درس الكويت للبحرين، لا تجنسوهم ولا ترسلوهم لجامعات تصدر الإرهاب
إيمان شمس الدين - 2016-04-12 - 3:11 م
إيمان شمس الدين*
تعاني اليوم الكويت من عمليات التجنيس التي قامت بها في في عامي 65 - 66 لأغراض سياسية انتخابية، هدفت لمحاصرة المعارضة التي كانت تتنامى بشكل تصاعدي وتنتشر ثقافتها في المجتمع الكويتي، ليشكل حاضنة لها بطريقة أقلقت الجهات النافذة في الدولة.
اقتصرت العملية على تجنيس الرجال الراشدين القادرين على الانتخاب من أبناء البادية من خارج البيئة الكويتية، كي تعيد بناء تركيبة البرلمان بطريقة تمكنها من السيطرة عليه وإدارته.
واليوم بدأت انعكاسات هذا التجنيس السياسي تلقي بثقلها وظلالها على الواقع السياسي الداخلي، فمن ناحية اجتماعية فإن الذين تم تجنيسهم يختلفون في تكوينهم النفسي والثقافي عن المجتمع الكويتي، هذا فضلا عن أن كثيرا من ذويهم كانوا يتابعون دراساتهم الشرعية في جامعات المملكة العربية السعودية التي يباشر التدريس فيها علماء وهابية، بينما المهتمين بدراسة الشريعة في الكويت يبعثون إلى الأزهر الشريف ولن أدخل بتفصيل الفرق الكبير بين المدرستين، لكن يكفي أن عودة ذوي المجنسين الجدد إلى الكويت كانت هي بداية التبشير للحاضنات القبلية بالفكر الوهابي والذي زحف تدريجيا إلى المدينة ليتكمن بفكره الإقصائي منها.
أما من الناحية السياسية فما إن انخراط بعض هؤلاء المجنسين سياسيا في صفوف المعارضة، حتى رفعت الدولة شعار سحب الجنسية إما بحجة الازدواج أو بحجة التزوير، وكلاهما يتطلبان دراسة دستورية في حجيتهما حتى لا يتحول هذا الموقف لسابقة دستورية وقانونية تسن منهج جديد في مواجهة المعارضات السياسية.
واليوم للأسف بات هذا السلوك السياسي منهجا في منطقة الخليج، انتقل بالعدوى من الكويت إلى البحرين وإلى بعض دول الخليج.
لكن في البحرين التجنيس ليس فقط سياسيا، بل مذهبيا أيضا، فهي من جهة تريد محاصرة المعارضة، ومن جهة تريد تغيير التركيبة الديموغرافية المذهبية حيث اقتصر التجنيس الجديد على مذهب واحد وفي الوقت نفسه، سحب الجنسية اقتصر على مذهب بعينه يشكل أغلبية سكانية في البحرين.
وإرهاصات هذا التجنيس قد لا تظهر على المدى القريب، كون التأثيرات الاجتماعية تتطلب عقودا زمنية ليظهر ظلالها في المجتمع والدولة.خاصة أن التجنيس في البحرين لم يراع أبدا الاختلاف في التكوين الثقافي والنفسي للمجنسين الجدد مع المجتمع البحريني الأصيل.
هذا فضلا عن اختلاف اللغة والتي تعتبر الوعاء الثقافي لكل مجتمع، وهو ما قد يعرض حضارة البحرين ورصيدها التاريخي لخطر التزوير والتشويه، كون اللغة لها مدخلية محورية في كتابة التاريخ وصناعة الحضارة.
وما تعانيه الكويت اليوم من انقسامات اجتماعية حادة أثرت على مسلماتها السابقة كالتعايش والتسامح وغيرت معالم ديموقراطيتها، وتلاشي وجود تيار سياسي يتزعمه رجال دولة لغياب أغلب السابقين أو تأثرهم بالجو الاقليمي المذهبي كأحمد الخطيب وعبد الله النيباري، ذلك هو أحد أهم إفرازات التجنيس السياسي، حيث يمكن وصف هذه المرحلة من تاريخ ديموقراطية الكويت بمرحلة الانسداد السياسي وهي مرحلة خطيرة جدا من عمر الديموقراطية الكويتية.
وستعاني البحرين مع تقادم الزمن في مراحل متقدمة، من الانسداد السياسي والانسداد الاجتماعي بل والثقافي الذي قد يعرض الهوية البحرينية وحضارتها وثقافتها لأخطار التزوير والطمس، مما يؤثر على معالم هوية الأجيال القادمة ومسار رسم معالم لمجتمع مختلف في طبيعته ومنهجه ومسلماته السياسية والاجتماعية والثقافية.
لذلك عملية التوثيق التاريخي والأرشفة التي تقوم بها مراكز عدة وخاصة مركز أوال للدراسات والتوثيق تعتبر خطوة جديرة بالتقدير والدعم والاهتمام، لأنها ستكون شاهدا تاريخيا يحفظ أصالة البحرين وأهلها وصورتها التراثية والسياسية والاجتماعية، للأجيال القادمة.
والتوثيق اليوم لا يكفي أن يكون بالكلام، بل يجب أن يتعداه إلى الصورة والصوت، توثيق يتطلب اختراق السجون ومقابلة الرموز وتسجيل تجربتهم السياسية في حقب مختلفة، كون تلك الحقب التاريخية تكتنز حقائق مهمة للبحرين وأهلها إن لم يكن لها اليوم أثر، فحتما في المستقبل ستكون حاسمة في تاريخ البحرين.