رئيس طابور الشرف بوزارة الداخليّة الذي صار وزيراً للإعلام
2016-03-19 - 4:52 م
مرآة البحرين (خاص): لم يضيّع وزير شئون الإعلام البحريني علي بن محمد الرميحي الكثير من الوقت في التخطيط. مثلاً لم يطلق كثيراً من التصريحات ومشاريع التطوير والإستراتيجيات الطموحة كما فعل سلفه. لقد ذهب إلى العنوان مباشرة: وزارة الداخلية وقوة دفاع البحرين.
تظهر صورة نشرها وزير الدولة لشئون الاتصالات فواز بن محمد آل خليفة العام 2013 الوزير الرّميحي مرتدياً الزيّ العسكري في استعراض طابور الشرف لوزارة الداخلية. الصورة التي التقطت في خلال فترة التسعينات تصور الوزير مسدلاً ذراعيه بشكل منضبط أمام وزير الداخلية السابق محمد آل خليفة. وقد علق فواز آل خليفة على الصورة "الوالد وقيادات وزارة الداخلية؛ حيث يقود الطابور الشهري علي الرميحي رئيس هيئة شئون الإعلام".
كعسكري عمل في وزارة الداخلية مدة 13 عاماً من 1987 حتى عام 2000، يعرف الوزير الرميحي الأصول جيّداً. لقد قادت حركة طائشة غير منضبطة سلفه إلى الهاوية. وهكذا كان حال نحو 9 وزراء إعلام تناوبوا على شغل الفراغ المخايل فوق الكرسيّ المتحرك الذي يجلس عليه الآن. وكان لكل منهم قصّته.
إن أمامه سنتين فقط، وهو متوسط المدة التي مكثها كل واحد من هؤلاء على مدى خمس عشرة سنة، قبل أن تعاود عصا الحظ في الدوران فتلقي به من علِ ويصبح عبرة. لِمَ يضيّعْ الوقت إذاً في البرامج والخطط!
لقد تعلّم أهمّية فنون الأداء كالانضباط وإسدال الذراعيْن والجاهزية منذ أن كان قائداً للطابور الشهري في وزارة الداخلية.
كلمة السر إذاً هي الانضباط، وهكذا كان. لقد دشّن عهده بزيارتين انتقاهما جيّدا في الأسبوعين الأوّلين من تعيينه. إحداهما لمكتب وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة في 10 مارس/ آذار، وثانيتهما لمكتب القائد العام لقوة دفاع البحرين خليفة بن أحمد آل خليفة في 15 مارس/ آذار. خمسة أيام فقط تفصل بين تنصيبه وبين الزيارة الأولى فالثانية.
قالت وكالة أنباء البحرين "بنا" إن "الفريق الركن راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية استقبل علي بن محمد الرميحي وزير شئون الإعلام بمناسبة صدور المرسوم الملكي بتعيينه في منصبه الجديد" وأنهما "أكدا على أهمية التعاون والتنسيق بما يحفظ أمن وسلامة المواطنين والمقيمين".
أول لقاء لوزير الإعلام كان مع وزير الداخلية
وحول الزّيارة الأخرى ذكرت "إن المشير الركن خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين قد بحث مع علي بن محمد الرميحي وزير شؤون الإعلام الموضوعات ذات الاهتمام المشترك".
ما هو الموضوع ذو الاهتمام المشترك الذي يجمع وزيرا قضى ثلاث عشرة سنة من عمره في الجهاز الأمني، في الأسبوعين الأوّلين لتنصيبه، مع وزيرين يتربعان على عرشيّ أكبر مؤسستين أمنيتين في البلاد؟ إنه الانضباط والطاعة. في قواعد السلوك العسكري تعتبر التحية العسكريّة أمرا مهمّاً لضرورات الضبط والربط العسكري المفترض توافره بين العسكريين.
