» رأي
البرلمان البحريني "عفطة عنز"
ناصر زين - 2011-12-18 - 9:04 ص
ناصر زين*
يستنكر مجلس النواب البحريني ما يتعرض له الشعب (السوري) وهدر دماء الأبرياء من المدنيين المسالمين، مطالبا القيادة (السورية) بحقن الدماء وتأمين الناس على أرواحهم وأعراضهم ودمائهم وتحقيق ما يتطلع إليه الشعب (السوري).
ويؤكد المجلس دعمه لأمن واستقرار (سوريا) ومساندته لتطلعات الشعب (السوري) وكافة المطالب والتحركات المتمثلة في الديمقراطية والحرية والعدالة والإصلاح والتطوير، ولكل ما فيه خير وصلاح (سوريا).
ويطالب المجلس المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية باتخاذ موقف واضح وحاسم بشأن ما يتعرض له الشعب (السوري) والتدخل العاجل والسريع لإنقاذه.
ويناشد المجلس كافة القيادات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والأحزاب في مختلف مواقعهم ومسئولياتهم بذل كل المساعي والجهود الكفيلة للحفاظ على أرواح الأبرياء وحمايتها مما تتعرض له .
بيان صادر عن مجلس النواب
الثلاثاء 13 ديسمبر 2011م
الثلاثاء 13 ديسمبر 2011م
فقط عزيزي القارئ، أستميحك عذراً بأخذ شيء من وقتك الثمين بالرجوع مرة أخرى لإعادة قراءة البيان مجدداً بعد أن تستبدل الكلمات التي بين الأقواس وتضع مكانها (البحريني/ البحرينية/ البحرين)، واحكم بنفسك، فهل تجد اختلافاً بين ما يتعرض له الشعب السوري من (هدر دماء الأبرياء من المدنيين المسالمين) – كما ورد بالبيان – وبين الشعب البحريني؟!! وهو ذاته الذي أكد عليه تقرير بسيوني.
وهل تجد – عزيزي القارئ – فرقاً بين القيادة السورية والبحرينية فيما ينبغي مطالبتها (بحقن الدماء وتأمين الناس على أرواحهم وأعراضهم ودمائهم وتحقيق ما يتطلع إليه الشعب)؟!! .. أوليس تطلعات الشعب السوري هي ذاتها تطلعات الشعب البحريني من حيث (كافة المطالب والتحركات المتمثلة في الديمقراطية والحرية والعدالة والإصلاح والتطوير) التي يؤكد على دعمها ومساندتها البرلمان البحريني الموقر؟!!
وهلا تساءلت – عزيزي القارئ – لماذا يطالب مجلس نوابنا الفتي (المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية باتخاذ موقف واضح وحاسم بشأن ما يتعرض له الشعب السوري والتدخل العاجل والسريع لإنقاذه)، في حين يرى ذلك في البحرين "تدخلاً أجنبياً سافراً مرفوضاً"، وان منظمات حقوق الإنسان الدولية "منحازة للمعارضة وتشوه صورة البلد"؟!!
ولابد أنك تساءلت – أيها القارئ – كيف يناشد مجلسنا الرائع (كافة القيادات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والأحزاب في مختلف مواقعهم ومسئولياتهم بذل كل المساعي والجهود الكفيلة للحفاظ على أرواح الأبرياء وحمايتها مما تتعرض له في سوريا)، في حين مناشدة هذه الجهات في البحرين لأخذ دورها الوطني للحفاظ على الأرواح يعتبر – في نظر هذا المجلس - نوعا من الخيانة؟!!
وأنا أتساءل هنا، ولا شك أنك تتساءل أيضاً، ويتساءل كل إنسان يحمل حساً إنسانيا آدميا حقيقياً وضميرا حياً: هل الأرواح والدماء تختلف بين (السوري والبحريني)؟!! .. وهل الإنسان والإنسانية تتجزأ بين (السوري والبحريني)؟!! .. وهل الحقوق والمبادئ التي تطالب بها الشعوب نحو "الديمقراطية والحرية والعدالة والإصلاح والتطوير" تتفاوت بين الشعب (السوري والبحريني)؟!! .. وهل أن الأعراض المستباحة واعتقال النساء وقتل الأطفال حرام على النظام (السوري) وحلال على (البحريني)؟!! ... والله تلك إذاً قسمة ضيزى.
ألا يجدر بمجلس نوابنا (الحلو) على أقل التقديرات أن يصدر بياناً يستنكر ويشجب فيه ما وثقته اللجنة (الملكية) لتقصي الحقائق – والتي شكلها النظام بنفسه – حينما كشفت في تقريرها انتهاكات فضيعة لحقوق الإنسان في البحرين وممارسة التعذيب الذي أدى إلى استشهاد 4 معتقلين في نحو شهر؟!! ... أليس من واجب هذا المجلس (المحترم) أن يدين هدم المساجد التي أكد عليها تقرير بسيوني نفسه؟!! في الوقت الذي لم يتم فيه هدم المساجد وبيوت الله في سوريا كما ُهدمتْ في البحرين؟!! ... أوليس الأقربون أولى بالمعروف؟!! أم أن مجلس نوابنا (الحنون) مثل (عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب)؟!!
لكن، حسناً يفعل مجلس نوابنا (العبقري)، حتى يظهر أمام الجميع وأمام كل منصف وأمام كل من له قلب وعقل وحس إنساني، مدى هيمنة السلطة التنفيذية والأجهزة الحكومية على مخرجات هذا المجلس وأن لا قيمه له خارج دائرة ما تريده الحكومة منه بأن يكون بوقاً ناعقاً لمنهجها ومصفقاً لخطواتها، وبعيدا كل البعد عن آمال وآلام وتطلعات هذا الشعب الواعي الذي لا شك أنه يستحق برلماناً كامل الصلاحيات يمثله وينطق باسمه ويعيش آماله وآلامه، وهذا لا يتأتي إلا من خلال انتخاب الشعب حكومته حتى يتحقق - واقعاً عملياً - مبدأ الشعب مصدر السلطات جميعاً وليس خيالاً وحبراً جافاً ليس له من قرار.
وحتى تتحقق الإرادة الشعبية ومطالبها وما تنشده من تطلعات تواكب آمالها نحو ديمقراطية حقيقية وعدالة اجتماعية وحرية غير زائفة، لابد أن يرفع الشعب صوته عالياً ليخرس صوت هذا المجلس ومَنْ يتسلق فيه على أكتاف الناس وجراحاتهم نحو المناصب والجاه والامتيازات، بأن هذا المجلس المعاق لا يمثل هذا الشعب الواعي – وإن كان مسماه الرسمي ذلك - لأنه يُؤيد الاستبداد في حين أن الشعب يتطلع نحو الإنعتاق والتحرر، ويُكرس واقع الديكتاتورية المطلقة في حين أن الإرادة الشعبية تهفو إلى الديمقراطية الحقيقية.
وليعلن الشعب بكل شجاعة للحكومة ولكل المتسلقين والنفعيين والمناهضين لتطلعاته والراقصين على جراحاته، كما أعلنها في زمان غابر رجل عظيم لا تغره الدنيا ولا يساوم على مبادئه بالقول (دنياكم هذه لا تساوي عندي عفطة عنز)، فليكن الشعب عظيماً وليقلها إذن للجميع: (برلمانكم هذا لا يساوي عندنا عفطة عنز) قبال دماء شهدائنا وتضحياتنا وجراحاتنا وكل دمعة أمٍّ سالت من أجل عزة هذا الوطن ونمائه وبنائه وفدائه بكل غالٍ ونفيس.
*صحافي بحريني