"التقرير" سعى لترضية دعاة التحريض الطائفي على حساب الحقيقة.. وهذا هو الدليل
2012-01-08 - 3:23 م
مرآة البحرين(خاص): نجد من اللازم أن نتعرض لما قررته اللجنة في جزء من الفقرة (1710) من التقرير من أنه "تحصلت اللجنة على أدلة كافية تدعم ما توصلت إليه بأنه كان هناك استهداف للسنة من قبل بعض المتظاهرين إما بسبب الإعلان عن ولائهم للنظام أو على أساس انتمائهم الطائفي. ولقد تعرض السنة لإهانات لفظية واعتداءات بدنية وإعتداءات على أملاكهم الخاصة علاوة على التحرش بهم... وكان السنة موطن استهداف نتيجة لوجهة النظر السائدة بأن جميع السنة عملاء أو داعمين للحكومة والأسرة الحاكمة...". لسنا بصدد المجادلة في مصداقية المعلومات التي إستعرضها التقرير في المبحث الثاني من الفصل الثامن منه، والمعنون "الهجمات التي شُنت على الطائفة السنية". إلا أنه لا بد لي من بيان الملاحظات التالية:
إن الصيغة التي جاءت بها عبارات الفقرة (1710) من التقرير تكشف عن تعميم حكم خطير، ما كان يجوز للجنة أن تقرره. فاستخدام عبارات على شاكلة "أنه كان هناك استهداف للسنة"، و"لقد تعرض السنة لإهانات لفظية واعتداءات بدنية"، و"كان السنة موطن استهداف نتيجة لوجهة النظر السائدة."، فاستخدام هذه العبارات العامة، وبصرف النظر عن صحة أو عدم صحة الشكاوى التي تلقتها اللجنة، يترتب عليه، دون أدنى شك، الحكم بأن كل السنة كانوا مستهدفين من قبل بعض الشيعة. وهو أمر يُخرج بعض الحوادث الفردية من سياقها الذي حصلت فيه، ويضعها في إطار من التعميم الخطير الذي ما كان للجنة أن تذهب إليه. ولو صحت مثل هذه المقاربة التي تبنتها اللجنة في ملاحظاتها الختامية سالفة الذكر، فإنه كان سيصح أيضاً اعتبار – ما شاهدناه جميعاً، من الاعتداء على ممتلكات المحلات التجارية المملوكة لبعض المواطنين من الطائفة الشيعية، في ليلة واحدة، وبما يشبه الحملة المنظمة لصح اعتباره استهدافاً من بعض السنة لكل الشيعة، وذلك طبقاً للمنطق الذي ذهب إليه التقرير.
أما الملاحظة الثانية، هي أن التقرير جاء خالياً تماماً من أي إشارة إلى شكوى أو بلاغ تقدم به أحد أفراد الطائفة الشيعية، يشتكي فيه من تعرضه أو تعرض ممتلكاته لاعتداء من أحد أفراد الطائفة السنية. وهذا يعني أحد احتمالين لا ثالث لهما، إما إن هناك فعلاً من تعرض من الشيعة لاعتداء عليه أو على ممتلكاته من أحد السنة، ولكنه لم يعتبر ذلك اعتداءً من سني على شيعي، بل اعتبره إعتداء من شخص على شخص آخر بصرف النظر عن الهوية الطائفية للمعتدي. أما الاحتمال الثاني فهو أنه لم يحصل أي اعتداء من سني على شيعي بتاتاً. ونترك لفطنتكم تقدير ووزن هذا الاحتمال. وفي المحصلة النهائية، نعتقد أن الغاية من الفقرة (1710) من التقرير لم تتجاوز محاولة إرضاء بعض دعاة التحريض الطائفي.
اللجنة تبريء التلفزيون من "الكراهية" لكن لا تعرّفها
انتهت اللجنة في الفقرة رقم (1713)، وهي الفقرة المتعلقة بالتغطية الإعلامية، انتهت إلى أنه "وبعد مراجعة عينة من التغطية الإعلامية للتلفزيون والإذاعة والصحافة الوطنية خلال أحداث فبراير / شباط ومارس/ آذار 2011، فإن اللجنة ترى أن معظم هذه المواد احتوت على لغة مهينة وتغطية مثيرة للأحداث، وأن بعضاً منها كان مسيئاً للسمعة، ولكن اللجنة لم تعثر على أدلة حول تغطية إعلامية تنطوي على خطاب مفعم بالكراهية". وعلى الرغم من أننا لا نعلم ما هو مفهوم اللجنة حول "الخطاب المفعم بالكراهية" وما هو تعريفها لهذا المصطلح. ولكننا نعلم تماماً بأنه عندما يقوم جهاز التلفزيون المملوك للدولة ببث برامج يومية، ومباشرة على الهواء، تتعرض بشكل سلبي وسافر، ودونما مواربة، لشخصيات دينية وسياسية معارضة لسياسات الحكومة، وفي الظروف التي شهدتها البلاد، والتي استعرضها التقرير بشكل مفصل، فإن ذلك يؤدي بالضرورة، عقلاً ومنطقاً، إلى بث أحاسيس الكراهية تجاه من كانوا المادة اليومية لهذه البرامج، هذا في الوقت الذي كان يتوجب فيه على الدولة، باعتبارها طرفاً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وباعتبارها من يملك ويدير مؤسسة مثل مؤسسة التلفزيون، أن تلتزم بتعهدها المنصوص عليه بموجب المادة (2/فقرة 1) بأن تحترم الحقوق المعترف بها في العهد وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسي. ولعل إعلان حكومة البحرين بعدم تقيدها بالالتزام المقرر على عاتقها بموجب المادة (17) من العهد الدولي هو أبلغ دليل على إهدارها لهذا التعهد الذي يلزمها بعدم تعريض أي شخص لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته، فضلاً عن تقاعسها عن توفير الحماية القانونية من مثل هذا المساس.