وزير الإعلام البحريني يتحوّل إلى هدف لحملة حكومية أطلقت ضدّ المرشد الإيراني "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك"
2015-07-25 - 1:06 م
مرآة البحرين (خاص): تحوّل وزير شئون الإعلام البحريني عيسى بن عبدالرحمن الحمادي إلى هدف لحملة أطلقها وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة لإدانة ما أسماها "التدخلات الإيرانية" إثر تصريحات للمرشد الإيراني حول البحرين. ولم يفلح غيابه في إجازة خارج البلاد في تجنيبه سهام موالي الحكومة التي انطلقت احتجاجاً على استضافة تلفزيون البحرين إلى رجل دين شيعي.
لم تكن آراء الشيخ محمد سعيد العرادي، رجل الدين المعمّم، التي ساقها على شاشة التلفزيون يوم الجمعة (24 يوليو/ تموز 2015) تدور بعيداً عن حمى الحكومة. فهو أعلن رفضه الصريح أية تدخلات في حال ثبت أن هناك تدخلات إيرانية سلبية تقوي العنف أو الإرهاب أو إذا جافت حدّ النصيحة.
لكن لجوء العرادي إلى وضع كلامه بين جمل شرطية "في حال" و"إذا" وعدم استجابته للأسلوب الاستنطاقي الذي اتبعه المذيع معه - أجب بنعم أو لا - لم يكن مما يلتقي مع هوى مديري الحملة التي أريد لها أن تكون "حفلة زار" تُجرجر إلى أتونها قوى المجتمع قسراً ما لم تود التعرض إلى الانتقام. وتدحرجت كلماته لتشكل باعثاً لسخط موالي الحكومة الذين حوّلوا بوصلة الحملة إلى اتجاه آخر تماماً.
هدف الحملة المستجدّ لم يكن المرشد الإيراني؛ بل وزير الإعلام الحمّادي، الضعيف أصلاً، والمحسوب على ولي العهد البحريني، الأضعف من الضعيف من بين كل القوى المتدافعة في بيت الحكم. فما هي إلا دقائق حتى تحول وسم #لا_للتدخلات_الإيرانية إلى مطالبات تدعو إلى إقالته.
ويقول القيادي في تجمع الوحدة الوطنية عبدالحكيم الصبحي "بعد خنبقة (تخبّط) تلفزيون البحرين، هل سيبقى الوزير أم يعفى؟ أعتقد سيبقى ولن يعفى، ولن حتى يلام". وأضاف على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" موضحاً "لا يمكن اختزال إخفاق تلفزيون البحرين في هذه الاستضافة، ولا بد من تغيير جذري في السياسة والمنهجية الإعلامية".
وكتب سالم راكان "نريد تحقيقاً مع وزير الإعلام بشأن من اختار العرادي للحضور إلى التلفزيون. عندي شك بنسبة 85 في المائة أن من استدعاه هو الطابور الإيراني".
مشاركة العرادي نفسها على تلفزيون البحرين لم تمرّ على خير. فقد أظهر تسجيل مصور للبرنامج الحواري الذي أدلى فيه بآرائه تعرضه إلى "البلطجة" على الهواء مباشرة من خلال سحب لاقط الصوت منه عنوة بينما كان يهم بالإجابة على سؤال وجه له. وسأله المذيع عما إذا كانت إيران تتدخل في شؤون البحرين، طالباً إجابة بنعم أو لا، لكن فيما راح العرادي يجادله بشأن ذلك فوجيء بسحب اللاقط من الخلف. ولم يأبه له المذيع حتى لدى قوله "طاح (سقط) المايك" فراح يفتش عنه بنفسه أسفل الطاولة دون نتيجة، لينتهي اللقاء عند ذلك.
