حفل المغني الأمريكي جون ليجند في البحرين يثير زوبعة في وسائل الإعلام الدولية
2015-03-01 - 9:37 م
مرآة البحرين (خاص): أثارت رسالة من بروفيسور في جامعة جورج واشنطن بعثها للمغني جون ليجند حول العرض الغنائي الذي ينوي أن يقدمه في البحرين يوم غد، عاصفة من ردود الأفعال في الصحافة الدولية.
وبموازاة الرسالة، شنّت مجموعة من الحقوقيين والناشطين والكتاب حملة ضغط كبيرة على ليجند بسبب هذا الحفل الغنائي، وكان رسام الكاريكاتير البحريني الفنان حسن قمبر قد نشر في "مرآة البحرين" كاريكاتيرا ساخرا من ليجند في اليوم ذاته.
وتفاعل مع الرسالة وحملة الضغط عدد من الصحف ووسائل الإعلام الدولية، كما دفع ذلك صحافيين للكتابة عن الموضوع ذاته في صحيفة الإندبندنت، نيويورك تايمز، واشنطن بوست، هافينغتون بوست، ذي ستار، ثنك بروغرس، وغيرها.
وربطت التقارير الصحفية حفل ليجند وما أثاره من ضجة بأحكام الإعدام التي صدرت مؤخرا ضد معتقلين سياسيين، والانتهاكات التي لا زالت تجري في البلاد على يد السلطات الأمنية، ومحاكمة زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان، والحقوقي البحريني البارز نبيل رجب، وإغلاق قناة العرب، كما ربطوها كذلك بتقرير لجنة تقصي الحقائق والتقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش.
وربطت الصحافة الدولية زيارة ليجند بزيارة الممثلة كيم كارديشيان للبلاد في العام 2012، وكيف أثارت هذه الزيارة ضجة وقتها، كما ربطوها بزيارت بعض المشاهير والمغنين إلى حفلات الديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي.
جون ليجند
وجون ليجند مغن شهير في الولايات المتحدة الأمريكية، غنى للمرأة وللعدالة والحقوق السياسية ومحاسبة المنتهكين، وقد أثارت قضية حفله الغنائي في البحرين جدلا كبيرا، خصوصا كونه يأتي بعد أسبوع واحد فقط من فوزه بجائزة الأوسكار 2015، عن أغنيته "غلوري" في فيلم "سلمى"، الذي يوثق لنضال الداعية الأمريكي مارتن لوثر كنغ ضد التمييز العنصري تجاه السود.
وكان ليجند قد تحدث في حفل الأوسكار على هامش استلامه الجائزة، وأشار إلى اضطهاد حقوق الإنسان في العالم، مقدما خطابا تشجيعيا وإطرائيا بالمتظاهرين، وقال "نقول سلمى جاءت الآن، لأن النضال من أجل العدالة يجري الآن".
وذاع صيت ليجند خصوصا بعد كتاباته ومداخلاته حول حادثة "ميسوري" التي قتلت فيها الشرطة الأمريكية رجلا أسودا بشكل اعتبر عنصريا، ما أثار تظاهرات ضخمة استمرت أياما.
ومن المزمع أن يحيي ليجند حفلا غنائيا يوم غد الإثنين 2 مارس/آذار 2015، ضمن مهرجان ربيع الثقافة، الذي تقيمه الحكومة البحرينية سنويا، بإشراف رئيسة هيئة الثقافة، مي آل خليفة، وبحسب المنظمين فقد بيعت جميع تذاكر الحفل.
رسالة البروفيسور مارك لينش إلى ليجند
وفي رسالته إلى ليجند، التي نشرت في 25 فبراير/شباط 2015، عبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، البروفيسور الأمريكي مارك لينش، عن ذهوله واستغرابه الشديد من قبول ليجند تقديم عرض غنائي في البحرين، رغم القمع الشديد الذي تمارسه السلطات ضد المحتجين في البلاد، ولامه على ذلك بشدة.
وقال البروفيسور في مقدّمة الرسالة "مثل الملايين من الأميركيين، كنت متأثرا بأدائك "الأوسكاري" في أغنية "غلوري"، وبخطابك الذي يقوم على المبادئ".
وأضاف "لسنوات، كنت مشجعا كبيرا لأعمالك، ومعجبا بشدة لاستعدادك وقدرتك على اتخاذ مواقف سياسية قوية ومستنيرة.. وهذا هو السبب في أنني ذهلت وفزعت حين عرفت اليوم أنك كنت تخطط لتقديم عرض في البحرين في 2 مارس/آذار القادم".
وقال موجها خطابه إلى ليجند "أنا أكتب على أمل أن تقوم بتطبيق قناعاتك السياسية القوية في الوطن، على مجموعة مشابهة جدا من المشاكل في الخارج، وأن تعيد النظر في هذا العرض، أو تتحدث علنا عما ستشاهده".
وسرد البروفيسور الأمريكي سلسلة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها النظام البحريني ضد "حركة المقاومة السلمية" التي أطلقها الشعب في فبراير/شباط 2011، ووصفها بأنها "قمع وحشي بشكل مدهش"، مستشهدا بتقرير لجنة تقصي الحقائق، كما
تحدث "لينش" عن كون القمع والتعذيب والاعتقالات والقتل عقابا موجها بشكل طائفي ضد المواطنين الشيعة، لهويتهم الدينية، وذكر أن المنظمات الدولية سمّت ذلك بـ"القمع دون رادع".
ووضع البروفيسور في مقاله صورتين لمشاهد من إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع ضد متظاهرين، موجّها سؤالا للمغنى "ليجند" ما إذا كان سيتسطيع أن يفرق بين الصورة التي في البحرين، والصورة التي في مدينة "فيرغسون" الأمريكية.
