فيصل المالكي: محاكمة مطالب شعب
فيصل المالكي - 2015-06-12 - 9:56 م
*فيصل المالكي
ينتظر شعبُ البحرين - سيما قوى المعارضة وجمهورها العريض - جلسة النطق بالحكم على أكبر معارض سياسي في البحرين وربما الخليج وهو أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية الشيخ علي سلمان.
ولكون القضاء في البحرين شعبة من شعب الديوان الملكي فإن أحداً لا يتوقع أن يكون الحكم نزيهاً البتة، وقد أسرَّ سماحته يوماً لهيئة دفاعه أن الحكم عليه سيُعطى للمحكمة ليلة الحكم، في إشارة ضمنية منه إلى أن المنطوق يأخذ في الاعتبار ما وصلت إليه الساحة من توازنات في الشد والجذب، وإلى ما هي عليه المنطقة بشكل عام، وإلى المواقف الدولية من المحاكمة وبيانات ومواقف المنظمات الحقوقية، أكثر من مراعاته لجناية ينسبها النظام إلى سلمان ظلماً.
إذن.. الثلاثاء 16/6/2015م سيصدر الحكم، فما هو المتوقع؟
يمكننا مبدئياً توقع أن يكون الحكم قاسياً قراءةً لما حولنا من أحداث في الداخل والخارج إلا أن يمحو النظام ما يشاء ويثبت خلاف التوقع تصديقاً لآنف ما قاله الشيخ لمحاميه.
فعلى الصعيد الداخلي أصدرت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى (الخميس11/6/2015م) حكمها بسحب الجنسية البحرينية عن 56 بحرينياً ليرفع عدد من أسقطت جنسيتهم منذ العام 2012 حتى الآن إلى 186 بحرينيّاً، إلى جانب أحكام عديدة من محاكم أخرى بعضها بالغرامة والإبعاد لآخرين عن بلدهم البحرين، هذا مع الإشارة إلى أنه لم تكن الأحكام المشابهة توقفت أصلاً منذ خمس سنوات مضت، وقد كشف المؤتمر الصحفي الأخير لجمعية الوفاق الذي عقدته الشهر الجاري عن مئات الأحكام السياسية التعسفية التي صدرت ضد الناشطين، منها: 249 حكماً تتراوح بين 10-13 سنة، ومنها 231 حكماً لمدة 15 سنة، إلى جانب 95 حكماً بالمؤبد وثلاثة بالإعدام.. كل ذلك للعام الفائت 2014م فقط.
ذاك من جانب، واعتقادُ النظام أنه أمسك رأس الحراك وأخمد الثورة باعتقاله للشيخ جانب آخر، وعليه لا يمكن أن يسمح للجماهير مرة أخرى بتذوق طعم الانتصار بالإفراج عن زعيمهم الذي يمكن أن يلهب حرارة الثورة فيهم من جديد.
ناهيك عن أن التبرئة في نظر النظام والموالاة وبخاصة المسترزقة من الأزمة تعني صكَ براءة للمعارضة، وأن كل الإجراءات السابقة بحقها كانت حيفاً، وشهادةً رسمية منه بسلامة عملها، وضوءً أخضراً بإمكانية استمرارها على ذات المنوال، وهذا لا يمكن أن يحدث مطلقاً.
أما على صعيد علاقة البحرين بالخارج الداعم (سياسياً وإعلامياً) للحراك فيها فهي في أوج توترها، ومنها استدعاءها السفير العراقي في المنامة، وإصدار بيان لمجلس التعاون الخليجي على مستوى وزراء الخارجية يدين فيه تصريحات قائد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد على خامنئي بشأن البحرين، بعد كشف الأخيرة لخلية مدعاة أسمتها (خلية الأشتر) ونسبت تدريبها إلى العراق وإيران وحزب الله.
كل هذا وذاك يعضّد من توقعات الحكم القاسي على الشيخ علي سلمان. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل سيكون الحكم على سماحته منهياً للحراك البحريني؟
قبل كل شيء دعونا نؤمن أن النظام سيترك له خط رجعة من خلال الاستئناف والتمييز، بل ربما لا ينطق بالحكم يوم موعده أصلاً ويقوم بمد أجله كما حدث في قضايا مماثلة؛ لأن المهم بالنسبة إليه ضبط إيقاع الحكم مع قراءة للساحة تطمئنه إلى هدوئها، وكأقصى حد إلى ردود فعل محدودة اكتسبت أجهزته الأمنية مهارة في التعامل معها بوحشية على مدى الأزمة.
ولكن كإجابة مختصرة مركزة على السؤال المطروح فإن الحكم على أمين عام جمعية الوفاق سيعقّد الواقع السياسي في البحرين حتماً، وأن النظام سيضطر يوماً ما للجلوس مع هذا المعارض الكبير لحل الأزمة، وحينها سيبتكر النظام أي طريقة لحفظ ماء وجهه ليجمع بين الإفراج عنه وبين مبادرة يقودها هذا السجين لإنقاذ البلد من التيه والضياع، وإن غداً لناظره قريب.
*كاتب بحريني.