البحرين ... رصيد متنام من التوصيات الأممية "المعطلة"
صفاء الخواجة - 2015-12-27 - 11:51 م
صفاء الخواجة*
المتابع لتوصيات مجلس حقوق الإنسان فيما يتصل بالوضع الحقوقي في البحرين، سيلحظ الفارق الشاسع بين حجم ونوعية التوصيات خلال جلستين الفاصل بينهما أربع سنوات فقط!
ما بين العام 2008 والعام 2012 برزت صورة فاقعة لواقع تدهور الوضع الحقوقي في البحرين، إذ لم تزد توصيات مجلس حقوق الإنسان في العام 2008 عن تسع توصيات فقط، لكنها ارتفعت في العام 2012 إلى 176 توصية .
لماذا ارتفعت حصيلت التوصيات خلال أربع سنوات فقط ؟
في التفاصيل، وافقت البحرين على 158 توصية من أصل 176 توصية من التوصيات المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان، تمت بشكل كلي الموافقة على 143 توصية والموافقة بشكل جزئي على 13 توصية، وتم التحفظ على عدد من التوصيات كونها تتعارض مع تعليمات أحكام الشريعة الإسلامية أو مع أحكام الدستور أو لتدخلها في سيادة الدولة، أو ذات طابع سياسي.
ولعل من المهم هنا، وقبل الخوض في استعراض التوصيات الإشارة إلى مسار توصيات مجلس حقوق الإنسان التي وجهت للبحرين في اجتماع استعراض الدوري الشامل في العام 2008 أهمها: التوصية الثانية حيث قالت سلوفينيا "إن على البحرين أن تبدأ حملة تعبوية بهدف إزالة تحفظاتها فيما يتعلق باتفاقية منع التمييز ضد المرأة (سيداو)، وبأن تعتمد البروتوكول الاختياري الملحق وأن توفق تشريعاتها مع الاتفاقية، وأن تبلغ مجلس حقوق الإنسان بخططها في هذا المجال"، وجاءت فرنسا من خلال التوصية الرابعة لتطالب البحرين بـ "التوقيع على اتفاقية حماية الأفراد من الاختفاء القسري" فيما أوصت روسيا بأن تصدر البحرين "تشريعاً يمنح الجنسية لأبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي".
كل تلك التوصيات ومع بدء الحملة الأمنية في العام 2011 تحولت إلى عبث مقارنة بحجم الانتهاكات التي طالت المواطنين في مختلف القطاعات في العام 2011، وانعكست تلقائيا على توصيات الاستعراض الدوري الشامل في العام 2012.
الفارق أشبه بطلب طلاء بيت قديم ثم تطورها إلى طلب عملية ترميم شاملة تمس كل زاوية في البيت، هكذا كان الفارق في التوصيات بين العامين 2008 و2012.
بعد أشهر من إعلان نتائج لجنة تقصي الحقائق التي رأسها البروفيسور محمود شريف بسيوني وكشفت عما يشبه الكارثة الحقوقية، جاء الدور على مجلس حقوق الإنسان ليبصم على انهيار القيم الحقوقية في مجتمع صغير يناضل أبناؤه من أجل احترام حقوقهم الإنسانية، وعلى ذلك كانت توصيات المؤسسة الأممية صادمة حتى للموالين للحكومة البحرينية، وضربتان في الرأس تؤلم، لكن ليس دائما!
أبرز التوصيات التي قدمتها 67 دولة لمملكة البحرين في مجلس حقوق الإنسان لعام 2012، الإفراج فوراً ومن دون قيد أو شرط عن جميع الأشخاص المحكوم عليهم بسبب ممارستهم حقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع، والتحقيق في حالات الوفاة في الحجز، ومحاكمة جميع المسئولين عن التعذيب وسوء المعاملة، ووضع إطار زمني لتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.
كما أوصت عدد من الدول بالتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، ووضع تعريف للتعذيب، والتوقيع على البروتوكولين الأول والثاني الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والاستجابة لطلبات زيارة المقررين الخاصين المعنيين بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتعذيب.
لم تبدِ البحرين أي استجابة حقيقة وجادة لتنفيذ (158) من أصل (176) توصية لمجلس حقوق الإنسان في إطار برنامج الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، التي صدرت في مايو/أيار مِنْ العام 2012 وقد أكدت ذلك عدة منظمات حقوقية دولية.
و يبدو واضحاً أن البحرين ليست فقط غير جادة في التعاطي مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فحسب، بل إنها باتت تشكك في مصداقية وحيادية الدور الذي تضطلع به مؤسسات في الأمم المتحدة، وذلك عبر تصريحات بعض مسئوليها!
المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين انتقد البحرين في كلمتة الافتتاحية وطالب بفتح تحقيق في انتهاكات حقوق الانسان التي تحدث داخل سجن جو، قابله وزير الخارجية بوصف بيان المفوض بـ "الظالم". وفي مناسبة أخرى، بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، اتهم رئيس الأمن العام المقرر الخاص بالتعذيب بـ"الإنحياز" و"الافتقار للحيادية"، بل أعلن إن البحرين رفضت زيارته، بعدما تم تأجيلها لمرتين، وهو ما اعتبره المقرر إلغاءً مبطناً للزيارة في وقت لاحق.
هل البحرين جادة للعمل على تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان حقا؟
الإجابة يوضحها رصيد البحرين المتنامي من التوصيات الأممية المطالبة بتنفيذها والتي كانت تسع توصيات فقط في العام 2008 وأصبحت أكثر من 170 توصية في العام 2012..!
هل وصلت الإجابة؟
*ناشطة بحرينية في مجال حقوق الإنسان.