وهل أحكي لكِ عما فعلوه بالناشط ناجي فتيل؟
2015-04-16 - 12:20 ص
مرآة البحرين (خاص): قالت لنا بلهجة مهدّدة وهي في حالة من الانهيار: "إذا بتنشرون اسم زوجي ما بتكلّم". سألناها بعد التهدئة: لماذا؟ قالت: "لأنهم سيعذبونه أكثر، العوائل التي ذهبت وقدمت شكواها عند أمانة التظلمات قاموا بتعذيب أبنائهم أكثر. لقد انتقموا منهم. لا أريد لزوجي أن يتأذى أكثر، يكفي ما رأيته عليه من التعذيب ومن الانهيار النفسي".
بعد أن طمأناها بدأت حديثها: "كان زوجي أثناء الزيارة مرتبكاً، يتلفت يمنة ويسرة، يرتجف من شدّة الخوف، ويضيع منه الكلام، لم أره في حياتي هكذا أبداً. لقد هزل جسدة وصار نحيلاً جداً. دخل علينا حليق الرأس ولونه شديد الاسمرار. يخفي تحت ثيابه الرثّة ضربات لوّنت جسده، وعندما طلبتُ منه أن يكشف لي عنها قال: لقد هددونا بالمزيد من الضرب إن كشفنا أجسامنا لأهالينا، يكفي أن أقول لك إن جسدي من شدّة الضرب صار يشبه جسد الشهيد عبد الرسول الحجيري".
يقف في كابينة الزيارة 3 من رجال الأمن يراقبون كل حركة تصدر من المعتقلين. يعاملون الأهالي كما المعتقلين بكل غلاظة. "لم يسمح لزوجي حتى باحتضان ابنه وإجلاسه على رجله".
بصوت خفيض ومرتجف، راح المعتقل يحكي لزوجته عن التعذيب الذي ما زال مستمراً، والاذلال الذي يتجدد كل ساعة داخل الخيم المنصوبة خارج ساحة السجن "عن ماذا أحكي لك؟ هل أحكي لك عن التعذيب الذي تعرّض له الناشط ناجي فتيل؟ لقد تم أخذه من بيننا، وقاموا بتغطيس رأسه في نقعة ماء متسخة حتى كاد يختنق ويفطس، وجعلوه يشرب من الماء المتسخ بالقاذورات، ثم جروه إلى مبنى10 الذي صار وكراً للتعذيب، وتعليقه بما يعرف بـ(وضعية البصلة). ولا نعرف بعد كيف هي أوضاعه الآن". لم يسمح لعائلة فتيل بزيارته في الموعد المفترض مع باقي المعتقلين، أخبروهم أنه تم تأجيل الزيارة إلى 23 ابريل. هل ترى السبب يعود إلى وضع فتيل جراء التعذيب؟
يتلفّت المعتقل، يخفض صوته أكثر، يكمل قائلاً: "أكثر من 10 من المعتقلين تعرضوا للإصابة بالشوزن، بينهم محمد سرحان ورضا جمعة من قرية النويدرات، تم اتهامهما بتحريض السجناء. كذلك ناجي فتيل، وحميد القطان، وجعفر جابر من جزيرة النبيه صالح، وعلي مبارك من البلاد القديم اتهما بتكسير المبنى. أيضاً الشيخ المحفوظ. معظمهم نقلوا إلى مبنى 10".
يكمل: "ما نزال داخل الخيم المليئة بالقذارة والروائح والجرب الذي بدأ يتفشى فيها. يخرجوننا في طابور عسكري 4 مرات في اليوم، وفي هذا الطابور نحصل على أشكال مختلفة من وجبات الضرب والإهانات. ننتظر في طابور طويل للدخول إلى الحمام الذي لا يسمح لنا بدخوله غير مرتين في اليوم. بعضنا لا يستطيع الاحتمال فيفعلها على ثيابه، ثم يعود إلى الخيمة بثيابه المتسخة. تفوح من ثيابنا رائحة البول والدم والقذارة. ننام بثيابنا المتسخة ونمشي مثل كتل من القذارة. قرفنا من أنفسنا وكرهناها" يتلفت مرات وهو يتمتم بكلماته المتراجفة.
يضيف "السجناء الذين يحتاجون إلى التبول خارج الأوقات المسموح بها، يقومون بفعل ذلك عند السياج. أحد أساليب التعذيب التي تثير سعادة غامرة عند منتسبي الداخلية، هي استدعاء عدد من السجناء وأمرهم بفرك أجسادهم بالتراب الملوث بالبول عند السياج، ثم يعيدونهم إلى الخيمة. تسبب هذا لعدد من السجناء بالجرب وعدواه بدأت تنتشر. في طريقة أخرى للمتعة الوحشية يأخذون فريقاً آخر من المعتقلين ويقومون برمسهم بالطريقة نفسها في نقعة من الماء القذر الآسن ويطلبون منهم فرك أجسادهم بها. نحن الآن بين تهديد هاتين النقعتين، بين نقعة البول وبقعة الماء الآسن القذر. صار المعتقلون يتندرون سخرية من حالهم، فعندما يؤخذ أحدنا إلى نقعة البول نقول له هل أخذوك إلى الواهو؟ (أحد المنتزهات الترفيهية المائية في البحرين)، وعندما يأخذونه إلى نقعة القذارة نقول له هل أتيت من جنة دلمون المفقودة (منتزه ترفيهي مائي آخر)".
يردف "يأخذوننا في طابور عسكري آخر إلى الطعام، وفي الأثناء يجري الاختيار العشوائي لواحد منا أو أكثر، يؤخذ إلى مكان مجهول، ثم يعود معذباً".
يبدأ دور الزوجة لتروي ما شهدته: "تعرضنا لتفتيش دقيق جداً في غرفة النساء قبل الدخول للزيارة، لدرجة لمس الاماكن الحساسة في الجسم، والمعاملة كانت سيئه للغاية. بعد مرور 10 دقائق تم السماح لنا بدخول كبينه (9). كان يفصلنا حاجز مقاسه متر، ثم دخل علينا زوجي بهيئته الرثّة المؤلمة".
تضيف: لقد قدّمت شكواي إلى أمانة التظلمات وطلبت أن يتم علاجه. وعندما سألوه عما إذا كان يريد العلاج رفض. فقد تم تهديدهم بالضرب والصاق تهم جديدة بهم. لقد عاقبوا كل المعتقلين الذين تقدّمت عوائلهم بالتظلّم والشكوى.
أثناء الزيارة، تتفاجأ الزوجة بمعتقل يدخل محمولاً بين أيدي المعتقلين. غير قادر على المشي أو الحركة. كان يتحرّك بمساعدة عكاز. وحين أراد الجلوس اتكأ على أحد فخذيه. لم يكن قادراً على الارتكاز بجسده على الكرسي. بقى هكذا طوال وقت الزيارة. "لقد بكينا جميعاً لفرط الحالة التي رأيناها عليه". كان المعتقل الذي أبكى الجميع هو علي هارون الذي تم إحضاره من تايلاند عن طريق الانتربول الدولي.