رسالة خطيرة في بريد هيلاري كلينتون: القوّات السعودية فتحت النار على المتظاهرين بدوّار اللّؤلؤة!
2016-03-25 - 10:47 م
مرآة البحرين (خاص): ألقت مراسلات جديدة كشفت حديثا بين وزيرة الخارجية الأمريكية السّابقة، المترشّحة لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، هيلاري كلينتون، ومستشارها سيدني بلومنتال، الضوء مجدّدا على حقيقة الدور السعودي في قمع انتفاضة البحرين، وقتل المتظاهرين الشيعة المناوئين لنظام آل خليفة الحاكم.
الرسالة التي بعثها المستشار سيدني إلى كلينتون عبر البريد الإلكتروني في 16 مارس/آذار 2011، تبدو قد ساهمت في تشكيل الموقف الأمريكي الذي عارض بشكل ما دخول القوّات السعودية إلى البحرين في بداية الأمر، وذلك على لسان وزيرة الخارجية نفسها، التي صرّحت أكثر من مرّة بأن واشنطن ترفض الحل العسكري في البحرين، وتعتبره مسارا خاطئا، ووصفت الوضع في المنامة بالمثير للقلق وقتها.
تصريحات كلينتون كانت قد جاءت في ذات اليوم الذي وصلها فيه هذه التقرير، بما يحمله من معلومات نقلا عن "مصادر مطّلعة"، حول الدور السعودي والإماراتي القادم في البحرين، وهو ذات اليوم الذي دخلت فيه القوّات العسكرية إلى دوّار اللؤلؤة وهاجمت من تبقّى من المحتجّين، متسبّبة في مقتل عديدين، وجرح المئات، وفرض حظر للتجوال لمدة 12 ساعة في المنطقة، تبعته أشهر من أجواء الدولة البوليسية.
وبحسب الرواية التي أوردتها كلينتون في مذكّراتها، فيبدو أن اتّصالها بوزير الخارجية السعودي لإيقاف تقدّم القوات السعودية، وتوقّعها ما سيجري بأنّه سيكون "حمّام دم"، كان كلّه مبنيّا على معلومات عن دور خليجي صريح في قمع الانتفاضة، وهي المعلومات التي بعثها لها المستشار سيدني بلومنتال.
وتأتي هذه الوثيقة رقم C05778978، ضمن أكثر من 30 ألف رسالة في البريد الإلكتروني الخاص لهيلاري كلينتون حين كانت وزيرة الخارجية، اضطرّت الإدارة الأمريكية إلى إتاحتها للعلن في فبراير/شباط 2016، ضمن إطار قانون حرية المعلومات، وقامت شبكة ويكيليكس في 16 مارس/آذار الجاري بأرشفة ونشر الوثائق كلها في صيغة نصوص، لتسهيل البحث فيها.
رسالة المستشار السابق سيدني بلومنتال إلى كلينتون كانت عبارة عن "تقرير" حول "التطوّرات الدرامية في ليبيا والبحرين"، وقد وصف فيها دخول القوات السعودية إلى البحرين بـ"الغزو"!
الحكومة البحرينية تعطي الضوء الأخضر للضباط السعوديين في مارس 2011: أطلقوا النار لتفريق المتظاهرين
يؤكد التّقرير أنّه في "صبيحة 16 مارس/آذار 2011، ووفقًا لأفراد على اتصال مباشر بقوات الأمن السّعودية (تصفهم الرسالة بأنّهم ضبّاط سعوديون) أخبرت حكومة الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة بشكل سرّي المستشارين العسكريين للملك السّعودي عبد الله بن عبد العزيز أنّه يتوجب على العناصر السّعودية التي دخلت البحرين في 13 مارس، وكانوا ألف شخص، أن يطلقوا النّار بهدف القتل، في حال اضطروا لذلك، لمساعدة قوات الأمن البحرينية المربكة، على تفريق المتظاهرين المناهضين للحكومة".
وقال التّقرير إن مصادره صرحت أنّه "بالتّنسيق مع القوات البحرينية، فتحت القوات السّعودية النّار على المتظاهرين في دوار اللّؤلؤة، ما أدى إلى مقتل 12 محتجًا على الأقل وجرح ما بين 30 إلى 50 شخصًا".
ولفت التّقرير إلى "حظر التّجول" الذي فُرِض لمدة 12 ساعة آنذاك في المنامة.
