الحكومة البحرينية: ابتداء من 1 أغسطس اللحوم ليست للفقراء
2015-05-23 - 5:48 م
مرآة البحرين (خاص): يبدو أن البحرين التي زادت، على مدى الأربع سنوات الماضية، الإنفاق بمساعدة خليجية لتهدئة احتجاجات شعبية واسعة، تخلت عن تلك السياسة تحت ضغط انخفاض أسعار النفط وزيادة موازنات الأمن للتصدي للاحتجاجات التي لم تتوقف أصلا.
وبرفع الدعم عن اللحوم، بدأت الحكومة خطة واسعة لخفض النفقات، استجابة لاستشارات صندوق النقد الدولي، وإعادة توجيه الإعانات تدريجياً إلى الشرائح ذات الدخل المنخفض من السكان.
إلا أن تلك الشرائح سوف لن يكون بمقدورها تأمين اللحم بدءا من تفعيل القرار في 1 أغسطس، حيث سترتفع أسعاره بنسبة 250%، في مقابل تعويض نقدي شهري لا يتجاوز 15 دينارا للأسرة المكونة من 4 أشخاص مثلا.
ووفقا لقصابين في السوق المركزي، فإن سعر اللحم غير المدعوم سيتراوح ما بين 3 و4 دنانير للكيلو غرام الواحد، وهو ما يعني أن تلك الأسرة، ومع التعويضات النقدية المقررة، لن تستطع شراء سوى 4 كيلو غرام شهريا فقط.
ولا يتوقع محللون أن تقف تداعيات رفع الدعم عن اللحوم عند القرار الحكومي، ومن المتوقع أن يؤدي القرار الذي يواجه برفض شعبي، إلى ارتفاع الطلب على السلع البديلة وزيادة أسعارها، مثل الدجاج والأسماك التي تشهد ارتفاعا منذ زيادة مساحات الردم البحري.
تمددت مساحة البحرين 12.5% منذ العام 1987 بفعل عمليات الردم البحري، وأن ما يقارب 90٪ من أراضي البحر المدفونة تحولت إلى ملكيات خاصة، تعود لشركات يملكها الملك وعائلته.
جمعية وعد المعارضة التي انتقدت القرار رأت أن المخرج يتمثل في إعادة صياغة التوجهات الاقتصادية ومكافحة الفساد المالي (...) وإعادة الأموال العامة إلى خزينة الدولة بما فيها الأراضي التي تم الاستحواذ عليها بطرق غير قانونية.
وكشفت لجنة تحقيق برلمانية في 2010 (تقرير أملاك الدولة) عن تحويل 65 كيلومتر مربع منذ العام 2003 لملكيات خاصة، وتقدر قيمة العقارات المحوّلة بنحو 40 مليار دولار وهي تعني ضعف الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
النائب السابق عن جمعية الوفاق مطر مطر قال لـ "مرآة البحرين" إن التغيير السياسي والتصدي للفساد وتقليل الانفاق على الشؤون العسكرية والأمنية وتدفق المساعدات هي مسائل مهمة لكنها غير كافية للسيطرة على العجز".
وضاعفت البحرين الإنفاق العسكري من 300 إلى 600 مليون دينار خلال 3 سنوات، وهو ما أسهم، بحسب أمين عام جمعية التجمع القومي الديمقراطي حسن العالي، في خلق عبء على الموازنة، معلقا "باعتقادي أن تحسين الأوضاع السياسية في البلاد، من شأنه أن يخفص الموازنات المخصصة لهذا القطاع".
قرار حكومي منفرد
ونادت جمعية وعد بإشراك المواطنين في القرارات التي تمس حياتهم المعيشية، تعقيبا على انفراد الحكومة بقرار رفع الدعم، إلا أنه لا توجد سلطة تشريعية مستقلة في البحرين يمكنها مناقشة القرارات الحكومية.
وكان موقع ميد المتخصص في الأخبار الاقتصادية، قد لفت نهاية العام الماضي إلى أن مجلس النواب المنتخب حديثا يتألّف من المستقلين الموالين للحكومة، وإنّه ليس من المرجح أن يتحدى هذا المجلس السلطة التنفيذية حول القضايا الرئيسية مثل الميزانية.
"هناك عقد ضمني مع النظام البحريني الذي كان يعد الناس بالوظائف ودعم المواد الغذائية والمحروقات ومجانية التعليم والخدمات الصحية وتيسير السكن في مقابل السكوت عن الحقوق السياسية. الآن النظام البحريني يتخلى عن كثير من تعهداته" يقول مطر مطر.
وأضاف "قرار التمييز ضد الشيعة لم يكن مجرد قرار للانتقام و تخويف كل من يفكر في الاحتجاج. كان هذا القرار هو الأسلوب الوحيد لتوفير الوظائف والخدمات الحكومية للموالين للنظام التي بدأت البطالة ترتفع في أوساطهم".
وتابع مطر "بات أي منهم لا يستغني عن الواسطة حتى ينال الوظيفة أو الخدمة الحكومية. لقد عجزت الحكومة عن تبني مطالبهم برفع الرواتب وهي الآن تزيد عليهم الصعوبات. بالتأكيد رفع الدعم سيخلق للنظام صعوبات مع شريحة أوسع من البحرينيين".
ويؤكد ما ذهب له مطر امتعاض الموالين للنظام من قرارها الأخير، وكتب يعقوب سليس ناشط موالي للنظام لكنه يدعم إصلاحات سياسية، يقول "ما رفع الدعم عن اللحوم إلا مثال بسيط بأن الفقراء لا الأغنياء من يدفعون ضريبة سوء إدارة ثروات البلاد وتعطل التنمية فيها".
ويعلق مطر "أمامنا كقوة مطالبة بالتحول الديمقراطي تحديات في إقناع الموالين أن حياتهم ستكون أفضل في ظل المساواة والتمثيل السياسي. باعتقادي أن المعارضة أيضا ستكون أمام تحديات صعبة لو كانت هي السلطة (...) لكنها أقدر على التعاطي مع تلك التحديات".
وأدت السياسات الحكومية السيئة إلى تضخم الدين العام إلى مستويات خطرة وغير مسبوقة، الأمر الذي قاد إلى تبخر الفوائض المالية المجمعة من العام 2002 حتى العام 2008 والبالغة قرابة ملياري دينار.
وأظهرت أرقام رسمية أعلنت عنها الحكومة (الاثنين 4 مايو/ أيار 2015) أن العجز المفترض في موازنة السنتين الماليتين 2015- 2016 يقدر بحوالي ثلثي الميزانية، الأمر الذي سيدفع الحكومة لمزيد من الإقتراض.
ويتوقع مطر أن يخلق القرار صعوبات كبيرة لقطاع المطاعم، وسيرفع تكلفة العامل الأجنبي الذي تعتمد عليه المشاريع التجارية الصغيرة، بالإضافة لارتفاع تكلفة خدم المنازل. ويضيف "سيتحمل المواطن هذه التكاليف في ظروف اقتصادية آخذة في التعقيد".