أطفال المعتقلة طيبة درويش في يوم العيد: أحنّ إلى حضن أمّي والعيد ليس سعيد
2015-07-17 - 7:47 م
مرآة البحرين (خاص): كانت أمنيتها أن ترى أبناءها قبل يوم العيد؛ أن تحتضنهم وتحتويهم وتلثمهم بقبلات عيد لن تكون فيه معهم. هو الأول الذي يقضيه أبناؤها دونها، دون أن تشتري معهم ثياب العيد، دون أن تعتني بتفاصيلهم الصغيرة، دون أن تكون زهوة أطفالها فرحها وابتسامتها. يوم أمس 16يونيو 2015، تم تجديد حبس المعتقلة طيبة درويش لمدة 15 يوما، وبسبب نقلها إلى النيابة العامة خسرت زيارة عائلتها التي ما لبثت تنتظرها على أحرّ من الجمر. طلبت طيبة زيارة استثنائية لذلك لكنها لم تُعط، حُدّدت لها زيارة أخرى يوم السبت.
"اشتقت إلى حضن أمي وطبخ أمي ووجود أمي في حياتي وكل أموري.. كانت أمي تعمل لنا أطباقاً لذيذة في شهر رمضان، لا أحد يطبخ الطعام مثل أمي. هذا الشهر لم يمرّ سعيداً عليناً، وكذلك العيد بلا أمي ليس سعيداً" هكذا تقول ابنتها الكبرى زينب (11 عاماً).
قضت زينب مع أخويها أحمد (10 أعوام) وفاطمة (8 أعوام) رمضان هذا العام بلا أم ولا أب. والدهم علي أحمد الحايكي مريض ومتقاعد، وقد اضطر إلى الانتقال إلى بيت والده الذي أصيب هو الآخر بجلطة وصار بحاجة إلى الرعاية الكاملة.
اضطرت إحدى شقيقات طيبة إلى هجر منزل زوجها والانتقال للعيش مع أبناء أختها. قررت أن تقضي شهر رمضان معهم. لكنها الآن متحيّرة ولا تعرف كيف ستكون الأمور بعد هذا الشهر، هل ستترك أبناء أختها وتعود إلى منزلها أم تنتقل مع عائلتها الصغيرة للعيش الدائم مع أطفال أختها. من الصعب التفكير في ترك أبناء أختها، ومن الصعب ترك بيت زوجها كل هذه المدة المجهولة.
طفلة طيبة الصغرى فاطمة، تحدثت عن شوقها لوالدتها، وبحياء شديد تكلمت عن تجربتها الأولى في صيام رمضان هذا العام: "لأول مرة أصوم رمضان وكنت أتمنى أن تكون أمي معي، كنت أريدها أن تراني وأنا أصوم طوال الشهر، كنت أريد أن تكون مسرورة بي. كيف سيكون العيد بلا أمي؟ أريدها أن تأخذني إلى الألعاب كما تفعل في كل عيد. أريدها أن تكون بجانبي. أنا أحبّها وأشتاقها".
تبدو فاطمة الأشدّ التصاقاً بوالدتها، ربما لأنها الأصغر، في الزيارة تركض إلى حضن والدتها، تستأثر به طوال الوقت، وكأنها تشحن نفسها منه بما يكفيها لتحمل المسافة إلى الزيارة القادمة. وعند انتهاء الزيارة تبدأ المعاناة. ترفض فاطمة مغادرة حضن والدتها ويبدأ الجميع بمحاولة اقناعها بالمغادرة.
في العادة لا تفارق فاطمة والدتها حتى في النوم. لهذا كان غياب والدتها الأصعب بين إخوتها، أو على الأقل هذا ما يظهر. استيقظت ذات ليلة من النوم لثوان، قامت بتقبيل رأس خالتها ظناً منها أنه رأس والدتها، ثم عادت للنوم. تأثرت خالتها جداً. تقول فاطمة لخالتها: "عندما تعود أمي سوف لن أجعلها تتعب مرة أخرى، سأكون هادئة وأجعلها ترتاح".
أما أحمد، فتحدث بخجل شديد: "كنت أتمنى أن تعود أمي في شهر رمضان، لم تغب عني هكذا من قبل، أريد أمي أن تكون بجانبي وأن تطبخ لي الطعام بيدها". تقول خالته، أعتقد أن أحمد لم يدرك بعد حجم المشكلة التي تواجه والدته.
ارتسمت ملامح الحزن على وجه زينب وهي تستمع لإخوتها، غياب والدتها جعلها تقوم بدور الأم والأخت الكبرى: "لأول مرة اشتري ملابس العيد بدونها". زينب هادئة وشديدة الحياء حتى أمام خالاتها، لهذا هي لا تظهر مشاعرها بسهولة، لكنها تظهر أنها مسؤولة عن أخوتها، لقد كبرت قبل أوانها.
شقيقات طيبة، حاولن مستميتات تقمّص شخصية طيبة وطريقتها في التعامل مع أبنائها، وبذلن ما في وسعهن من أجل القيام بدورها مع أبنائها كي لا يشعروا بحدّة الغياب القاسي. خفّف ذلك على طيبة نفسيتها المتعبة التي كانت تبكي على حال أبنائها وفي قلق مستمر على أمورهم ووضعهم.
ثلاثة أشهر وطيبة تنتظر مصيراً مجهولاً منذ اعتقالها في 14 مايو/ آيار 2015، وجهت النيابة العامة لها تهمة التستر على مطلوبين أمنياً. تم اتهامها مع أيوب عادل وآخرين في قضية باسم«متفجرات المحرق»، وأنها هي من قامت بايصالهما إلى موقع التفجير. أنكرت طيبة جميع التهم المنسوبة إليها ونفت أية معرفة بينها وبين أيوب. وقالت إنها قامت فقط بتأجيره قسم من منزلها بسبب الحاجة المادية كونها المعيل الوحيد لعائلتها.