الملك حمد كان عازما على استخدام كل القوة الضرورية لإنهاء هذه الانتفاضة
التّقرير الذي نشرته ويكيليكس كشف أنّه وفقًا لهؤلاء الضبّاط السّعوديين فإن "الملك البحريني ورئيس الوزراء كانا قلقين على نحو متزايد من تجمع المتظاهرين حول الدّعوة إلى المطالبة بإقامة مملكة دستورية في البحرين وأكد التقرير أن الملك في تلك الفترة "عزم على استخدام كل القوة الضّرورية لإنهاء هذه الانتفاضة، واستعادة السّيطرة على الأغلبية الشّيعية في البلاد" .
وأضاف التقرير أنه "لتحقيق ذلك، رجع الملك إلى اتفاقية الدّفاع المُتبادل في العام 2009 بين دول مجلس التّعاون الخليجي وطلب من السّعوديين إرسال قواتهم".
ولفت التقرير إلى أن الإمارات أيضا "سترسل 500 شرطيًا لدعم هذه العملية"، موضحا أن قوات الشرطة هذه كانت "وفقًا لمصادر مطلعة، ستنضم إلى القوات السّعودية والبحرينية في البحث عن المناهضين للحكومة خارج المنامة واعتقالهم".
التقرير قال إن المصدر علق بالقول إن "أشخاصا مطلعين صرّحوا أن الملكين، البحريني والسّعودي، وكذلك كبار مستشاريهما، يدركون أن هذه التّحركات العسكرية قد تتسبب بالمزيد من الاضطرابات في المجتمعات الشّيعية في كل من السّعودية والبحرين".
مسئولون أمنيون في البحرين والسعودية: عملاء سريون لوزارة الاستخبارات الإيرانية داخل البلدين!
مستشار وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، أشار إلى أن كبار مسؤولي الأمن في كل من البلدين "يعتقدون بأن العملاء السّريين لوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية يعملون في هذه المجتمعات الشّيعية لنشر الاضطرابات، وقال إن هؤلاء الضبّاط السعوديين يعتقدون أن "التّقارير الإعلامية بشأن إطلاق القوات البحرينية النّار على المستشفيات لمنع الأشخاص المُصابين من تلقي العلاج هي من نتاج العملاء المتخفين لوزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية".
وأضاف أنهم تلقوا أيضا "تقارير من مصادر دقيقة بأن زعماء المساجد الشّيعية في البحرين يحثون النّاس جديًا الآن على البدء بالجهاد ضد الحكومة".
ونقل عن مصدر ذي علاقة بمسؤولين كبار في حكومة الملك عبد الله أن "مسؤولي الاستخبارات السّعوديين يعتقدون أن إيران، من خلال وزارة الاستخبارات والأمن، تعتزم استغلال الأزمة في البحرين لتحسين موقعها في الخليج"، وأضاف أن "الاستخبارات السّعودية تعتقد أنّه في حال نجحت طهران في تحويل القضية من نزاع سياسي إلى صراع ديني سني-شيعي، فإن ذلك سيشكل خطوة هامة في جهود القيادة الإيرانية ضد الأسرة الحاكمة في السّعودية، والتي تعتقد إيران أنها غير جديرة بحفظ الأماكن المقدسة في الإسلام".
ويضيف التّقرير أنه "وفقًا لرأي هذه المصادر، لطالما كان لدى الحكومة الإيرانية استراتيجية طويلة الأمد لنصب نفسها على أنها المدافع عن الطّائفة الشّيعية ضد قمع القوات السّعودية"، موضحين أن "هؤلاء الضبّاط السّعوديين يشيرون إلى أن الإيرانيين استخدموا مثل هذه الاستراتيجية في العراق، حيث نصبوا أنفسهم وحلفاءهم كحماة للسكّان الشّيعة ضد السّعوديين وداعمي الولايات المتحدة الأمريكية".
ضبّاط سعوديون: آيات الله الأكثر توقيرا في البحرين والسعودية لا ينسجمون مع آيديولوجيا الحكم في إيران
ونقل التّقرير عن المصدر تعليقه أنّه "في حين يشعر هؤلاء الضبّاط السّعوديون بالقلق من الاضطرابات في المجتمعات الشّيعية في بلادهم وكذلك في البحرين، فإنهم يعتقدون أنه سيكون بمقدورهم في نهاية المطاف السّيطرة على الوضع، حيث إن آيات الله الأكثر توقيرا في البحرين هم آية الله السّيستاني في النّجف وآية الله محمد صادق الشّيرازي في قم وآية الله محمد تقي المُدرسي في كربلاء، وتعاليم آيات الله السّيستاني والشّيرازي لا تنسجم مع الآيديولوجية الثّيوقراطية في إيران، في حين أن مفهومهما عن مشاركة رجال الدّين في السّياسة أكثر توافقًا مع السّياسات الانتخابية منه مع النّشاط العسكري وبناء دولة ثيوقراطية وفقًأ للنّموذج الإيراني".
