» تقارير
يوسف الحمدان: أثر إناء المنفعة وتأثيرها
2012-02-01 - 9:24 ص
عيد ميلادك يا خليفة.. عيدنا وعيد الوطن
عيدنا عيدك خليفة.. تكبر ويحلى الوطن
مرآة البحرين (خاص): لم تكن الأبيات السابقة لطالب في المرحلة الابتدائية، ولا هي محاولة خجولة شعرية لمبتديء في نظم الشعر.. بل هي مطلع قصيدة لـ (الناقد/ المسرحي/ التربوي/ اليساري/ المناضل/ المذيع/ المعد/ المثقف/ السياسي/ الصحفي/ الكاتب/ الاشتراكي/ وأخيراً وليس آخراً الشاعر) يوسف الحمدان، كتبها بمناسبة عيد ميلاد خليفة بن سلمان الـ 76 ونشرها على صفحته بالفيسبوك.. الحمدان الذي يطفيء سجائره في منتصفها، لا يتوانَ عن إطفاء مشاويره قبل المنتصف بكثير، وله في ذلك حكمة الغراب الذي حاول تقليد مشية الطاووس فأضاع مشيته..
الحمدان الذي تشدّق ردحاً من الزمن بالمسرح التجريبي والجاد حتى أدمى شفتيه ونبت على لسانه الشَعَر، نقداً وتحليلاً وكتابةً وإخراجاً، اكتشف مؤخراً أن هذا الطريق لا ينتهي بقرص رغيف، فلم يتردد مقدار شَعرة من شعرات لسانه أن يرتدي معطف مسرحيات (الهشك بشك) و(الهيلا هوبه)، بدأها مؤلفاً وانتهى مخرجاً وليبلّغنا الله لليوم الذي نرى فيه خاتمته في هذا المشوار..
مع تسلم الشيخة مي حقيبة وزارة الثقافة والإعلام نفخ الحمدان ريشه في مجال الإذاعة والتلفزيون باعتباره محموماً ثقافياً، فصار يتنطط من نشرة ثقافية أخبارية إلى برنامج إذاعي، ويعود لبرنامج متلفز يهتم بالشأن الثقافي.. لكن حمّاه الثقافية هدأت وتوارت مع دخول الشيخ فواز اللعبة، وصارت تكتفي بالتعليق على أخبار باب البحرين، ولو لا حكمة ربّه لصار معلقاً رياضياً على مباريات كرة القدم..
يقول المناضل اليساري (السابق) عضو جمعية المنبر الديمقراطي الحمدان في صفحته بالفيسبوك: "سألني أحدهم: لماذا تبدي انحيازاً واضحاً إلى اليمين وتعلن في كل سانحة وواردة ولاءك للسلطة ولا تهتم بما يشغل اليسار؟.. أجبت: يمين عاقل خير من يسار جاهل، ولا خير في يسار يلهث وراء قوى الظلام بحثاً عن موطىء قدم مغيب الأثر والتأثير".. قد أزعم أن هذه الإجابة مدخلاً لقراءة شخصية أكروباتية متشقلبة على ظهرها وبطنها، تنتقل من النقيض للنقيض، ومن الضد للضد بكل قساوة عين وبجاحة.. فالرجل يبحثُ عن موطىء قدم ليس مغيب الأثر والتأثير، حتى لو اقتضى الأمر أن يجمع متناقضات على نحو مصلحي غير إبداعي وغير تجريبي وغير فلسفي. فهو بشكل أو بآخر يعمد إلى كسر الثنائيات على أرض واقع المصلحة وعلى نحو منفعتها العملية.. ويقوم بجمع المتناقضات في ذات الوقت، فلا غرابة أن يكون معارضا مواليا/ تجريبيا جماهيريا/ يساريا يمينيا، باعتبار أن معنى الأول لا يكون مكتملاً إلا باستحضار نقيضه..
أن تكون معارضاً، ما الأثر والتأثير المتحتم من هذا الفعل؟!.. الاعتقال/ التعذيب/ النفي/ صعوبة الحصول على منصب …إلخ، بالمقابل لو كنت موالياً ستحظى في أضعف الإيمان ما حظي به الحمدان: سفرة إلى المغرب بمرافقة عقيل سوار، متعلقان بدلادل (جمع دلدول) فستان الشيخة مي للترويج للمنامة عاصمة الثقافة العربية..
وعليه لم يكن من المستهجن على الإطلاق أن يقطع الحمدان لسان المعارض فيه ويتلسن بلسان الموالي للحكومة أكثر من الحكومة نفسها، أو أن يشارك من خلال موقعه في وزارة التربية والتعليم ضمن حملات الوشاية على زملائه المثقفين، ما أدى لفصلهم أو توقيفهم عن أعمالهم، ليس بالغريب أن يشحذ قلمه في عموده الدوري بالصحافة للدفاع عن السلطة وتبرير حملتها الأمنية خلال وقبل وبعد فترة السلامة الوطنية، فهو يرى أنه لم يحلم قط أي طرف معارض للسلطة أن يحظى بمثل ما حظيت به معارضة البحرين، وليس هناك ديمقراطية تضاهي ديمقراطية البحرين معللاً ذلك بسماحها للمعارضة بالسفر إلى أقطار عربية وغير عربية متعددة، وكأن سفرهم ليس حق من حقوق كل فرد بل منّة يمنها النظام على الرعية..
يوسف الحمدان هو مثال ولا أروع لمثقف السلطة، مثقف على أهبة الاستعداد للتلوّن بما فيه رضاها، مثقف أسهل ما يقوم به هو التنازل عن مبادئه في سبيل تحقيق مصالحه وقضاء حاجاته الخاصة، مثقف أدمن في المساء تقبيل يد سيده قبل النوم، وفي الصباح يلحس ما يرمى إليه من فتات، مثقف أوّل ما يخون يخون نفسه.. وهذا الصنف من المثقفين هو بالضبط الذي ستجده يلهث وراء تحسين صورة النظام عبر ترويجه لفعاليات المنامة عاصمة الثقافة، فـ "المنامة عاصمة الثقافة" إناء ينضح بالحمدان وأشباهه، فنعم الثقافة ونعم المثقفين..
رحم الله إدوارد سعيد يوم قال في كتابه (المثقف والسلطة): "المفكر مؤلف لغة تحاول أن تنطق بالصدق في وجه السلطة".. والحمدان مفبرك لغة تنطق بالكذب في وجه السلطة والسلطانة!!