» تقارير
رويترز: فتيل الاحتجاجات يزداد اشتعالا في البحرين
2012-02-10 - 4:49 م
مرآة البحرين: ما إن انتهت جنازة محمد يعقوب الأسبوع الماضي حتى اندلعت مواجهة بين الشرطة ومحتجين في بلدة سترة الفقيرة بالبحرين والتي اكتوت بنار عام من الاضطرابات. وحمل شبان ملثمون قضبانا حديدية وقنابل بنزين فيما أطلقت الشرطة بزيها العسكري الأزرق وخوذها البيضاء قنابل الغاز المسيل للدموع واقتحمت الأزقة بسياراتها
وقال ناشط "ليس أمام الناس بديل، كل ما لدينا هو إطارات لكي نحرقها وقنابل مولوتوف" وأضاف "مادامت الحكومة غير مستعدة للتجاوب فكل شيء ممكن"
وفشلت فيما يبدو الأساليب الأمنية التي تنتهجها حكومة البحرين وعرضها بتقديم تنازلات في تهدئة الشارع، بل إن الصراع مع نشطاء المعارضة الذين يضغطون لإجراء إصلاحات ديمقراطية بات أكثر عنفا في الأسابيع القليلة الماضية.
10 قتلى على الأقل بعد تقرير بسيوني وشهر محموم
وخرج آلاف المحتجين الى شوارع البحرين في فبراير/شباط من العام الماضي واحتلوا ميدانا رئيسيا في المنامة بعد اندلاع انتفاضتي مصر وتونس. وفيما تعثرت المحادثات بشأن الإصلاح السياسي وتحول البعض للمطالبة بالتخلص من أسرة آل خليفة الحاكمة استدعى الجناح المتشدد في الحكومة قوات سعودية للتدخل وفرضوا الأحكام العرفية في محاولة لسحق الحركة خوفا من اتساع نطاقها بما يمثل تهديدا حقيقيا للنظام القائم.
وإلى أن رفعت الأحكام العرفية في يونيو/حزيران كان 35 شخصا قد قتلوا بينهم أربعة لاقوا حتفهم خلال احتجاز الشرطة لهم، علاوة على عدد من أفراد قوات الأمن. لكن التوتر لم ينته، ومازالت الشرطة تشتبك مع شبان غاضبين في أحياء فقيرة تسكنها الأغلبية الشيعية التي تشكو من أن أسرة آل خليفة السنية الحاكمة والأسر المتحالفة معها تهمشها اقتصاديا وسياسيا. ويقول نشطاء إن 25 على الأقل قتلوا منذ يونيو/حزيران وإن بعضهم توفوا بعد تعرضهم للغاز المسيل للدموع او لدى اقتحام الشرطة أزقة بسياراتها لملاحقة شبان.
وسقط عشرة من هؤلاء القتلى على الأقل في الشهرين الماضيين بعد أن قامت لجنة من خبراء القانون الدوليين كلفت بالتحقيق في مزاعم انتشار انتهاكات حقوق الانسان على نطاق واسع خلال الفترة التي فرضت فيها الأحكام العرفية بإصدار تقرير في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني كشف عن تعذيب معتقلين ومحاكمات عسكرية معيبة.
والآن تستعد الحكومة والمعارضة لشهر محموم مع اقتراب ذكرى أول الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية يوم 14 فبراير/شباط.
دول الخليج تخشى أن تكون البحرين أول ديمقراطية
ولن يسمح بأن تكون المخاطر أعلى من ذلك، فالدول الخلجية التي يحكمها السنة تخشى أن ترفع أي إصلاحات تجعل البحرين أول ديمقراطية حقيقية في الخليج من سقف المطالبات في بلدانهم. وقد انخرطت الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية بالفعل في اشتباكات مماثلة مع قوات الأمن.
