وقف بث قناة العرب: القصة التي يهمّك فهمها
2015-02-02 - 6:47 م
مرآة البحرين (خاص): لم تمض ساعات منذ أن بدأت «قناة العرب الفضائية» بثها من داخل البحرين يوم أمس الأحد 1 فبراير 2015، وهي ترفع شعارها «قناة العرب: القصة التي تهمك»، حتى تم وقف بثها. السبب لقاء مع قيادي معارض بحريني. نقطة.
اللقاء الذي لم تتجاوز مدته 3 دقائق مع خليل مرزوق قيادي جمعية الوفاق، بدا أكثره وكأنه دفاع عن قرار السلطة من قبل المذيع؛ أكّد أن سحب الجنسية حق من حقوق الدولة وأن الكثير من دول العالم الديمقراطية العريقة كبريطانيا وغيرها تمارس هذا الحق، وفيما يشبه التبرئة لذمة قرار السلطة، كرّر أكثر من 3 مرات أن السلطة أعلنت أنه يمكن للمسقطة جنسيتهم اللجوء للقضاء، وأن المعارضة تبالغ إذا ما قالت أن المعارضين الذين اسقطت جنسياتهم بسبب الرأي. لقد تحدث المذيع بلسان السلطة أكثر مما تحدث مرزوق بلسان المعارضة، لكن كان هذا كافياً لإحداث فرقعة كبيرة.
خلال ساعات، تزعمت صحيفة أخبار الخليج المحسوبة على رئيس الوزراء البحريني حملة بروباغاندية كبيرة نيلاً من القناة؛ كتب رئيس تحرير الصحيفة أنور عبد الرحمن (ذو الأصل الايراني) افتتاحية تنال من (عروبية) قناة العرب!، وهبّت فزعة كبيرة في أوساط الحسابات المحسوبة على النـظام البحريني مستنكرة عدم حيادية القناة باستضافة (الوفاقي) مرزوق! وأعلنت الصحيفة عند منتصف الليل أنه قد تم وقف القناة "لأسباب تتعلّق بعدم التزام القائمين على المحطة بالأعراف السائدة في الدول الخليجية". وفي صباح اليوم الإثنين 2 فبراير 2015 أعلنت القناة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي: "توقف البث لأسباب فنية وإدارية وسنعود قريبا إن شاء الله" دون أية تفاصيل.
من فورها اشتعلت التحليلات في الشارع البحريني المغرم بوضع نقاطه الحاسمة فوق الحروف الكبيرة، البعض قال أن ذلك يأتي ضمن الترويج لبروز القناة والحملة الدعائية لانتشارها السريع، والبعض الآخر قال أنها تأتي ضمن سياق حرب (كبار) داخل الجارة الكبرى السعودية، وقال آخرون أن توقيفها يأتي ضمن ضرب وجودها الذي يمثل تهديداً لقناة أخرى سعودية تمثل خطاً رسمياً للنظام السعودي، وفيما صرح مدير إدارة وسائل الاعلام بهيئة شؤون الاعلام يوسف محمد صباح اليوم أن "التعاون قائم مع القناة لاستئناف بثها والانتهاء من الاجراءات اللازمة في أقرب فرصة ممكنة"، وحتى تعاود القناة بثها مجدداً، فإن الفرقعات ما تزال تمارس هوايتها وغوايتها المعتادة في الشارع البحريني تحليلاً أو هجوماً.
القصة التي توقفنا هنا، وبعيداً عن الترويج للقناة أو الهجوم عليها، هو مستوى الانغلاق المطبق الذي وصل له حال النظام البحريني، يكفي استضافة معارض 3 دقائق في نشرة أخبارية، لقناة تبث من البحرين أن يكون "خروجاً على الأعراف السائدة في الدول الخليجية"، بما يلزم بوقف بث هذه القناة، وهي رسالة بليغة جداً تكشف حجم التطهير الذي يمارسه النظام البحريني ضد الآراء، وتجريم المعارضة، بل تجريم أية جهة تسمح لصوت المعارضة أن يُسمع من خلالها، ولعل ذلك يجيب بشكل مباشر على الاستنكار الذي ساقه المذيع مستشكلاً على مرزوق: أنتم تقولون أن الحكومة تسقط الجنسية لأن لدى هؤلاء آراء سياسية، ألا تبالغون بهذا الاتهام للحكومة؟ نقول: في إيقاف بث القناة بسبب هذه المقابلة العارضة للمعارضة، ما يجيب على هذا السؤال بأبلغ مما يمكن أن يقال.
وإذا صح ما تناقلته شبكات التواصل الاجتماعي صباح اليوم من اجتماع مسؤولي قناة "العرب" في هيئة شؤون اﻹعلام؛ "وابلاغهم بضرورة وضع ضوابط لعمل القناة مع الاستمرار في عملها، وتجنب اﻹشارة للأحداث اﻷمنية في البحرين إلا بعد التنسيق مع الجهات الرسمية، وضرورة أخذ إذن من هيئة اﻹعلام عن الشخصيات التي سيتم استضافتها"، وإذا ما قبلت القناة ذلك، فإننا نكون أمام موت القناة التي لم تولد بعد.