الملقّب بـ"خبير صواعق التفجير"... الطفل محمد المؤمن لـ"مرآة البحرين": عذّبت بالكهرباء وصفعت على وجهي!
2015-06-20 - 1:17 م
مرآة البحرين (خاص): في 15 مارس/ آذار 2015، وردت أنباء عن إيقاف باص على جسر الملك فهد، لزوّار بحرينيين قادمين من العراق، ومن ثم أعلن عن اعتقال جميع من فيه (55 شخصا)، بعد اكتشاف حقيبة "متفجّرات" على متنه، والقبض على مطلوب أمنيا كان بين الراكبين، بحسب زعم وزارة الداخلية البحرينية.
وفقا للنيابة العامة فقد احتوت الحقيبة على أجهزة كهربائية خبئ داخلها 140 صاعق كهربائي، و41 دائرة كهربائية مما يستخدم في أعمال التفجير، وجهاز تحكم عن بعد وبعض الهواتف النقالة.
النيابة قالت إن مواجهة الركاب بتلك المضبوطات وأعمال التحري، أسفرت على أن تلك الحقيبة تخص أحد الركاب وهو "حدث"، وأنّه قد أحضرها معه من العراق بناءً على طلب أحد المتواجدين هناك والمطلوب أمنياً في عدد من القضايا الأمنية، لتوصيلها إلى شخص بمنطقة سترة بغرض استعمالها في أعمال إرهابية.
تناقلت وكالات الأنباء الحدث، وقالت إن قوات الأمن البحرينية ضبطت معدات لصنع قنابل يجري تهريبها من العراق على متن حافلة ركاب للاستخدام في تنفيذ هجمات، في حين قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن السلطات البحرينية أوقفت حدثا لدى عودته من العراق وفي حوزته مواد "تدخل في صنع القنابل والمتفجرات".
كان الحدث هو الطفل محمد منصور المؤمن (13 عاما)، الذي اعتقل مع 7 من عائلة المؤمن كانوا على متن الباص ذاته. أفرج عن النّساء والأطفال الذين أوقفوا للتحقيق أيضا، ليصرّحوا للصحافة مؤكّدين أن الباص مر على حدود العبدلي والخفجي الكويتية ولم يشبته به ولم يضبط فيه أي شيء، جازمين أن هذه الحقيبة ليست لأي أحد من الركّاب بتاتا.
تعذيب طفل
وجّهت النيابة العامّة للطفل المؤمن تهمة "استيراد وحيازة مواد متفجرة" من أجل غرض إرهابي، وأودع الطفل سجن الأحداث، حتى أطلق سراحه في 15 يونيو/حزيران 2015.
لم يشفع له عمره في أن ينفذ من قبضة الجلاد "ضربوني في الجسر لأني لم اعترف بأن الشنطة لي" يقول محمد. جاؤوا بسيارة مدنية في الجسر لنقله إلى إدارة التحقيقات الجنائية المعروفة بـ"وكر التعذيب". خاف كثيرا واتجه إلى ابن عمته كي يحتمي به فقاموا بتقييد يديه وأدخلوه السيارة عنوة فيما واصلوا التحقيق معه حول الشنطة المزعومة أثناء الطريق وعندما كان ينفي كان يتلقى ضربا مبرحا.
"طلب منى ضابط التحقيقات مقابلة الحائط ورفع إحدى رجلي وعندما كنت أتعب وأنزلها يقومون بضربي"، في مبنى التحقيقات الجنائية، انهالت عليه الأسئلة عن سبب زيارته للعراق فكانت إجابته الوحيدة ذهبت للزيارة مع والدتي، لكن هذه الإجابة لم ترق للضابط فرفع كفه ووجه صفعة قوية على وجه الطفل المؤمن، ليعاود مرة أخرى سؤاله: هل تذكرت الآن لماذا ذهبت للعراق؟ أنتم ذهبتم لعرس أحد المطلوبين! وبصوت ضعيف رد الطفل على الضابط "لقد نسيت".
شرح الطفل المؤمن كيف تعرض خلال اليومين الأولين لاعتقاله في سجن التحقيقات إلى الضرب المبرح من قبل الضابط الذي اعترف له بأنه هو من قام بتعذيب شقيقه المعتقل "علي"، وهدّده بأن مصيره سيكون نفس مصير شقيقه في التعذيب إن لم يعترف، مع ذلك أنكر محمّد صلته بالحقيبة في المرة الأولى عندما أخذ إلى النيابة العامة، وبسبب إنكاره وعدم اعترافه قاده ضابط التحقيقات إلى غرفة التعذيب بالكهرباء ولم يفلح تكراره ونفيه صلته بالحقيبة المزعومة في درء تعذيبه بالصعق الكهربائي، صعقه الضابط في يده اليمنى، انتفض الطفل وبدأ في الصراخ، لكن هذا لم يثر في الضابط أي شفقة، واصل صعقه دون رحمة. بقيت آثار الصعق الكهربائي شاهدة لحين الزيارة الأولى له في سجن الأحداث.
"بعد يومين من العذاب اعترفت بما يريدون عند الساعة 2 فجرا" لم يستطع الطفل الصغير تحمل هذا الكم من التعذيب القاسي فقرر فجرا الاعتراف بأن الحقيبة المزعومة له لعل ذلك يخرجه من الجحيم، عندها أخذوه إلى النيابة مرة أخرى لتسجل اعترافه مع تهديده بأنه إن أنكر مرة أخرى أمام النيابة فسيتعرض لعذاب وضرب أكبر بكثير مما تعرض له، وأمام النيابة اعترف محمّد بما لم يقم به.
