ولي العهد: إذا لم يكن هناك لحم للمواطنين يأكلونه فليحضروا الفورمولا
2015-10-15 - 9:53 م
مرآة البحرين (خاص): تشير معلومات إلى أن قرار رفع الدعم عن اللحوم الذي دخل حيّز التنفيذ 1 أكتوبر/تشرين الأول 201، جاء به ولي العهد سلمان بن حمد تحديداً، وقيل إنه خاطب أحدهم قبل إقرار القانون بنبرة استهجان: كيلو اللحم بدينار واحد؟ مؤكداً إنه لا توجد دولة في العالم تبيع اللحم بهذا السعر الزهيد. فكان رفع الدعم.
يعيدنا كلام ولي العهد البحريني إلى ما نُقل على لسان ملكة فرنسا وزوجة لويس السادس عشر ماري أنطوانيت، حين قامت ثورة الجياع في بلادها، قالت كلمتها الشهيرة "إذا لم يكن هناك خبز للفقراء ليأكلوه... دعوهم يأكلون الكعك".
وإن كان بعض المؤرخين ينفون أن تكون أنطوانيت قد تفوّهت بتلك الجملة، إلا أن تصرفاتها كانت تدلّ على ذلك، وهو ما يمكن أن نُسقطه على ولي العهد البحريني، الذي إن نفى قول تلك الجملة، لكن تصّرفاته تدلّ على ماهو أسوأ في مواجهة الفقراء وذوي الدخل المحدود.
لقد بحّ صوت النواب الحكوميين وهم يحاولون إصدار بطاقة تموينية، على غرار الدول المجاورة، لكنهم لم يتلقوا ردّاً على مقترحهم أو رؤيتهم التي طلبتها الحكومة منهم، على الرغم من تهديدهم بالانسحاب من اللجنة الحكومية النيابية المشتركة، لكن الحكومة مضت في المزيد من الخطوات اللااكتراثية، فقضية رفع الدعم عن الدواجن حدث بقرار من شركة دلمون للدواجن التي أصدرت تعميماً تقول فيه إنها سترفع سعر الدجاج 50٪ ليصبح كيلو الدجاج دينار ونصف، بعد أن كان ديناراً واحداً (للمستهلك)، ولتحدد تاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول موعداً لدخول القرار حيّز التنفيذ، وهو الموعد ذاته الذي رفع فيه سعر اللحم أيضاً.
بات من الواضح إن الحكومة لم تكترث بكل صيحات النواب الموالين، هي لم تأخذهم بجدية في أي موضوع على أية حال، لذا فضّل النواب الذين رفعوا صوتهم، الصمت والإذعان ورفع الراية البيضاء أمام الحكومة التي قررت رفع الدعم عن اللحوم، فيما لم تصدر أية تعليقات على قضية رفع أسعار الدجاج أصلاً، لكن بعضهم أبدى استياءه وامتعاضه الشديدَين لأنه أصبح مُحرجاً أمام ناخبيه، هكذا تحدث النائب أحمد قراطة في أن القرار وضع النواب "في الواجهة أمام المواطنين، والكل اليوم يلقي باللائمة علينا في قرار الحكومة وعدم وقوفنا ضده"، مُهدداً بانسحاب جزئي من الجلسة الأولى لدور الانعقاد، وهو تهديد بقي فارغاً، وبالتأكيد لم يأخذه أحد على محمل الجد.
إلا أن قرار رفع الدعم عن اللحوم لا يوفر الكثير من الأموال حسب ما تروّج الحكومة، فالتقديرات تشير إلى أن الدولة ستستطيع توفير مابين 22 و29 مليون دينار سنوياً، وهو مبلغ زهيد جداً، وفق ما وصفت رويترز، إذا ما قورن بحجم العجز المتوقع بمليار ونصف المليار دينار للعام الجاري، ما يعني إن الحكومة تدعم اللحوم شهرياً في أحسن الأحوال بمبلغ لا يتعدى 2.5 مليون دينار، فيما يصرف ناصر بن حمد أكثر من هذا بكثير في سباقاته وبطولاته على مدار السنة، أما ولي العهد فقد صرف على طيران الخليج خلال 6 سنوات مليار دينار، وفي العام 2013 بلغت خسائر طيران الخليج 93.3 مليون دينار وهي أكثر من ثلاثة أضعاف ما تقدمه الدولة دعماً للحوم، أما في 2014 فأعلنت طيران الخليج إن خسائرها بلغت 62.7 مليون دينار، وهو ما يفوق ضعفي المبلغ المرصود لدعم اللحوم لسكان البحرين، وهكذا نرى إن ولي عهد البحرين يستطيع تسديد خسائر طيران الخليج، بل يذهب أبعد من ذلك، بإعلان استعداد طيران الخليج لشراء 50 طائرة إيرباص، في حين إن أسطولها الحالي مكوّن من 28 طائرة.
