المحفوظ يسدل الستار على 8 سنوات قاسية من رئاسته اتحاد العمال
2016-03-06 - 12:31 ص
مرآة البحرين (خاص): أسدل الأمين العام لاتحاد نقابات عمال البحرين السيد سلمان المحفوظ، الستار على سيرة عمله النقابي رئيسا للاتحاد، بعد 8 سنوات شهدت أعنف هزّة سياسية في تاريخ البلاد.
وفجّر المحفوظ مفاجأة كبيرة بإعلانه عدم ترشحه مجدداً لمنصب الأمين العام للاتحاد، فاسحاً المجال كما قال للدماء والأفكار الجديدة. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر العام الثالث الذي انعقدت جلساته بدءا من صباح اليوم السبت 5 مارس/آذار 2011.
وبرز دور المحفوظ بشكل كبير في احتجاجات فبراير/شباط 2011، التي انطلقت بوحي من حركات الربيع العربي، حين ارتقى منصة دوار اللؤلؤة أكثر من مرة، وأعلن تبنّي اتحاد النقابات أكثر من إضراب عن العمل، احتجاجا على حملة القمع الدموية التي شنّتها السلطات على المتظاهرين.
الإضرابات كانت قد نجحت في شلّ مرافق البلاد تماما، وتعطيل الحياة فيها.
والمحفوظ هو الأمين العام لاتحاد النقابات، من 2008 وحتى 2016، وشهدت ولايته الفترة الأقسى على العمّال والحركة النقابية في تاريخ البحرين، بعد انتفاضة فبراير/شباط 2011، إذ شملت حملة القمع الحكومية فصل أكثر من 4000 عامل وموظف من أعمالهم، على خلفية مشاركتهم في التظاهرات السياسية، وذلك بحسب ما قدّر تقرير لجنة تقصي الحقائق.
وقال المحفوظ في كلمة مؤثّرة "معكم عشت وكابدت هذه المنعطفات.. معكم صنعت تاريخ العمل والنضال بِلا كلل أو ملل متطلعين إلى عالم منشود من العدالة والحق والمساواة والإنصاف".
وسط تصفيق حار، ودّع المحفوظ زملاءه النقابيين بعينين مليئتين بالدموع، وقال "وداعًا أيتها الأيام والليالي الحافلة بالعمل والكفاح...وداعاً أيها الأحبة الحالمين دائماً بغد أفضل.. وداعاً أيتها اللحظات التي صنعناها من أشواقنا للحرية والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية".
ويعتبر مراقبون تجربة اتحاد النقابات في البحرين تجربة نادرة ومريرة، ويستغرب كثيرون كيف استطاع أن يصمد وسط موجة القمع الشديدة التي تعرّضت لها البلاد، وكان الاتحاد محل الكثير من الدراسات السوسيولوجية، كما تناولته عشرات المقالات في الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية والعربية.
وكان لاتحاد النقابات دور ريادي بارز في النضال الطويل من أجل إرجاع المفصولين، ولفت الانتباه الدولي إلى قضيتهم.
وخلال هذه الفترة كسب الاتحاد العام تأييدا دوليا قويّا جدا لعمله، إذ ساندته منظّمة العمل الدولية، التي تدخّلت بشكل مباشر في الأزمة التي اندلعت بينه وبين الحكومة بعد العام 2011، كما كسب تأييد الكثير من الاتحادات والنقابات حول العالم ودعمها، أهمها اتحاد العمال الأمريكي واتحاد نقابات العمال في النرويج.
وتعرّض المحفوظ للكثير من الضغوطات منذ العام 2011، كما رشحت أنباء عن تعرّضه لتهديدات لفك الإضراب خلال شهر مارس/آذار 2011، كما استخدمت الحكومة نفوذها لتهديد قادة النقابات في الشركات الكبرى للاستقالة.
وقال مقرّب من الاتّحاد إن السيد سلمان كان كالقابض على الجمر في هذه السنوات الخمس.
وبخلاف ذلك جمّدت الحكومة مشاركة اتحاد النقابات في عضوية بعض الهيئات المهمّة، وعلى رأسها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وفضلا عن ذلك، أسّست جماعات موالية للنظام نقابات ثانية في أغلب الشركات، إثر قانون سمح بتعدد النقابات، ومن ثم أسّسوا اتّحادا نقابيا ثانيا لشق الحركة النقابية، وعرقلة العمل النقابي الذي يقوم به الاتحاد العام. لكن الشرعية والمصداقية الدولية بقيت في الاتحاد العام.
وفي مارس/آذار منح اتحاد العمال الأميركي AFL-CIO جائزة «جورج ميني لين كيركلاند GMLK لحقوق الإنسان» للعام 2012 إلى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وذلك تقديراً منه لدور الاتحاد في الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق العمّال، فضلاً عن بقاء الاتحاد قويّاً مناضلاً من أجل الديمقراطية والحرية على رغم الصعاب التي واجهها خلال الأحداث التي شهدتها البحرين.
أمين عام الاتحاد المستقيل قال اليوم إنه "حان للديمقراطية التي آمنت أنت بها وناديت بتطبيقها وجعلتها مفردة من شعارك وقيمك أن تأخذ مجراها، نقول للجميع أن الديمقراطية لا تعني بالضرورة الرحيل عند العجز، وإنما الرحيل مع القدرة ومع الإمكانية في العطاء".
ودعا المحفوظ في كلمته إلى إطلاق المبادرات الكفيلة بالمراجعة الحقيقية من كل الأطراف لواقع العلاقة بينها وردم الفجوة التي تفصل بين مكونات المشهد السياسي، وصولا إلى اتفاق يخرج البلاد والعباد من هذه الأزمة التي أرهقت الجميع.
وتأسس اتحاد النقابات في يناير/كانون الثاني 2004، بعد أن أن أقر ميثاق العمل الوطني السماح بتأسيس النقابات في البلاد لأوّل مرة في تاريخها. ورأس الاتّحاد في بدايته النقابي المعروف عبد الغفار عبد الحسين، الذي عيّن لاحقا عضوا في مجلس الشورى، لكنّه استقال في العام 2011 على خلفية قمع المحتجّين، وهو العضو الوحيد الذي رفض العودة إلى المجلس.