العصفور يكذب مجدداً.. نفي الصفة الدينية عن المآتم واستمرار التضييق عليها
2015-05-12 - 10:07 م
مرآة البحرين (خاص): رئيس مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية محسن العصفور يكذب، هذه خلاصة ما يقوله الواقع. الأخطر أنه يمرر أحد أخطر القرارات التي تتخذها الدولة بعد تحولها إلى دولة بوليسية قمعية بشكل كامل، ألا وهو إخراج المآتم والحسينيات من الصفة الدينية، فقد تم إزالة صفة "دور العبادة" عنها، وهي الصفة التي كانت تطلق على المآتم والمساجد في البحرين سابقاً، وعليه فقد صار ملزماً لهذه المآتم دفع فواتير الكهرباء والماء، بعد أن كانت معفية عنها باعتبارها دور عبادة فيما سبق.
في 10 أكتوبر من العام الماضي 2014، نشرت صحيفة البلاد خبراً مفاده أن هيئة الكهرباء والماء أرسلت إنذاراً بقطع الكهرباء عن أكثر من 800 مأتم (للرجال وللنساء)، إذا لم تدفع هذه المآتم متأخرات فواتير الكهرباء والماء الممتدة لعشر سنوات، الأخطر في الخبر هو ما قاله مصدر من هيئة الكهرباء والماء لصحيفة البلاد، من أن تحصيل الفواتير المتراكمة على المآتم جاء بعد حصول الكهرباء على فتوى قانونية توضح أن المآتم غير مشمولة بقرار الاعفاء عن دفع الفواتير. الفتوى القانونية قدمتها بالطبع هيئة التشريع والافتاء القانوني، وهي هيئة أنشأها الديوان الملكي احتكر من خلالها تفسير القوانين والقرارات الرسمية، ووضع فيه من رجال «خليّة البندر» ما شاء له.
وفي اليوم التالي الموافق 11 أكتوبر 2014، نفت إدارة الأوقاف الجعفرية في بيان صادر عنها وجود توجه لقطع الكهرباء عن جميع المآتم والحسينيات في البحرين. وقالت أنها ستتابع مع هيئة الكهرباء والماء لايجاد حلول وآليات لحل المشكلة.
لكن لم يتوقع أحد ما تعنيه إدارة الأوقاف بمصطلح «الآليات المناسبة لحل المشكلة»، كان الجميع يتوقع من إدارة الأوقاف الدفاع عن المآتم باعتبارها مشمولة بقرار إعفاء دور العبادة من رسوم الكهرباء والماء، لكن التوقع لم يكن في محله، إذ لم يلبث أن تحول الموضوع لأزمة أكبر اشتعلت بين المآتم من جهة وبين إدارة الأوقاف الجعفرية من جهة أخرى. السبب هو اكتشاف المآتم أن قيام إدارة الأوقاف الجعفرية بسداد فواتير الكهرباء والماء المتأخرة من الحسابات البنكية لهذه المآتم بصوة مباشرة، ودون الرجوع إلى مجالس إدارات المآتم.
وتبين أن هيئة الكهرباء والماء استقطعت وبالتعاون مع إدارة الأوقاف الجعفرية مبالغ من أغلب مآتم البحرين، ومن ضمن المآتم التي تم الاستقطاع من حساباتها، مأتم السنابس 31 ألف و841 ديناراً فيما تمت مطالبته بدفع مبلغ 19 ألف دينار. ومأتم رأس رمان تم تحويل مبلغ 32 ألفا و700 دينار من حسابه لدى الأوقاف الجعفرية، إلى هيئة الكهرباء والماء من دون علم الإدارة.
وكان موقف دائرة الأوقاف من الناحية القانونية ضعيفاً، فقد سخر المحامي عبدالله الشملاوي في تغريدات له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، من «أصدر قرار قطع الكهرباء عن المآتم رغم الإعفاء الحكومي وسقوط المطالبة بالتقادم، لابد أنه قطع الكهرباء عن القانون أولاً».
