شرطة باكستانيون بكوا حالنا، والدرك الأردني مرّغنا في بركة بول.. نشتاق رائحة الصابون
2015-04-24 - 3:36 ص
مرآة البحرين (خاص): هذه شهادة أخت، كتبتها بأحرف دمعها بعد عودتها من زيارة شقيقها في سجن جو المركزي يوم أمس الاربعاء 22 ابريل 2015. كتبتها بتفاصيلها الصغيرة، بالبؤس الذي وجدته مستحوذاً على أخيها العشريني، بتراكم شعور الإهانة لديه، بلهفة الجوع، باشتهاء الأكل اللذيذ، باشمئزاز القذارة، بالصيام عن النظافة، بقهر الإذلال على يد قوات الدرك الأردني، بمسّ الكرامة. أوصلتها إلينا كي ننشرها رغم تحفظها على ذكر اسمه خوفاً عليه.
تقول الأخت: "دخلنا وتم تفتيشنا بدقة. جاء وقت الزيارة. طاقم الشرطة الذين يدخِلون المساجين أراهم للمره الأولى. عرفت بعدها أنهم أردنيين يشاركون في تعذيب المعتقلين في الداخل".
تكمل: "رأيته مقبلاً علينا، وجهه شديد السواد، يلمع تحت عينيه جلدٌ مقشر. حضنته، شممت فيه رائحة العرق. مازحته: لأول مرة أشم فيك عطراً. ضحك ببرود. قال: أنا جائع. ذهبتُ الكانتين لاشتري له كما العادة (كنت في السابق أحسبه بفطيرتين)، واشتريت لي ولأختي فطيرتين، أحضرت الطعام، أخبرني أنه يريد مشروب غازي فعدت لاحضار المشروب. ما إن عدت حتى وجدته قد أكل الفطائر كاملة. قال لي: أشتهي أكلا لذيذاً. قدمت له المشروب فتحه وشرب نصفه في نفس واحد".
تكمل: "تأملتُ أظافره؛ كانت سوداء طويلة. كشف لنا عن أسنانه وقال: أحس أن عليها طبقة سميكة من الوسخ، هل ترونها؟".
"سألته عما جرى، قال ما لا يخطر على بالكم، لكني سوف أختصر نظرا لضيق الوقت. رفع ذراعه وشاهدنا البقع الداكنة اللون وأثر الهروات. قال: أول يوم ونحن في غفلة، أخرجونا من العنابر عبر الممر، كان على يمينه صفٌ من الشرطة، وعلى يسارة صفٌ آخر. وكلما مشينا خطوة نالنا الضرب من الصفين، فاسرعنا الخطوات الى الفنس، وهناك كان الجحيم".
يكمل: "بقينا عراة. تم صب الماء البارد علينا، كنا نرتجف ولم نستطيع ترديد الكلمات المطلوبة منا، أو ربما لم نكن ننطقها بشكل سليم فيتم عقابنا السريع. عبارات لا نفهم معناها لأنها بلهجة أردنية. ضابطٌ أردني يردد: جعلتمونا نعمل فترة طوارئ، لن نندم بل أنتم ستندمون، فأنا لن أخسر شيئا، راتبي 1500 دينار أي ما مقداره 3000 دينار في الأردن".
يكمل: "بعض الشرطة الباكستانيون بكوا لحالنا مما تعرضنا له من شدّة التعذيب فكان نصيبهم النقل أو التعنيف. فقدنا كل أغراضنا، سمحوا لنا بشراء الملابس الداخلية فقط. حلقوا رؤوسنا ومنعونا من حلاقة الإبط. كانوا يتعمّدون إغراقنا في القذارة".
يضيف: من أكثر المواقف التي مرّت علينا إيلاماً، أنهم أخرجوا منا شخصين، أوقفوهم أمامنا وعروهم بالكامل عدا العورة، ثم سكبوا عليهم الماء البارد وهم يرتجفون، وكنا مجبرين على الجلوس واضعين ركبتنا فوق صدرنا وأيدينا فوق رؤوسنا. ثم بصرخة مهدّدة أمرونا أن نخلع ملابسنا. وفي أقل من لحظة قمنا وقوفاً وأنزلنا ملابسنا وعدنا لوضع الجلوس. كنا بالخيمة قرابة 1000 سجين.
يعطف: نتعرض يومياً لإهانات وتهديد من الأردنيين بأنهم سيكسرون عزيمتنا. ومن شدة ما تعرضنا له من الضرب والجلد أصبحنا بلا إحساس. أي ضرب إضافي لم نعد نشعر به. فاتتنا صلوات أيام كثيرة، لم نكن على طهارة. تخيلوا 1000 سجين في مكان واحد! أصبحت لدينا بركة من البول أسميناها «جنة دلمون المفقودة»، يتم إجبار بعضنا على تمريغ أنفسهم فيها عن طريق التدحرج عليها".
يختم: "بقينا بلا استحمام منذ 10 مارس 2015. قبل ساعتين من زيارتكم فقط، وضعوا في طشت كمية من الماء مع كأس من الصابون. ثم قاموا بتوزيعه علينا لكل واحد قدر علبة عصير لنستحم للزيارة. هل تشعرون بالصائم إذا شمّ رائحة طعام؟ كان هذا حالنا. نحن صيام عن النظافة، صرنا نتحسس رائحة الصابون كما يتحسس الصائم رائحة الطعام. نشمّها في أجساد الشرطة حين يمرون علينا. نتشمّمها مثل حلم بعيد. لكن الصائم يفطر في نهاية يومه، وصومنا عن النظافة لم يفطر منه منذ شهر ونصف.