وترددت معلومات بأن سبب ذلك هو قرار اتخذه وزير شئون الإعلام بطرده من البرنامج بعد أن أُطلع على آرائه التي لم تكن تتماشى مع هوى الحملة التلفزيونية التي لم يكن مسموحاً فيها سوى لون معين من الخطاب. لكن حتى ذلك لم يشفع للوزير الجديد غير المنتمى إلى العائلة الحاكمة والذي تشكل حقيبته بؤرة استهداف طالما حام حول حماها وزراء مروا على المنصب إيّاه في خلال فترات سابقة.
لقد سبق للوزير السابق جهاد بو كمال أن أقيل من منصبه في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 بعد استضافة تلفزيون البحرين الأمين العام السابق لجمعية "وعد" المعارضة إبراهيم شريف في لقاء حواريّ.
كما سبق أيضاً لوكيلة قطاع الثقافة بوزارة الإعلام السابقة مي آل خليفة أن أعفيت من منصبها في مايو/ أيار 2015 إثر خلافات مع وزير الإعلام قبل أن تعاد لموقعها في وقت لاحق إثر تدخل زوجة الملك وإقالة الوزير بوكمال. كما شكل إحلال سميرة رجب وزيرة للإعلام بدلاً من نجل وزير الداخلية السابق فواز بن محمد آل خليفة في أبريل/ نيسان 2012 دافعاً لقيادة الأخير بالتكاتف مع قوى في عائلته حملة ضدّها انتهت بإزاحتها من منصبها.
وقال رئيس بعثة الحج عبدالناصر عبدالله في حسابه على تويتر "تمت إقالة وزير الإعلام لما أخطأ ضيف سابق في برنامج تلفزيوني، وضيف اليوم سجل أهدافا عكسية، فما أنتم فاعلون؟" في إشارة إلى الوزير السابق بوكمال.
يشار إلى أن نحو تسعة وزراء مروا على حقيبة الإعلام في غضون عشرين سنة، وهم على التوالي: طارق المؤيد، محمد المطوع، نبيل الحمر، محمد عبدالغفار، جهاد بوكمال، مي آل خليفة، فواز بن محمد آل خليفة، سميرة رجب والوزير الحالي عيسى بن عبدالرحمن الحمادي. لتكون بذلك أكثر الوزارات تبدلاً وعدم استقرار بواقع وزير كل حواليّ سنتين.
المذيع البحريني خالد الشاعر، مقدم برنامج "صباح الخير يا عرب" على شاشة قناة "إم بي سي" اختار أن يصبّ جام غضبه على حملة تلفزيون البحرين نفسها التي رأى أنها بلا فائدة تذكر. وتساءل "ماذا ستفيد تلفزيون البحرين هذه القضية؟ تلفزيون نسبة مشاهدته ضعيفة وأغلبهم من البحرين، أما تأثيره الخارجي فمحدود". وأضاف "على البحرين أن تضخ أموالاً في قنوات وصحف مؤثرة عربياً وعالمياً من أجل الدفاع عن قضيتها".
أما المغرد خالد الخياط فقد تساءل مشككاً في عدم شمولية الحملة واقتصارها على الجوامع السنية وحدها. وصرح "انتظرت بفارغ الصبر تلفزيون البحرين ليبث جزءا من خطبة جمعة لأي مسجد شيعي؛ لكن للأسف يبدو أن الجوامع كانت مغلقة اليوم"، وفق تعبيره.
ووجد مغردون آخرون دافعاً للسخرية من الحملة برمتها بعد تداعيات بث البرنامج الحواري الذي غيّر بوصلة الحملة تماماً من إيران إلى وزير في الحكومة. وكتب مغرد تحت اسم مستعار "بغوها طرب صارت نشب"، فيما قال آخر "بغوه عوناً فصار فرعوناً، في إشارة إلى رجل الدين العرادي. ليس معلوماً بعد ما إذا كان إخفاق تلفزيون البحرين سيطيح بالوزير الحمّادي كما أطيح بوزراء آخرين قبله لكنّ الأكيد أن واحدة من وصلات "التهويش" التي أديرت من على التلفزيون الذي يدخل ضمن صلاحياته قد انتهت إلى "مسخرة". لقد تحوّل إلى هدف.