وأوضح الشملاوي، أن «المآتم معفية من فواتيرالكهرباء بقرار حكومي منذ 1996 وقد مرت عليه 5 سنوات سقط بالتقادم وما زاد عن ذلك فهل من شيم العرب المطالبة به».
أثار تصرف إدارة الأوقاف حفيظة كبار علماء الشيعة في البحرين، أصدروا بياناً شديد اللهجة رفضوا فيه تصرف إدارة الأوقاف الجعفرية بموازنات المساجد والمآتم. واعتبر البيان أنه ليس لإدارة الأوقاف أية ولاية شرعية أو حق للقيام بهذه التصرفات أو التدخل في الشعائر والأنشطة.
لاحقاً، أصدرت إدارة الأوقاف الجعفرية بياناً خلاصته إنها رفعت يدها عن هذا الملف، وقالت إنها قامت بتحويل ملف فواتير الكهرباء لعهدة إدارات المآتم، وبررت ما فعلته بأنه اضطرار بعد أن أشعرتها هيئة الكهرباء بقطع التيار عن جميع الأوقاف.
جاء في نص بيان لإدارة الأوقاف نشرته الصحافة المحلية "وإزاء ذلك قرر مجلس الأوقاف الجعفرية إحالة جميع فواتير استهلاك الكهرباء والماء الخاصة بالمآتم باسم إداراتها لتحمل المسؤولية المباشرة مع هيئة الكهرباء والماء".
لم يمر وقت طويل، حتى ظهر ما يثبت قيام إدارة الأوقاف بالاستمرار في ملاحقة المآتم خصوصاً تلك التي ليس لديها أوقاف، أو ليس لديها رصيد بنكي يمكن الاقتطاع منه مباشرة.
إنها رسالة مرسلة من قبل الأوقاف الجعفرية إلى أحد المآتم الصغيرة التي ليس لديها أوقاف، تطالبه بمراجعة هيئة الكهرباء ودفع المتأخرات أو قطع خدمة الكهرباء عنه. الأمر الذي ينفي ما قاله مجلس إدارة الأوقاف في 21 مارس 2015، من أنه سيجعل هذه المشكلة في يد المآتم بشكل مباشر مع هيئة الكهرباء.
الأخطر هو أن محسن العصفور ومجلس إدارته، يقرّان الدولة على ما تقوم به من إبعاد الصفة الدينية عن المآتم والحسينيات، وجعل المآتم منطقة صراع حساس بين السلطة والطائفة الشيعية، وهو الأمر الذي سوف يفاقم التناقضات بين السلطة والشيعة الذين باتوا مقتنعين بأنهم يتعرضون لاستئصال من بلادهم وأرضهم، وأول هذه الاستهدافات هو استهداف هويتهم. وهذا هو المغزى السياسي لما تقوم به السلطة التي لم ترسل أية فاتورة كهرباء للمآتم منذ نحو عشر سنوات، وهو الأمر الذي أكده رئيس اللجنة المالية بمأتم رأس الرمان إذ قال لصحيفة الوسط «لا توجد أية فواتير تصلنا».
الرئيس السابق لإدارة الأوقاف الجعفرية السيد حسين العلوي، أكد أن قراراً قد صدر في عهد الأمير الراحل عيسى بن سلمان " بإعفاء دور العبادة من سداد فواتير الكهرباء والماء".، وأن "القانون والدستور والميثاق لم يصنفوا دور العبادة على أنها المساجد فقط، ومعروف مضمون عبارة دور العبادة يشمل المساجد والمآتم".
يبقى السؤال هو كيف تنظر السلطة والعائلة الحاكمة لمآتم الشيعة ومساجدهم؟ هل تراها دور عبادة؟ أم «أضرحة للشرك بالله»؟ ألم يقل ناصر بن خالد بن أحمد آل خليفة الضابط في الجيش البحريني، ونجل وزير الديوان الملكي "إن لم تكن الأوقاف الجعفرية تدير أضرحة يشرك فيها بالله فأنا مستعد أن أقدم لمحاكمة علنية".