حذاء موزة
2012-01-12 - 10:21 ص
مرآة البحرين(خاص): حذاء موزة(انظر لوحة الإعلان في الصورة)..صامت لا ينعش الذاكرة، بينما الأحذية المتروكة على طرف الرصيف تبدو برهاناً على حدوث شيء، تبدو شاهد عيان على أن هذه البقعة كانت مأهولة قبل حين، هذا الفرض هو عينه ما يأخذنا إلى اكتشاف الدخان الكثيف الذي يحيط بالمكان، إلى بذل جهد ذهني لربط هذا الحضور الغامض لأحذية مختلفة هي الباقي من آثار أناس مروا من هنا، وبين دخان يتوزع المكان، ولا إشارة إلى طبيعته ولا مصدره.
حذاء موزة يتوسل عمود الإنارة ليبرز في صدر المكان، فهو على طريقة الإعلانات يطمع في عيون تلمح الأشياء المعلقة، فتسجل في ذاكرتها صورة بها الكثير من الإيحاءات، حذاء يشبه الهدايا، ويشبه الطفولة كما يشبه الأحلام...لكن أحذية العابرين أكثر التصاقا بالأرض، وأكثر استعدادا لمواجهة الدخان..النظر إليها كتاريخ يستلزم القبول بأي تأويل كان، تأويل يساعدنا في إدخال هذه الصورة ضمن سياق حدث ما..طوعاً أو كرهاً، ستروي الصورة شهادتها على الناظرين إليها، لكنها بحاجة إلى سنادات سردية لإماطة اللثام عن سيرتها.
إعلان موزة امتداد لصناعة الزيف، إذا أردنا به إعادة تكييف الحقائق لتناسب رغبة دعائية، فوظيفة الدعاية الخداع، أي أن تبدل دلالة مكان دلالة أخرى فتحدث ما يؤثر في أحاسيس الناظر إليها، ولهذا يملك حذاء موزة أن يطير في السماء، بينما لا تملك الأحذية المنسية أن تغادر المكان، كأنها رد فعل على انتشار الدخان، لتبقي تصوراتنا ضمن حدود المواجهة المحتملة، بين عابرين وبين مصدري دخان تواروا عن الصورة.
الأحذية في الصورة هي السؤال المؤجل عن مصير إولئك الذين أفرغوا المكان للدخان، وهو الذي سيمد زمن الصورة بالمدد، لتصبح كل مطالعة فيها تكوينا لذكرى جديدة، تجعل من المستقبل محطة لتساؤلاتها، تساؤلات عن مستقبل الرصيف، الأحذية والعابرين.
الصورة لجميس دوغا مصور وكالة رويترز للأنباء، وقد ذيل الصورة بهذا التعليق ليستحضر منطوق الصورة من ذاكرته: أحذية تركها أولئك الذين فروا من الشارع بعد إطلاق قوات الأمن البحرينية للغاز المسيل الدموع ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة بعد أن انطلقوا من مستشفى السلمانية باتجاه ساحة اللؤلؤة في 19فبراير.