واختُتِم التّقرير بالقول إنه "مع ذلك، ففي رأيهم [الضبّاط السّعوديين] ، القضية العاجلة هي الحد من دور وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، مع إخماد التّظاهرات بشكل سريع".
هيلاري كلينتون في مذكراتها: دخول القوات السّعودية إلى البحرين سيتسبّب بـ "حمّام دم"
وزيرة الخارجية الأمريكية السّابقة هيلاري كلينتون، كانت قد أفادت في مذكراتها "خيارات صعبة" عن رصد الملحق العسكري في الرياض لتحركات وحدات الجيش السعودي إلى البحرين في مارس/آذار 2011، وأعربت عن قلقها في تلك الفترة من "حمام الدم الذي سيحدث في حال بدأت الدبابات السعودية بالتقدم في شوارع المنامة التي تنتشر فيها الحواجز"، في حين رأت أنه لم يكن بإمكان توقيت ذلك التّدخل العسكري "أن يكون أسوأ".
وبحسب كلينتون فإن دول الخليج لم ترى أن إبلاغ الولايات المتحدة بهذا التحرّك العسكري كان ضروريا، كما أنهم لم يريدوا أخذ الإذن من واشنطن أو تقبل أي طلب لإيقاف الأمر، على حد تعبيرها.
وكشفت كلينتون أنها اتّصلت بوزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل وطلبت منه إيقاف التدخّل العسكري السعودي لبعض الوقت، من أجل إنجاح المفاوضات التي تجري بين النظام والمعارضة البحرينية برعاية أمريكية، لكنّه رفض، واعتبر العملية السعودية إعادة للاستقرار في الخليج.
ورأت «كلينتون» في كتابها أن دخول القوات السعودية إلى البحرين أجّج الرأي العام الشيعي أكثر في المنطقة.
وسردت التبعات الكبيرة لإجابتها على سؤال صحافي من بي بي سي عن التدخل العسكري الذي تقوده السعودية والإمارات في البحرين، حين قالت إن "الوضع في البحرين مثير للقلق... طلبت من أصدقائنا في الخليج - أربعة منهم يساعدون البحرين في جهودها الأمنية - شق الطريق أمام قرار سياسي وليس مواجهة أمنية".
تصريحات كلينتون التي أغضبت البحرين والسعودية، جاءت بعد استلامها تقرير مستشارها سيدني بلومنتال المشار إليه أعلاه. الإعلام الدولي كان قد قرأ بأن واشنطن غير راضية حيال هذا التدخّل العسكري، وأن دول الخليج تقزّم النفوذ السعودي في المنطقة. كلينتون علّقت بأنّ هذا الفهم كان "صحيحًا ومحبطًا" حسبما جاء في الكتاب.
كلينتون قالت مجددّا للإعلام "سنعمل ما بوسعنا لنغير هذا المسار الخاطئ والذي سيضعف بالتأكيد تقدم البحرين على المدى الطويل. سنحول الأمور إلى مسارها الصحيح الذي يتمثل في المسار السياسي والاقتصادي".
بحسب وزيرة الخارجية السابقة، فإن حلفاء الولايات المتحدة في الرياض وأبو ظبي شعروا بالغضب والإهانة من هذه التصريحات. واتّضح ذلك بشكل مباشر خلال اتّصال جرى بينها وبين وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، الذي قال لها بصراحة إنه بسبب تصريحاتها عن البحرين فإن الإمارات والمجموعة العربية سينسحبون من المشاركة في التحالف ضد نظام القذافي في ليبيا "بصراحة إنه من الصعب أن نشارك في عملية أخرى عندما تتم مساءلة وضع قواتنا المسلحة في البحرين من قبل حليفنا الأساسي".
كان هذا الاتّصال هو البوّابة لتغيير الموقف الأمريكي من التدخّل العسكري الخليجي في البحرين، وسردت كلينتون كيف "اضطرّت" حسب تعبيرها إلى اتخاذ خيارات صعبة وتسويات غير مثالية، بسبب هذا الاتّصال. وفي المؤتمر الصحافي اللاحق غيّرت كلينتون لهجتها حيال البحرين، لإرضاء السعودية والإمارات، وقالت إن "من حق البحرين دعوة قوّات من الدول المجاورة".