الخارجية الأمريكية: البحرين ليست بلدا للتعايش الديني والسّلطات تضطّهد الشّيعة على كل المستويات
2015-10-29 - 2:01 ص
مرآة البحرين (خاص): بخلاف ما يحاول أن يروّج له النظام البحريني، أظهر تقرير الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية للعام 2014، والذي صدر في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2015، بأن البحرين لم تكن يوما بلدا للتسامح والتعايش الديني.
فشلت ملايين الدولارات التي صرفها النظام على حملات العلاقات العامة، في أن تعمّم صورة المجتمع المتعدّد والمتسامح، الذي لا تضطهد فيه أية فئة. فشلت السلطات في أن "تصحّح" ما تسمّيه "الصورة المغلوطة"، عبر الزعم بأن كل طوائف الدنيا تعيش في البحرين متحابة بأمان وسلام، من دون أن تطغى فيها واحدة على أخرى. فشلت في تصوير البلاد بأنها مكان للبوذيين، والمسيحيين، واليهود، والهندوس، كما هي للسنّة والشيعة على حد سواء.
لم يذكر "التقرير الأمريكي السنوي عن الحرّيات في الدينية في العالم" أيا من ذلك، رغم صدوره بعد أيّام فقط من زيارة وفد "هذه هي البحرين" إلى واشنطن ونيويورك. كان موضوعه من أوله إلى آخره هو: اضطّهاد الشيعة في البحرين على جميع المستويات!
اضطهاد الشيعة والدّعوة إلى هلاكهم
أشارت الخارجية الأمريكية في تقريرها إلى استمرار الاعتقالات التعسّفية الموجّهة ضد المواطنين الشيعة الذين يشتركون في التظاهرات المناوئة للنظام، والاستخدام المفرط للقوّة ضدّهم، وإساءة معاملتهم في السجون، وأوضحت أن البلاد لا تزال تشهد اضطرابا سياسيا يتعلق بعدم رضا الشيعة عن المعاملة غير المتكافئة لهم من قبل الدولة.
كما أفاد التقرير عن "بروز تعليقات مناهضة للشّيعة في وسائل الإعلام" ونقل أن "المسؤولين الرّسميين يدّعون أن عناصر المعارضة الشّيعية يدعمون الإرهاب" في الوقت الذي ألقى فيه "النّائب جاسم السّعيدي خطبة في أكتوبر/تشرين الأول دعا الله فيها بأن يهلك الشّيعة".
التمييز ضد الشيعة في الوظائف والخدمات
وتحدّث التقرير عن "التّمييز الذي يشهده السّكان الشّيعة على مستوى الوظائف الحكومية والفرص التّعليمية وغيرها من الخدمات الحكومية" وأنهم "غير ممثلين بشكل جيّد في الحكومة" وأنّه "على الرّغم من كون الشّيعة يشكلون أكثر من 50 بالمائة من السّكان إلا أن السّنة يهيمنون على الحياة السّياسية في البلاد".
وبالأرقام ذكر التقرير أن هناك 6 وزراء شيعة فقط من أصل 23، ونائب رئيس وزراء واحد من أصل 5.
ولاحظ التّقرير أن "التّوترات بين الشّيعة والسّنة تنبع من عوامل اجتماعية واقتصادية ودينية حيث يُعتقد أن معدل البطالة أعلى لدى الشّيعة وأن موقعهم الاجتماعي والاقتصادي أدنى من ذاك الذي يحظى به السّنة".
وأشار إلى وجود "تقارير تفيد عن التّمييز المجتمعي النّابع عن الانقسامات السّياسية والاقتصادية والدّينية، تجاه الشّيعة". وأفاد عن كون "المواطنين السّنة يحظون بالأفضلية في المناصب المدنية والعسكرية الرفيعة في الدّولة، وكذلك في المنح الدراسية" فضلا عن عدم توظيفهم في قطاعات الأمن، وكون ذلك كلّه بسبب "الانتماء الدّيني".
ولاحظ التّقرير أن "مستوى الخدمات التّربوية والاجتماعية والبلدية في أغلب الأحياء الشّيعية أدنى من ذاك الذي تحظى به المجتمعات السّنية".
وأورد فحوى إفادات عن حصول التّمييز في سياسة التّجنيس أيضًا، وأن "قانون المواطنة لا يُطبق بالطّريقة ذاتها مع الجميع".
الخطب والصلاة واليافطات الدينية
التّقرير الأمريكي الحديث قال إن "الحكومة البحرينية تواصل مراقبة النّشاطات والخطابات الدّينية التي تعتبرها "سياسية" وليست دينية". وأكّد أن "النّشاط الدّيني الشّيعي والسّني مراقب من قبل الحكومة" وأنّها "منعت الوصول إلى بعض أماكن العبادة" وحظرت "خطبًا دينية على خلفية محتواها" كما أنّها سمحت بإحياء مراسم عاشوراء لكنّها "أزالت بعض اليافطات والأعلام العاشورائية في الشّوارع والممتلكات الخاصة".
وأشارت الخارجية الأمريكية في ذات السياق إلى قيام الحكومة باعتقال أشخاص "على خلفية تهم تتعلق بالتّجديف وازدراء الدّين" وأيضًا "إيقاف حساباتهم على مواقع التّواصل الاجتماعي وإحالة المتهمين إلى النائب العام"، مطلقة "حملة من الاعتقالات لناشطين على تويتر متهمة إياهم بإهانة رموز إسلامية".