إنهم يخشون أيضا من أن يؤدي تمكين الشيعة في البحرين إلى تطوير علاقات أوثق مع ايران بطبيعة الحال. وتستند الولايات المتحدة، التي يقع أسطولها الخامس في المنامة، تشارك القلق بشأن النفوذ الإيراني وترى البحرين حليفا رئيسيا في المواجهة مع طهران بشأن برنامجها للطاقة النووية.
الحكومة لن تستقيل ولن تتسامح
وتقول الحكومة إنها تتعامل مع مشاغبين لا يمكن أن تتسامح معهم أي دولة. وترى أن الزعماء السياسيين للمحتجين خذلوهم برفضهم عروضا بالحوار على مدى عام، وتقديم مطالب غير واقعية مثل استقالة الحكومة بسبب التقرير الحقوقي.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن مبارك آل خليفة المستشار بهيئة شؤون الإعلام والسفير السابق في لندن إن من المؤكد أن هناك تصعيدا من جانب عناصر متشددة من المحتجين وإن الحكومة ترصد استخدامهم لأسلحة بدائية الصنع ألحقت أذى برجال الشرطة. وتابع قائلا إن الباب مازال مفتوحا لكن دون وضع شروط مسبقة أو المطالبة باستقالة الحكومة.
وتطالب وزارة الداخلية بتشريع يقضي بمعاقبة من يعتدي على الشرطة بالحبس 15 عاما. ودمرت سيارة للشرطة في هجوم بقنبلة بنزين الأسبوع الماضي غير أنه لم يسقط أي قتلى من الشرطة في الاشتباكات منذ مارس/آذار.
اتهامات بالتنسيق مع إيران والسنة خائفون من سيطرة الشيعة
كتاب الأعمدة في الصحف الموالية للحكومة تذهب أبعد من ذلك، وتتهم زعماء المعارضة ورجال الدين الشيعة بالتنسيق مع دولة إيران الشيعية لتأجيج الشارع، الاتهامات المألوفة التي تستخف بها المعارضة.تقول فريدة إسماعيل، وهي عضو بارز في حزب وعد "لقد كنا نسمع هذا الكلام منذ سنوات عديدة. كلما كان هناك تحرك من أجل مطالب سياسية فهم يشغلون هذه الأسطوانة"
وتشير وسائل الإعلام أيضا إلى خطاب رجل الدين الأكثر نفوذا في البحرين، الشيخ عيسى قاسم، والذي دعا المصلين مؤخرا إلى "سحق" أولئك الذين يعتدون على النساء - ردا على تقارير عن سوء معاملة المتظاهرات.
الجماعات الموالية للحكومة، بما في ذلك العديد من السنة، يخشون من أن يسيطر رجال الدين الشيعة والساسة الإسلاميون على البلاد، كما هو الحال في العراق، ما إذا قدمت الحكومة أي تنازلات.
جماعة سرية تصدر ميثاقا
وينقسم منظمو الاحتجاجات الى ثلاث مجموعات هي جمعيات المعارضة التي تقودها جمعية الوفاق الشيعية التي تحاول تنسيق أنشطتها مع الحكومة، ونشطاء يطلقون على أنفسهم اسم (ائتلاف شباب 14 فبراير)، وأفراد مثل الناشط الحقوقي البارز نبيل رجب الذي تنتهي المسيرات التي يقودها عادة بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وائتلاف 14 فبراير جماعة سرية تصدر بيانات باسم الشباب الغاضب. ولم تحدد السلطات هوية زعماءها لكن ناشطا خلال احتجاج قاده رجب في المدينة القديمة بالمنامة قال الأسبوع الماضي "كلنا 14 فبراير". وأصبح خطاب الائتلاف اكثر راديكالية، وفي الأسبوع الماضي أصدر "ميثاقا" يقول إن الحكومة تمادت في حملتها وإن هدف هذه "الثورة" أصبح إسقاط النظام وتقرير المصير بعد أن اتضح أن محاولة التعايش معه أو إصلاحه بات مستحيلا.