أما حلبة البحرين الدولية والتي بناها ولي العهد لولعه بسباق السيارات، فقد كلفت ما يقارب الـ 60 مليون دينار (فقط البناء)، وكان هذا يخص العام 2004 أي قبل 11 عاماً، فيما لم يكن سكان البحرين يتجاوزون الـ 700 ألف نسمة ما يعني أن دعم الدولة للحوم آنذاك كان تقريباً نصف ما هو عليه الآن في 2015، (آخر إحصاء للبحرين في 2010 أشار إلى أن عدد السكان تجاوز المليون و200 ألف نسمة)، وهكذا كلّف شغف سلمان بن حمد لسباق السيارات خزينة الدولة في 2004 ضعفي ما يكلّف خزينة الدولة في دعم اللحوم بالبحرين في العام 2015.
ويمكن للقارئ أن يقارن مبلغ دعم اللحوم الذي ستوفّره الدولة، بالرواتب التقاعدية للوزراء السابقين ومستشاري الملك وولي العهد، وأوجه صرف أخرى يمكن ترشيدها أو الاستغناء عنها، كالوفود البرلمانية وحملات العلاقات العامة (هذه هي البحرين) التي يشارك فيها العشرات من الأجانب والبحرينيين على نفقة الدولة (وهو ما أثار حفيظة كتّاب حكوميين)، يستطيع القارئ أن يقارن ليكتشف حجم الهدر والتبذير من أجل نزوات الملك وعائلته، والتي لم تتأثر، بينما المواطن الفقير ازداد فقراً، وسيزداد أكثر مع رفع الدعم عن الكهرباء وأشياء أخرى كثيرة مع مطلع العام المقبل 2016.
لكن رئيس الوزراء خليفة بن سلمان على ما يبدو لم يعجبه هذا القرار، لربما لأنه أمضى أكثر من 40 عاماً على كرسي رئاسة الحكومة، ولعلمه أن هذا المبلغ سيؤلّب الموالين ولن يسد عجزاً أو يوفّر مبلغاً مُحرزاً لخزينة الدولة، هكذا رأينا أن قصابي المحرّق (الحاضنة الشعبية لرئيس الوزراء) مضربين عن شراء اللحوم وتداولها منذ أسبوعين دون أن يتعرّض لهم أحد بالتهديد، لكن الحال لم يكن كذلك مع قصابي المنامة، والذين ينتسبون في غالبيتهم العظمى للطائفة الشيعية التي تعاني التمييز والتهميش وتعارض سياسات الحُكم، فما إن بدأوا إضراباً حتى انتهى بالتهديد بغلق المحلات وسحب السجلات، والملفت، أن من نشر الخبر هي صحيفة البلاد المملوكة لعلي بن خليفة نجل رئيس الوزراء، في إشارةٍ أخرى إلى عدم رضا رئيس الوزراء وجناحه، عما يقوم به ولي العهد وجناحه الذي بدأ يحكم ويتحكم بمفاصل مهمة في الدولة.
أما قصابو المحرق فقد استمروا في إضرابهم واستقبلهم محافظ المحرق المقرّب من رئيس الوزراء سلمان بن هندي، وأعلن لاحقاً تأييده الكامل لمطالبهم، واعداً بمقابلة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان لمعالجة الأمر.
الوضع المعيشي شديد التهديد الذي يعيشه المواطن البحريني الآن، بدأ يحرك أصوات من الفئة الموالية للنظام؛ اعتادت السكوت وعدم الخوض في محظورات السياسة والفساد، لكن بدأنا نشهد مؤخراً صيحات تمثل الخوف مما سيحل بالمواطن وما سيتحمله نتيجة فساد أجهزة الدولة والعبث بخيراتها، وما حديث مذيع في إذاعة البحرين عن التجنيس وآثاره، وكلام نائب آخر عن المجنسين الذين باتوا يحصلون على حقوق تفوق حقوق المواطن، هي نماذج للقلق المتنامي والمتصاعد عند الشارع الموالي.
وعلى ما يبدو فإن نبوءة إبراهيم شريف أقرب للتحقق، حين ذكر أنه يرى "جمراً تحت الرماد"، وتوقّع في شهر يونيو/حزيران 2015 (أي قبل 4 أشهر من الآن)، أن تشارك شرائح واسعة من الناس (خصوصاً الموالين) في ما وصفها بـ "الهبّة المقبلة" التي قال إن أبرز عناوينها ستكون "معيشية واقتصادية".