فضلا عن ذلك، لفت التّقرير إلى أن قناة التلفزيون التّابعة للدّولة "لا تبث خطب الجمعة من مساجد الشّيعة في حين تبثها من مساجد السّنة".
الهجوم على المساجد والمآتم
وذكر التّقرير عدة حالات استهدفت فيها الشّرطة البحرينية المصلين في البحرين إذ "اعتقلت في يناير/كانون الثّاني خمسة أشخاص حاولوا الصّلاة في موقع مسجد البربغي الذي هُدِم في العام 2011 كما استدعت في 22 فبراير/شباط عشرين شخصًا، كانوا قد صلّوا في الموقع ذاته".
وأشار إلى أن "أعمالا تخريبية استهدفت المساجد الشّيعية"، بما في ذلك تخريب مسجد صعصعة بن صوحان في أبريل/نيسان والاعتداء على مسجد الإمام الهادي، مشيرًا إلى أن السّلطات فتحت تحقيقًا ولكن نتيجته لم تظهر حتى نهاية العام.
كما ذكر أن قوّات الأمن أطلقت قنابل غاز على جامع الإمام الصادق الشيعي، خلال احتجاجات في 14 فبراير/شباط، وأشار أيضا إلى فيديو وثّق حادثة إطلاق قنابل غاز على مأتم سار، خلال تواجد العشرات فيه لحضور تشييع.
وعن إعادة بناء المساجد التي هدّمت خلال فترة الطوارئ في 2011، قال التقرير إن 3 مساجد ما تزال إعادة بنائها قيد الدراسة، فضلا عن كون 7 من المساجد قد أعيد بناؤها من قبل الأهالي.
وأشار التقرير كذلك إلى أن عدد المساجد السنّية مقابل الشيعية غير متناسب في مناطق مثل مدينة حمد ومدينة عيسى.
ملاحقة رجال الدين الشيعة: قاسم، نجاتي، الزاكي وغيرهم
وعلى صعيد الملاحقات التي يتعرض لها رجال الدّين في البحرين، أشار التّقرير إلى "حل المجلس العلمائي من قبل المحكمة بعد أن قررت أنه منظمة غير مرخصة شاركت في نشاط سياسي غير شرعي" وأنّه "يستخدم الدّين كغطاء للنّشاط السّياسي".
كما أشار إلى ترحيل الحكومة للشّيخ حسين نجاتي في أبريل/نيسان 2014 بعد إسقاط جنسيته في نوفمبر/تشرين الثّاني 2012 ذاكرًا أن وزارة الدّاخلية ادعت "أنّه لم يبلغ الحكومة عن نشاطات مؤسسته الدّينية".
ولفت التّقرير إلى أن "عددًا من العلماء الشّيعة البارزين الذين اعتُقِلوا في العام 2011 كانوا ما يزالون في السّجن في نهاية العام 2014". وأفاد عن "استدعاء عدد من العلماء الشّيعة لمساءلتهم على خلفية خطابات ومواعظ كانوا قد ألقوها"، ومن بين هؤلاء "الشّيخ فاضل الزاكي الذي قالت الحكومة إنّه حرض في خطابه على كراهية النّظام"، وكذلك "استدعاء عدد من العلماء والرّواديد من قبل مراكز الشّرطة في مناطقهم للتّحقيق معهم على خلفية خطبهم، اعتقاداتهم الدينية، وآرائهم الشخصية".
وأورد أن وزارة العدل منعت 3 رجال دين من الخطابة بينهم 2 شيعة، بحجّة انتهاك القوانين التي تمنع التحريض على العنف.
كما أشار التقرير إلى "اتهام وزيرة الإعلام آنذاك سميرة رجب عالم الدين البحريني الأبرز، الشّيخ عيسى قاسم، بدعم الإرهاب".
السفارة الأمريكية ضغطت لحماية المقامات الدينية
ولفت التّقرير إلى "اللقاءات الدّورية لموظفي السّفارة الأمريكية مع زعماء دينيين وممثلين عن المنظمات غير الحكومية والمجموعات السّياسية لمناقشة قضايا الحريات الدّينية" مشيرا إلى أن السّفارة الأمريكية مارست ضغطا على الحكومة البحرينية "لحماية المقامات الدّينية والحرية الدّينية وللمضي قدمًا في الإصلاح الوطني ومواصلة إصلاح أماكن العبادة".
وذكر أن موظفي السّفارة والمسؤولين الأمريكيين الذين يزورون البحرين بانتظام، التقوا مع وزراء العدل والداخلية ونواب في البرلمان ومجلس الشّورى، وأثاروا "مخاوف بشأن المصالحة الوطنية والحرية الدّينية معهم"، ذاكرًا في هذا المجال زيارة مالينوسكي، الذي طُرِد من البحرين في يوليو/تموز على خلفية لقائه بشخصيات من المعارضة، ثم عاد إليها في ديسمبر/كانون الأول، حين ناقش المصالحة الوطنية وأهمية المشاركة في العمليات السّياسية وقضايا حقوق الإنسان مع ممثلين عن الحكومة وعن جمعيات سياسية ومدنية.