ويظهر أن وزير هيئة شئون الإعلام الجديد قد حفظ الأصول جيّداً. يمكن للمرأ أن يتخيّل الوزير الرميحي واقفاً في مكتبي وزير الداخلية والقائد الأعلى لقوّة الدفاع بكامل قيافته العسكرية في وضعية الاستعداد رافعاً كامل جسمه للأعلى على مشط رجليه برهة قبل أن يعود لوضعية الاستعداد ثانية.
لقد قضى ثلاث عشرة سنة من عمره وهو يتمرّن بشكل يومي على ضبط إيقاع جسده في طابور وزارة الداخليّة من أجل أداء هذه الحركة "الأكروباتية" كدلالة على الولاء الواجب من الجندي لمرؤوسيه. وقد رأى المزايا العديدة لذلك. إحداها حين قام وزير شئون الإعلام السابق فواز بن محمد آل خليفة، ونجل وزير الداخليّة، بانتشاله في العام 2010 من الحضيض؛ حيث كان يعمل في القطاع الخاص، ليأتي ويلقي به فجأة في مجال الإعلام.
لا تحمل أيّ من مؤهلات الوزير الرّميحي مؤهلاً له علاقة بالإعلام. فهو حاصل على درجتين علميتين في مجال إدارة الأعمال. وبدأ مشواره المهنيّ في وزارة الداخليّة، وهي أطول مدّة مكث فيها في وظيفة. ثم انتقل إلى المؤسسة العامة للشباب والرياضة تلاها عمله مديراً لتوظيف الاستثمار في القطاع المصرفي.
إن المؤهل الوحيد الذي كان يمتلكه هو مزيج من فن الخنوع والانضباط تشربه منذ أن كان رئيس طابور في عهد وزير الداخلية السابق محمد آل خليفة. وقد كافأه ابنه فواز حين أصبح وزيرا لشئون الإعلام في العام 2010 بضمّه إلى طاقمه، مستشاراً للتخطيط الاستراتيجي بهيئة شؤون الإعلام، ثم قائماً بأعمال مدير الإذاعة والتلفزيون، ليعيّن بعد ذلك رئيساً لهيئة شؤون الإعلام. ليس مستغرباً أن يكون الشيخ فوّاز نفسه هو من تولّى في حسابه على "انستغرام" نشر صورته بالزيّ العسكري وهو مسدلٌ ذراعيه بشكل منضبط أمام والده في وزارة الداخلية.
اللقاء الثاني لوزير الإعلام كان مع قائد قوة الدفاع
لقد شاهد الوزير الرميحي سلفه عيسى الحمّادي وهو يرتطم بالقاع لمجرّد التفكير في اللعب بذيله مع نجْل الملك. ومثله شاهد الوزيرة السابقة سميرة رجب تتحوّل إلى "هومْليس" لا تملك من أمرها شروى نقير، اللهم ما عدا مساحة عمود صغير في "أخبار الخليج"، لمجرّد ظنها أن قربها من الملك يعفيها من اشتراطات المرور من الباب الدوّار لوزير بلاطه.
أهم من كل ذلك، لقد شاهد الوزير الرميحي مسرح المأساة الإغريقي الذي اختُتمت فوق خشبته حياة أحد أكبر وجهاء عائلته قرباً من النظام عبداللطيف الرميحي، رئيس ديوان رئيس الوزراء في خلال فترة التسعينات. معزولاً ثم ميّتاً اختناقاً بأول أكسيد الكربون في حادثة ما يزال يلفها الغموض إثر تدهور العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء بسبب وشاية من الوزير محمد المطوع.
على مكتب وزير شئون الإعلام الجديد كان شبح هذا التاريخ ماثلاً، تاريخ من رحلوا ومن يأتون. لمواجهة كل ذلك قرّر أن يختصر الطريق. لقد ذهب إلى العنوان مباشرة: وزارة الداخلية وقوة دفاع البحرين. إذا كان محظوظاً فقط سيطيل المكث أزيد من سنتين!