقت دعمًا ماليًا من إيران وحزب الله اللّبناني، بما في ذلك 20 ألف دولار أمريكي من زعيم حزب الله حسن نصر الله. وبما أن الدّول الخليجية الست في مجلس التّعاون الخليجي أعلنت حزب الله منظمة إرهابية، في مارس/آذار، فقد رحّلت السّلطات البحرينية عددًا من الأجانب الشّيعة من أراضيها على خلفية تهم بالانتماء إلى حزب الله.
وكونها الأمة الوحيدة ذات الأغلبية الشّيعية في الجزيرة العربية، كانت البحرين نقطة ساخنة في الحرب الجغرافية والطّائفية الباردة بين كل من إيران والسّعودية منذ الثّورة الإيرانية في العام 1979. منذ ذلك الحين، أعربت أسرة آل خليفة الحاكمة عن قلقها من تحريض إيران للبحرينيين الشّيعة (الذين يُشكلون 70 بالمائة من إجمالي عدد السّكان)، للثّورة ضد حكامهم السّنة. بالفعل، فشل عدد قليل من المسؤولين في المنامة أو الرّياض في تذكر جهود الجمهورية الإسلامية في تنظيم انقلاب عسكري في البحرين في العام 1981، عندما دعمت المنامة صدام حسين في الحرب الإيرانية- العراقية (1980-1988). حتى اليوم، كثيرًا ما تدعي السّلطات البحرينية أنها أحبطت عدة مؤامرات إرهابية مدعومة من إيران. ولمواجهة مثل هذه النّوايا العدائية لطهران، حافظت أسرة آل خليفة على علاقة وثيقة بالقوة السّنية الأكبر، وعدوة إيران اللّدود، أي السّعودية.
في نظر السّعوديين وغيرهم من المسؤولين الخليجيين، أي دلائل على وجود جذور لحركة شيعية داعية إلى الإصلاحات السّياسية واستيحاء أي شيء من إيران يمثل تهديدًا للوضع الحالي في المنطقة. عندما اندلع "الرّبيع العربي" في العام 2011 وتحدى البحرينيون الشّيعة شرعية الأسرة الحاكمة، خشيت السّعودية من الآثار السّياسية والاجتماعية المُحتملة على الدّول الأخرى ذات المجتمعات الشّيعية الكبيرة، التي يحكمها السّنة. من وجهة نظر الرّياض، هدّدت ثورة يقودها الشّيعة في المنامة بتحفيز المحتجين الشّيعة في السّعودية، في الجانب الآخر من الجسر الذي يبلغ طوله 16 ميلًا ويربط بين المحافظة الشّرقية والأغلبية الشّيعية في البحرين. في الواقع، السّعوديون الشّيعة، الذين يعيشون في المحافظة الشّرقية الغنية بالنّفط في المملكة، يتشاركون على نطاق واسع مع البحرينين في مطالبهم، ويعبرون غالبًا عن تضامنهم معهم. لهذا السّبب، وفقط بعد شهر من بدء الاحتجاجات، قادت الرّياض تدخلًا لقوات الأمن السّعودية والإماراتية لقمع المعارضة الشّيعية في البحرين.
وعلى الرّغم من أن المصالح المكتسبة لكل من المنامة والرّياض تبدو متقاربة جدًا، فإن مسألة استقلال البحرين عن السعّودية ستصبح بازدياد قضية حساسة. المتحاورون في مجلس التّعاون الخليجي يؤكدون أن المسؤولين في الرّياض لا يعتبرون البحرين دولة قومية مستقلة، بل مقاطعة سعودية مكونة من مجموعة جزر.
ومنذ انتفاضات العام 2011، أصبحت السّلطات في المنامة ترى في إيران تهديدًا أشد خطرًا على الأمن القومي في البحرين، وهو خوف ساهم باصطفاف البحرين مع السّعودية أكثر من أي وقت مضى. السّفير السّعودي في البحرين، عبد الله بن عبد الملك آل الشيخ، ذهب أبعد من ذلك في التّصريح الشّهر الماضي أن "البحرين والسّعودية بلد واحد، يتشارك التّاريخ والتّراث والرّوابط الاجتماعية العميقة الجذور".