وقال موجها كلامه للمغني الأمريكي الشهير "لقد برزت كصوت للضمير في أمريكا اليوم. في كتاباتك، وعروضك، وخطاباتك، كنت قد ثبت نفسك لتكون بطل مبادئ المساواة، غير الخائف في التحدث عن ما هو حق".
وذكّر البروفيسور الأمريكي المغني "ليجند" بما كتبه العام الماضي عن فيلمه "سلمى"، إذ قال "شاهدت النسخة الأخيرة من فيلم سلمى على خلفية شوارع العديد من مدننا الكبرى وهي ممتلئة بالمتظاهرين، الذين يبكون من أجل العدالة بعد أن أخذت حياة شخص أسود أعزل آخر من قبل الشرطة في ظل إفلات من العقاب".
وعقّب البروفيسور لينش على هذا المقال قائلا "حياة أشخاص بحرينيين أخذت من قبل الشرطة مع إفلاتهم من العقاب أيضا، وحياة البحرينيين ذات أهمية"، وأضاف في خطابه للمغني ليجند "آمل أن تفكروا بشكل عميق حول الآثار المترتبة على عرض في بلد مثل البحرين اليوم، حيث العنف من شرطة غير خاضعة للمساءلة ضد المتظاهرين المسالمين يعكس كل ما تكلمتم ضده في الوطن".
وختم البروفيسور خطابه قائلا "إذا قررت تقديم العرض، ربما يمكنك التحدث عن الوضع هناك، طالما أنك فعلت ذلك برشاقة هنا في أمريكا".
ضغوط هائلة
من جهته قال الصحفي الأمريكي الشهير نيك كريستوف إنه حزين لرؤية صوت الضمير "جون ليجند" يـشارك في حفل غنائي في البحرين التي وصفها بالدولة القمعية، وأمل من ليجند أن يزور على الأقل القرى الشيعية وأن يتحدث بصوتٍ مرتفع عن القمع والانتهاكات.
بدورها نقلت صحيفة ذي ستار عن الحقوقي البحريني البارز نبيل رجب قوله "إننا نرحب بزيارة لجيند إذا شملت لقاءات مع المدافعين عن حقوق الإنسان، ودعا رجب ليجند لشرب القهوة في منزله، متطلعا لأن يرى آثار انخراط ليجند في القضية البحرينية.
وكانت الناشطة الحقوقية مريم الخواجة قد خاطبت "جون ليجند" عبر حسابها في تويتر داعيةً إياه إلى إلغاء حفلته الغنائية والوقوف إلى جانب المطالبين بالحرية والعدالة في البحرين.
صحيفة الإندبندنت نقلت أن ليجند هوجم من قبل الحقوقيين بسبب الحفل، واتهم بالنفاق وازدواجية المعايير، وأنه يستخدم لتلميع السمعة الدموية للنظام البحريني، وقالت آلاء الشهابي، عضو منظمة بحرين ووتش، إن ليجند كان يجب أن يأتي للبحرين ليغني تكريما للأشخاص الذين فقدوا حياتهم أو أصيبوا في صراعهم من أجل حقوقهم المدنية.
ونقلت الإندبندنت عن نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، سيد يوسف المحافظة، دعوته ليجند لإعادة النظر في زيارته للبحرين، وقال إن "الناس في البحرين يواجهون ذات الظلم الذي يواجهه الأمريكيون من أصل أفريقي في الولايات المتحدة".
من جهتها نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا حول الحدث كتبه روبرت ماكي، نقل فيه عن آلاء الشهابي قولها إنها حاولت الاتصال بالمغني ليجند لترى كيف يريد أن ينخرط في هذه القضية، لكنه لم يأخذ عرضها بعد ببدء حديث حول القمع في البحرين.
ووضعت الصحيفة في نهاية التقرير تغريدة قديمة للناشطة مريم الخواجة، علقت فيها على شعار "ارفع يديك، لا تطلق النار" الذي واجه به المتظاهرون الأمريكيون الشرطة في حادثة فيرغسون (وهو الأمر الذي وثق في أغنية غلوري للمغني ليجند)، وقالت نيويورك تايمز مستخدمة التغريدة إن المتظاهرين في البحرين، قبل تظاهرات فيرغسون وشعارها هذا بثلاث سنوات، هوجموا بالأسلحة الرشاشة من قبل قوات الأمن بينما كانوا يسيرون رافعين أيديهم إلى الأعلى هم أيضا، مكررين شعار "سلمية سلمية".
وفي الواشنطن بوست، كتب آدم تيلور، تقريرا قال فيه إن الجدل حول زيارة ليجند إلى البحرين، وتقديمه عرضا غنائيا هناك، أعاد تسليط الأضواء على البحرين في الصحافة الدولية بشدة، وأشار إلى أن المعجبين بموسيقى ليجند وشجاعته السياسية، فزعوا واستنكروا من "عزمه الغناء في بلد ذي سجل كارثي في حقوق الإنسان، بعد أسبوع واحد فقط من ظهوره في جوائز الأوسكار" حسب تعبير الصحيفة.
ونقلت الواشنطن بوست ما جاء في رسالة الناشط محمد حسن الصافي إلى ليجند، والتي دعاه فيها إلى زيارة قريته سترة، وإلى أن يلهم الناس هناك للصبر والصمود حتى تحقيق أحلامهم.
وغطى موقع "ثنك بروغرس" تداعيات الحدث، كما نقل تعليقات أخرى للبروفيسور لينش حول رسالته التي كتبها إلى المغني ليجند.
من جهتها، أعدت منظمة إندكس سنسرشب، تقريرا رصدت فيه ردود الأفعال على زيارة ليجند، وكيف استخدم الناشطون وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن إحباطهم الشديد من ليجند.