سيارة "بن تن"
سيارة "بن تن" يُتحكم بتحريكها عن بعد هي فقط ما رغب به الطفل المؤمن ولا شيء آخر، اشتراها خلال سفره إلى العراق، فرح باقتنائها ووضعها في حقيبة العائلة التي قررت أن تقتني حقيبة واحدة فقط نظرا لقصر مدة السفر، لم يكن يعلم محمد بأنه سيحرم منها ومن عائلته أيضا، صودرت اللعبة من قبل قوات الأمن ثم أرجعت للعائلة، ولكن دون صاحبها!
"كبر حجمه يعطيه عمرًا أكبر من سنه" تقول عمة الطفل المؤمن، وتضيف "الخوف الشديد الذي يسيطر عليه عند وقوع أي حادثة يجعله هدفا سهلا".
لطالما شعر محمد بأنه مستضعف بسبب يتمه، فقَد حضن أبيه وهو في سنّ السابعة. تقول أخته إنه دائما ما كان يبكي عندما يتعرّض لأي موقف "لأن والدي ليس معي". أصبحت والدته كل شيء في حياته لا يفارقها حتى في منامه ودائما ما كان يعيش قلق فقدانها هي الأخرى، وهو الأمر الذي لفت نظر قوات الأمن عندما عزل محمد عن والدته في جسر الملك فهد، رق قلب إحدى الضابطات له فجاءت به لوالدته كي يراها لثوان فقط.
وحيدا دون والده ولا والدته، وبين ذئاب بشرية، تعذّب حتّى الأطفال، قضى اليتيم المؤمن 3 شهور في سجن الأحداث، تعرض فيها للازدراء والمهانة في مناوبة الشرطي "علي سعيد". كان الشرطيان "أحمد الدمستاني وحنان عيسى" يستمتعان بإثارة فزعه، يتعمدان الصراخ عليه عندما يريدون إيقاظه، أو الطرق على الباب بصورة قوية ومخيفة تجعله يستيقظ فزعا مذعورا.
ظهرت علامات التعجب على وجه الطفل المؤمن وهو يشرح كيف كان ينقل كمجرم خطير إلى المحكمة أسبوعيا من سجن الأحداث، بواسطة سيارة مدنية ترافقها سيارتان كوماندوز وسيارة لدورية الشرطة. كانت الشرطة تعمد إلى تقييده من الخلف، كان ذلك يضاعف ألمه خاصة أن يده اليمنى كانت قد تعرضت لعملية جراحية سابقا وهو ما دعا والدته إلى أن تطلب منهم تقييده من الأمام رأفة بطفولته وبحالته الصحية.
عائلة المؤمن
تهمة الطفل محمّد، ليس أنه حلم باللعب بسيّارة إلكترونية، بل أنه من عائلة الشهيد المهندس علي المؤمن، أحد أيقونات ثورة 14 فبراير، الذي قتل برصاص النظام داخل دوّار اللؤلؤة في فبراير/شباط 2011. والشهيد المؤمن هو صاحب المقولة الشهيرة "نفسي فداء وطني".
لا يعد محمد المستهدف الوحيد في عائلة المؤمن، هناك 8 آخرون يقبعون في السجن من بينهم شقيقه واثنان من أعمامه إلى جانب أبناء عمومته. هذه العائلة التي تسكن جزيرة سترة تتميز بأنّها العائلة التي تضم أكبر عدد من المعتقلين، فضلا عن تقديمها شهيدا.
الرقم |
الاسم |
العمر |
تاريخ الاعتقال |
التهمة |
1 |
علي موسى عبدالله المؤمن |
25 |
6 مارس 2013 |
حرق جيب وتجمهر وحكم بـ 19 سنة |
2 |
يوسف علي عبدالله المؤمن |
31 |
15 مارس 2015 |
مازال يحاكم |
3 |
أحمد عبد الحسين عبدالله المؤمن |
18 |
15 مارس 2015 |
مازال يحاكم |
4 |
محمد منصور موسى عبدالله المؤمن |
13 |
15 مارس 2015 |
أفرج عنه 15 يونيه 2015 |
5 |
محمد أحمد عبدالله المؤمن |
18 |
18 مارس 2015 |
مازال يحاكم |
6 |
عقيل عبدالله علي المؤمن |
28 |
19 مارس 2015 |
مازال يحاكم |
7 |
محمد صادق علي عبدالله المؤمن |
36 |
21 مارس 2015 |
مازال يحاكم |
8 |
محمد جعفر عبدالله المؤمن |
25 |
5 يونيو 2015 |
مازال يحاكم |
9 |
محمد عبدالله علي المؤمن |
39 |
6 يونيو 2015 |
مازال يحاكم |
جدول بأسماء المعتقلين من عائلة المؤمن
فصل جديد بعد أسبوع
يقف الطفل محمد صامتا عندما تنتهي زيارته في السجن متطلعا إلى باب الخروج أملا في أن تنتهي ساعات هذا السجن الموحش وأن يعود لحضن والدته ويعيش بين أخواته، يكرر كثيرا على مسامعهم بأنه يريد الخروج من هذا السجن فقد اشتاق لزيارة قبر والده، اشتاق لبيته ومدرسته وألعابه، والدته وأخواته، تنعقد ألسنتهن، لا إجابة لديهن سوى بأنك ستخرج لكن لا أحد يعلم متى.
أفرج عن الطفل المؤمن قبل 4 أيام، لكن النيابة العامّة حوّلت يوم أمس قضيّته التي ضمّت إليها 4 آخرين، إلى المحكمة الجنائية، ومن بعد جولات التعذيب والاعتراف تحت الإكراه، سيكون في انتظار الطفل اليتيم في 25 يونيو/حزيران الجاري فصل آخر من العذاب في أروقة "نظام اللا عدل"، كما تصفه منظّمة هيومن رايتس ووتش!