في سياق التّحديات الدّاخلية في البحرين، فإن التّوترات الاجتماعية والرّكود الاقتصادي المتواصل جعلا الحكام البحرينيين يعتمدون على نحو متزايد على السّعودية في ما يخص المساعدة الأمنية والمالية. وعلى الرّغم من أن البحرين نوّعت اقتصادها بعيدًا عن النّفط أكثر من بقية أعضاء مجلس التّعاون الخليجي، إلا أن الانحدار بنسبة 70 بالمائة في أسعار النّفط منذ منتصف العام 2014 أضرّت فعليًا بالوضع المالي للمملكة الجزيرة. باعتمادها على عائدات النّفط في أكثر من 80 بالمائة من الميزانية الوطنية، تتوقع البحرين أن يصل العجز في ميزانيتها إلى 5.8 مليار دولار هذا العام. لمواجهة هذه الأزمة، نفذ المسؤولون في المنامة إجراءات تقشفية، بما في ذلك وقف الدّعم عن الغاز واللّحوم. وفي وسط هذا الركود الاقتصادي، كان على المنامة أن تستنجد بالسّعودية (التي تدير حقل أبو سعفة، وهو أكبر حقل نفطي في البحرين، من خلال أرامكو) للحصول على الدّعم المالي. وتعهدت السّعودية بتقديم مليار دولار كمساعدة سنوية في العقد المقبل.
نظرًا للتّوترات الجغرافية والطّائفية في المنطقة، قد يبدو أنه لا مناص من تحالف المنامة مع الرّياض. مع ذلك، على ضوء المشاكل الاجتماعية والسّياسية والمالية للمنطقة، يجب أخذ آثارها المحتملة جديًا بعين الاعتبار. في حال تزايدت التّوترات الطائفية والجيوسياسية بين إيران والسّعودية أكثر، فإن اصطفاف المنامة والرّياض قد يفاقم القضايا الطّائفية الخاصة بالبحرين أكثر في حال رأى البحرينيون الشّيعة أن حكومتهم تابعة للسّعودية.
النّتيجة السّياسية الأكثر أهمية قد تكون الفشل النّهائي في عملية مصالحة وطنية بين الحكام السّنة للجزيرة ومعارضتها الشّيعية المكونة من السّكان الأصليين، ما يعرض الأمة إلى تعزيز انعدام الاستقرار لفترة طويلة. المبادرات التي كانت واعدة يومًا ما، كالحوار الوطني، وهو مشروع شجع عليه الملك حمد في العام 2011 لتعزيز الإصلاح والحوارات الشّاملة بشأن حكم البحرين، فشلت في تخفيف حدة الاضطرابات السّياسية والاجتماعية في البلاد. وعلى الرّغم من أن المشروع طور وجهات نظر مثيرة للاهتمام حول مستقبل البحرين، فقد وقع التّطور فريسة لارتفاع الحرارة الطّائفية في البلاد، ويمكن القول أيضًا، لضغط السّعودية ودول مجلس التّعاون الخليجي.
الاستبعاد المتواصل من قبل البحرين، للمجموعات الشّيعية الشّعبية التي يقودها الشّباب، مثل ائتلاف 14 فبراير، الذي وصفته المنامة مؤخرًا بالمنظمة الإرهابية، واعتقال عدد من زعماء المعارضة، بمن فيهم الشّيخ علي سلمان، الزعيم البارز لحركة الوفاق (وهي الحركة الشّيعية المعارضة الأبرز في البلاد)، سيُقَوّض إلى حد كبير هذه العملية. وعكس هذا الاتجاه لن يكون ممكنًا إلا عند تمتع البحرين حقًا بالاستقلال.
التّاريخ: 4 مايو/أيار 2016
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز