معرض الكتاب يغرق في خلافات مي آل خليفة والزياني
2016-03-29 - 1:56 ص
مرآة البحرين (خاص): حدث ما كان متوقعاً. أغرقت زخة أمطار رعديّة معرض البحرين الدولي السابع عشر للكتاب الذي أصرّت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار مي بنت محمد بن إبراهيم بن محمد آل خليفة على إقامته في خيمة. لا أحد يعلم لماذا تم نقل المعرض من مركز المعارض في السنابس إلى خيمة جوار المتحف الوطني بالمنامة.
على مدى سنوات ظلّ المعرض الذي يلتئم كل سنتين يُقام في مركز البحرين الدولي للمعارض غربي المنامة، وهو مكان مؤهل تبلغ مساحته 14 ألف متر مربع، مجهز بالكامل لاستضافة المعارض والمؤتمرات، وقادر على استيعاب 30 ألف زائر في اليوم. كما أن به موقفا للسيارات يتسع إلى نحو 800 سيارة.
قرار مزاجي لمسئولة من العائلة الحاكمة ضرب كل هذه المزايا عرض الحائط. بدلاً من ذلك، فقد قررت مي آل خليفة تشييد خيمة مؤقتة ضخمة ومكلفة بقيمة ربع مليون دينار تم شحنها من الإمارات مقابل مائة ألف دينار كان يكلفها في السابق إيجار صالة مركز المعارض.
في تعليلها لهذا الانتقال المكلف في ظل أوضاع مالية صعبة تمر بها البلاد أسفرت عن سياسات تقشف مؤلمة قالت وزارة الثقافة في بيان "يستقر المعرض هذه المرة في الساحة الخلفية لمتحف البحرين الوطني، ويطل على بحيرة مسرح البحرين الوطني، ليعزز بذلك مكانة المنطقة التي تضم أبرز الصروح الثقافية في المملكة".
ومضى البيان شارحاً المزيد من الأمور ذات الأغراض الدعائية مثل القول إن "مساحة الخيمة تصل إلى 8000 متر مربع، لتكون بذلك أكبر قاعة مؤقتة تستقبلها ساحة المتحف منذ تأسيسه وحتى اليوم".
نحو 150 ألف دينار على الأقل، هو حجم الزيادة الافتراضية في كلفة إقامة المعرض من أجل فقط "أكبر قاعة مؤقتة تستقبلها ساحة المتحف". هل يستأهل الأمر ذلك؟ لا أحد يعلم.
ويقول صاحب دار نشر على اطلاع واسع بكواليس إقامة المعرض "حين كان يقال لنا في البداية إن المعرض سيقام في خيمة ظننا أن الأمر له علاقة ببرنامج التقشف الأخير الذي أعلنت عنه الحكومة"، مستدركاً "لكنّ الأمر اتضح أنه خلاف ذلك فالخيمة مكلفة جدا".
ويوضح "أكثر من 250 ألف دينار هي كلفة استئجار الخيمة مع بقية التجهيزات الخاصة بها من شركة البداد العالمية التي يقع مقرها في دولة الإمارات العربية المتحدة. بما يعني أن كلفتها تفوق مرّتين إقامة المعرض في صالة المعارض التي لم يكن يجاوز إيجارها 100 ألف دينار"، على حد تعبيره.
وأضاف بأن "مدة الإيجار هي شهر؛ حيث من المقرر إقامة مهرجان التراث في ذات الخيمة أيضاً بعد أيام من انتهاء معرض الكتاب".
القرار الذي بدا "مزاجياً" للوهلة سرعان ما اتضحت حيثياته مع اتضاح حجم الخلاف بين رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار مي آل خليفة ورئيس هيئة البحرين للسياحة والمعارض وزير الصناعة والتجارة والسياحة زايد بن راشد الزيّاني. على مدى سنوات كانت السياحة فرعاً من فروع وزارة الإعلام ثم وزارة الثقافة.
وانتقلت إدارتها مع مي آل خليفة مع تسلمها حقيبة الثقافة بعد حقيبة الإعلام. لكن في العام 2015 قضى قرار حكوميّ بتحويل وزارة الثقافة إلى هيئة تضم الثقافة والآثار فقط. وانتزعت منها سلطة الإشراف على السياحة عبر إلحاقها بشئون السياحة التابعة إلى وزارة الصناعة والتجارة.
لمي آل خليفة تاريخ طويل من الصراع مع وزراء في الحكومة منذ أن كانت وكيلة مغمورة في وزارة الإعلام بسبب محاولاتهم المتكررة تحديد صلاحيات إدارتها. وهي تستمدّ قوّتها من كونها شيخة من العائلة الحاكمة ومن قربها من زوجة الملك سبيكة بنت إبراهيم. وقد استبدل ثلاثة وزراء إعلام على الأقل حاولوا ضبط صلاحياتها مثل نبيل الحمر ومحمد عبدالغفار وجهاد بو كمال. لقد احتقرتهم وأصبحوا خبراً بعد أثر فيما بقيت هي تترقّى في مناصبها.
أحدث وصلات الخلاف المتكرر لمي آل خليفة هي مع وزير الصناعة راشد الزياني الذي آلت له شئون السياحة بعد سنوات تزيد على العشر ظلت فيها بعهدتها. وهو سيخسر هذا الخلاف تماماً كما جرت أقدار من سبقه الذين ليس من الصدفة أنهم جميعاً ليسوا من العائلة الحاكمة.
وزير الصناعة زايد الزياني
في 10 مارس/ آذار الجاري أصدر مجلس الوزراء قراراً يقضي بتشكيل مجلس إدارة هيئة البحرين للسياحة والمعارض برئاسة وزير الصناعة والتجارة والسياح. بحكم صلاحيّاته يتولى زايد الزياني المسئولية المباشرة عن مركز البحرين للمعارض والمؤتمرات. وهو ما ترفض مي آل خليفة الاعتراف به. بل أنها ترفض التعامل مع أي شيء يدخل ضمن صلاحيات السياحة ضمن الهيكل الجديد. بالنسبة لها السياحة جزء من أملاكها.
أما أملاكها فهي قائمة تطول. لقد سبق لها أن انتزعت صلاحية تنظيم مهرجان وطني كربيع الثقافة حتى بعد إعفائها من منصبها. ولأسابيع جعلت وزير الإعلام السابق جهاد بو كمال يرسل المراسيل يمينا وشمالاً، وينطح رأسه بالطوف.
وحين حاول الوكيل المساعد السابق للثقافة والتراث الوطني عبدالله يتيم نقْل مجلة "البحرين الثقافية" التي أسّسها وترأس تحريرها لسنوات، نقلها معه بعد تعيينه وكيلاً مساعداً للرقابة والمطبوعات شحطت عليه شحطة أرته وزنه وحجمه كأنثروبولوجي هاوي.
أما الوزير محمد عبدالغفار فقد بلغ احتقارها له حدّ قيامها بنزع مسمّى وزارته من على جميع مطبوعات قطاع الثقافة التابع له. فيما جعلت الوزير نبيل الحمر يأكل الحصرم عاجزاً ومبلبلاً إلى مستويات القهر عن دفعها لحضور اجتماع في الوزارة مرة واحدة في الأسبوع.
تتصرّف رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار مي بنت محمد بن إبراهيم بن محمد آل خليفة كشيخة من العائلة الحاكمة لا حدود لنفوذها وأملاكها. لقد نقلت معرض الكتاب إلى خيمة. ولا ضير لو غرقت وطبعت من الأمطار!