والدة علي الطويل: فرغ قلبي إلا من همّ علي
2015-05-25 - 3:31 م
مرآة البحرين (خاص): قالت وهي تستقبلنا: "حرموني من أولادي.. حتى خيال ما عندي في البيت". تسير بنا إلى داخل البيت القديم، تعرج بقدمين حك الزمن عظمهما وأثقل مشيهما على الأرض. تكشف عن صدر بيتها، وتشير نحو غرف مصكوكة "انظري كيف صار البيت خالياً علينا، الغبار وحده يتمدّد داخل هذه الغرف. أولادي الثلاثة غيبهم السجن، أنتظر المكرمات والإفراجات لعلّ واحداً فقط يفرج عنه. لقد فرغ قلبي إلا من الهمّ، وأكبر همي هو ولدي علي".
إنها والدة المحكوم بالإعدام علي الطويل (25 عاماً)، وأخويه المعتقلين توفيق (28 عاماً) ويعقوب (19 عاماً) محكوم أحدهما ب5 سنوات والآخر ب8 سنوات. أكثر من 3 أشهر لم تتمكن العائلة من الحصول على موعد زيارة لأبنائها. كانت زيارتهم الأخيرة في فبراير 2015، منذ صارت أحداث سجن جو في 10 مارس الماضي، والدهم الكبير في السن يذهب كل يوم أحد لإدارة سجن جو، يطلب موعداً لزيارة لأولاده الثلاثة، فلا يحصل إلا على الكلام المعبأ بالبرود والاستخفاف.
ما يزال علي الطويل في ذات الزنزانة الانفرادية التي يراد له أن يموت فيها حيّاً، 4 سنوات كاملة لم ير فيها علي غير جدران الزنزانة الضيقة التي تكاد تخنق أنفاسه، ممنوع من الاختلاط بكل أحد، وممنوع من الكلام مع أي أحد. ليس يرافقه غير جنون الصمت المطبق. لا تسمع منه عائلته خلال اتصاله غير كلمات اليأس من الحياة ومحاولات الانتحار للخلاص منها.
مستشفى الطب النفسي الذي أُخذ إليه علي بعد تردي حالته النفسية ومحاولته الانتحار أكثر من مرة، أصدر تقريراً يوصي بضرورة نقل علي إلى زنزانة جماعية. التقرير تم تسليمه للقضاء، وأصدر القاضي حكماً بنقله من زنزانته الانفرادية. لكن إدارة السجن كأن لم يصلها شيء. وكأن لا تقرير طبي كُتب ولا حكم قضائي صدر. ليس أوضح من هذا يبرهن أن الأمر يسير نحو جعل علي يقتل نفسه بالفعل، خصوصاً مع تكرار محاولاته تلك وتكرار تصريحه لعائلته ولمحاميته بأنكم إذا لم تجدوا لي حلاً، فسوف لن أعدم الطريقة لأنتحر!
في اتصاله الأخير، تفاجأت والدة علي بطلب غريب: "أمي.. أريد أن أتزوج.. ابحثوا لي عن زوجة". صمتت الأم وفيها قلبها الكثير. لم تدر ماذا تقول وبماذا تجيب. هل هذه مزحة أم سخرية أم هلوسة أم أمنية أم تفاؤل، أم هي شيء آخر تماماً. انقبض قلبها. لم تجد تفسيراً يهدئ روعها. لكنها وعدته بذلك.