محللون: المتشددون في الحكومة لهم اليد العليا
ويشير دبلوماسي غربي إلى أن المحتجين يتحملون معظم المسؤولية عن التصعيد الأخير وقال إنه يعول على تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها الملك حمد بن عيسى آل خليفة وولي العهد، غير أن محللين يرون أن المتشددين في الحكومة هم الذين لهم اليد العليا. وقال الدبلوماسي " 14 فبراير يستخدمون أساليب قاتلة على نحو متزايد مع الشرطة. إنهم يبحثون عن معركة" وأضاف أن أساليب الشرطة تحسنت منذ نشر تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
بينما يرى باحثون وناشطون أن هذه الآراء لا تعكس الواقع على الأرض
من ناحية أخرى قال محمد المسقطي رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان إن فريقه المكون من 20 باحثا وثق 60 حالة وفاة منذ 14 فبراير/شباط وإن النهج العنيف الذي استخدمته الشرطة ازداد قسوة في الشهرين الأخيرين. وأضاف أنه بدلا من اقتياد الشبان الى مراكز الشرطة يتم ضربهم في موقع الحدث أو يحتجزون لفترات قصيرة في مراكز اعتقال غير رسمية حيث يضربون قبل الإفراج عنهم. وأشار الى وجود ثلاثة مبان تستخدم لهذا الغرض. وأضاف أنه قد وردته أكثر من 100 شهادة تتعلق باقتياد أشخاص إلى هذه الأماكن الثلاثة منذ نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
اعتداءات جنسية وقتلى بين يدي الشرطة
ما يغذي غضب المحتجين أكثر هو اتهامهم الشرطة بالتعاقد مع باكستانيين ومواطنين عرب ليكونوا في الخطوط الأمامية تحت قيادة الضباط البحرينيين.
ولقي ثلاثة أشخاص حتفهم في ظروف مريبة خلال الشهر المنصرم بعد احتجازهم في أحد مراكز الشرطة، من بينهم محمد يعقوب (19 عاما) وهو من سترة وقد توفي خلال احتجاز الشرطة له في يناير/كانون الثاني نتيجة ما قالوا إنها مضاعفات لمرض الخلايا المنجلية. وقالت مقيمة ذكرت أن اسمها أم فاضل إنها رأت شرطة مكافحة الشغب وهي تدهسه بالأقدام وتضربه بالهراوات. وقال نشطاء إن جثته تحمل كدمات وسجحات وجرحا، ولكن لم توجد علامات واضحة على تعرضه لمعاملة سيئة.
وقالت محامية أحد الفتية من سترة إنه اعتدي علي وتحرش به خارج مركز الشرطة، وأضافت المحامية فاطمة خضير "أخبرت المدعي العام أن شرطة مكافحة الشغب حاولوا الاعتداء عليه جنسيا ولكن الضابط المسؤول منعهم"، ولا زال الشاب رهن الاعتقال بتهمة المشاركة في تجمع غير قانوني.
وقال شقيق لأحد الفتية من قرية دمستان إنه صدم من قبل سيارة تابعة للشرطة كانت تقاد بسرعة عالية بعد اشتباكات الأسبوع الماضي، لكنهم نقلوه إلى عيادة خاصة خوفا من تعرضه للاعتقال أو سوء المعاملة لو نقل إلى مستشفى تديره الحكومة.
ودافع الشيخ عبد العزيز عن قوات الأمن، وقال إن قضية يعقوب قيد التحقيق "هناك تحقيق ... نحن على ثقة بأن وزارة الداخلية توظف أفضل الأشخاص" يقول عبد العزيز، ويضيف "هناك العديد من الأكاذيب حول ما يحدث، ولكن إذا كان هناك أي سلوك أخلاقي أو غير أخلاقي من قبل قوات الشرطة، فنحن نطلب منهم أن يعرضوه بكل الوسائل"
وتقول حكومة البحرين انها بدأت حتى الآن محاكمة 48 ضابطا بشأن وفيات وإصابات من خلال التعذيب، وإن على المواطنين التحلي بالصبر.
المصدر: رويترز