ماذا نتمنى من القيادة الجديدة للشقيقة السعودية؟
مقالات أخرى - 2015-01-25 - 3:18 ص
رضي الموسوي*
مع رحيل العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، طفت على السطح العديد من التساؤلات المصحوبة بتحليلات كثيرة لم تقتصر على منظومة مجلس التعاون الخليجي، بل امتدت إلى أرجاء الوطن العربي والعواصم الكبرى في العالم، خصوصا تلك التي تمتلك علاقات وثيقة كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي بنسب أقل. الجانب السياسي هو الطاغي في ظواهر ردود الفعل على وفاة العاهل السعودي، لكن الجانب الاقتصادي والمالي لم يكن غائبا، بل محفزا لبعض ردود الفعل ومحركا لها، بما فيه الارتفاع الذي سجلته أسعار النفط في الأسواق العالمية. ردود الفعل هذه تنبع من أهمية المملكة العربية السعودية اقتصاديا وسياسيا. فالسعودية تنتج قرابة عشرة ملايين برميل يوميا، وهذه كمية تشكل أكثر من نصف إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي، وتلعب الرياض دورا محوريا ومركزيا ورياديا في قرارات منظمة الأقطار المصدرة للنفط "اوبك" التي تنتج قرابة 30 مليون برميل يوميا، والسعودية هي التي قادت إلى إبقاء حجم إنتاج أوبك على ماهو عليه رغم التدهور في الأسعار وزيادة المعروض بمعدل مليوني برميل.
لقد كانت عملية الانتقال السلس للسلطة إلى الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز لافتة للنظر، ومعززة لمسار مؤسسة الحكم السعودية في تراتبية الملك، وفق ما حددها مؤسس المملكة عبدالعزيز ال سعود. كما تركز منصب ولي ولي العهد التي ابتكرها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، حيث سار الملك الجديد على خطى سلفه فعين الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد، كأول أمير يدخل دائرة الحكم الضيقة من الجيل الثاني.
حسب خطاب العاهل الجديد للمملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبدالعزيز، فقد أكد على الاستمرار في نهج سلفه. هذا يعني أن السعودية مستمرة على مواقفها ونهجها في الداخل، حيث سعى الملك الراحل إلى تأسيس منظومة من الإجراءات "الإصلاحية" فعين المرأة في مجلس الشورى، بينما لايزال الحديث قائما حول حق المرأة في قيادة السيارة. أما على الصعيد الخارجي، فإن الأوضاع الإقليمية المتفجرة والمتسارعة التطور تفرض تحركات ومواقف تتطلبها الأوضاع المأزومة في العراق واليمن وسوريا ولبنان ومصر والبحرين، وبدرجة أقل في ليبيا وتونس والمغرب.
وفي ظل القيادة الجديدة التي تبوأت مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، نتمنى أن تكون إسهامات الشقيقة الكبرى أكثر فاعلية في وضع حل للأزمة السياسية الدستورية التي تعصف بالبحرين منذ أربع سنوات، حيث تستنزف الطاقات والإمكانيات وتعاني بلادنا من توابع الأزمة السياسية في شكل أزمات معيشية مثل أزمة الإسكان التي يقف في طابورها نحو 60 بالمئة من البحرينيين، بينما تصل نسبة البطالة إلى مستويات مقلقة تتجاوز 16 بالمئة حسب التقديرات الدولية، فيما تصل بين الشباب نسبة تقترب من 30 بالمئة، في الوقت الذي تعاني مستويات الأجور في القطاعين العام والخاص من جمود طال عقودا من الزمن، الأمر الذي قاد إلى تآكل القيمة السوقية والقدرة الشرائية لها بسبب نسب التضخم المتراكمة وغلاء الأسعار، وتأكل حجم الطبقة الوسطى في المجتمع، ما يؤدي إلى تهديد السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي.
نرى أنه من الأهمية النظر إلى أن الاستقرار في البحرين هو استقرار لمنطقة الخليج العربي، وهذا يعني ضرورة الوصول إلى حل توافقي تجمع عليه كل مكونات الشعب البحريني. حل يقوم على أساس المواطنة المتساوية وتجسيد العدالة الاجتماعية من خلال الحرية والديمقراطية التي ننشدها لمجتمعات الخليج. إن الدور السعودي حاسم في تطور الوضع البحريني، ومعالجة هذا الوضع تحتاج إلى حكمة وبعد نظر، ونتمنى أن تسهم المملكة العربية السعودية في إرساء دعائم هذا الاستقرار بما ينعكس على كل دول مجلس التعاون.
إن معالجة الأزمة البحرينية على أرضية الملكية الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة، التي بشر بها ميثاق العمل الوطني، تشكل مدخلا مهما لاستقرار دول المنطقة وإبعادها عن التجاذبات الإقليمية وتوابع الأزمات الحاصلة فيها.
*أمين عام جمعية العمل الوطني الديمقراطي.