» تقارير
إسكان قرية عالي: رصاص حي وفداوية ينفذون أوامر شيختهم
2011-10-14 - 3:01 م
مرآة البحرين (خاص): السبت 8 أكتوبر، الساعة الثامنة والنصف ليلاً، في إسكان عالي، على ضفاف شارع 36، سبعة شبان يجلسون على بقايا الكراسي العتيقة بقرب منزل أحدهم، ظهرهم للشارع، يلتفت أحدهم إلى شعاع ليزر يؤشر خلف رأس صديقه، فيسأله من أين يأتي هذا الشعاع؟ يلتفت الجميع للخلف، سيارة لاندكروز موديل 2006، ذهبية اللون على الشارع القريب تطل منها فوهات مسدسات متوجهة نحوهم، ينبطح الجميع عدا واحد، فجأة يبدأ الرصاص يدوي باتجاه الشباب السبعة في مشهد لا يقل هوليوديةً ولا بوليوديةً .
جريح بالرصاص الحي في إسكان قرية عالي، هكذا انتشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، استنفر النشطاء، وبدأت الصور تتتالى، إعلان استغاثة: أحدهم اخترقت رجله رصاصة وهو بحاجة لعلاج عاجل.
(مرآة البحرين) التقت الشباب الذين كانوا في حادثة عالي التي كادت لتكون مجزرة، لولا ان اختار الشباب الخيار الصحيح بالانبطاح أرضا والزحف سريعا على الأرض تفادياً لرصاص أطلقه ملثمون مجهولة وجوههم، معروفة جهاتهم.
يقول أحدهم " كنا نجلس ليلياً ونتحدث في أمور شتى كأي أصدقاء، لكن قبل ليلة جاءت سيارة لاندكروزر ذهبية اللون، وأخرى جيب من نوع لانجلر، بدأوا بالصراخ والشتيمة ضدنا حيث كنا جالسين، وقد رد بعضنا على مطلقي الشتائم، فجأة بدأوا بإطلاق النار فابتعدنا سريعا، ورمى بعضنا الحجارة لكي نخيفهم، انسحبت السيارتان، وبعد نحو ربع ساعة عادت سيارة اللاندكروزر وبصحبتها عدد من سيارات الأمن التي يستقلها مرتزقة مكافحة الشغب، فانسحبنا فوراً من الشارع، وكان واضحا أنهم يبحثون عن أي شاب ليعتلقوه أو يضربوه".
يضيف الشاب "في الليلة التي تليها، جلسنا في مكاننا نفسه نتبادل الحديث، لم يكن هناك أي مسيرات أو تظاهرات في المنطقة، كان الهدوء لافتاً، فجأة التفت أحدنا إلى الشاب الذي بجانبه، وسأله عن شعاع الليزر الموجه نحو رأسه من الخلف، التفتنا خلفنا بسرعة، صدمنا حين رأينا سيارة اللاند كروزر الذهبية اللون، واقفة على بعد 20 متراً أو أكثر بقليل، يطل من نوافذها عدد من الشبان، مسدساتهم مصوبة نحونا، وفي ردة فعل طبيعية صرخ أحدنا: انبطحوا. انبطح الشباب وبدأ الرصاص يدوي حولنا، كنا نزحف ملتصقين بالأرض، كان هناك منزل قريب، حاولنا الوصول إليه للاحتماء خلف جدرانه".
ماذا عن الشاب المصاب؟
يقول الشاب الناجي من الرصاص الحي " كان هو الوحيد الذي لم ينبطح أرضا بل خفض رأسه وأخذ يجري، فأصابته رصاصة في فخذه، وصل بعدها إلى الجدار ثم سقط منهاراً والدم يتدفق بقوة من مكان الجرح، حملناه وركضنا به نحو أحد الأماكن الآمنة".
بعد الحادثة، بدأ الشباب في جمع فوارغ طلقات الرصاص، وقامو بتصويرها لتوثيق الحادثة، صوروا آثار الرصاص الذي وصل إلى سوق إسكان عالي التي تبعد عن موقع الحادثة بمسافة لا تقل عن 200 متر، كان واضحاً أن ثمة رشاشا قد تم استخدامه، أنواع الطلقات مختلفة بعضها أكبر من رصاص المسدسات الصغيرة، اخترقت إحدى الرصاصات سيارة كانت متوقفة، رصاصة أخرى ضربت جدار منزل فأحدثت حفرة صغيرة رغم أن الجدار مبني من الاسمنت المسلح (ريدمكس) وليس من الطابوق، كان أكثر من ثلاثة أشخاص يطلقون دون رحمة على شباب عزل، السلاح ليس منتشراً في البحرين لكن جهود رئيس الوزراء ومستشاريه الأمنيين، ساهمت في وصول السلاح إلى جماعات أحبت عمل البلطجة تحت شعار(الفزعة الطائفية).
أحد أقرباء المصاب الذي باشر عملية البحث عن علاج يقول "وصل قريبي الجريح، كنت قريبا من موقع الحادث، شاهدت الشباب يزحفون، والرصاص ينهمر، كان مشهداً خرافياً، كنت أعتقد أن الرصاصة داخل فخد قريبي، فقلت له تحمل وأدخلت أصبعي في الجرح أبحث عن الرصاصة لاستخراجها، لم أعثر على شيء، تبين لي وأنا أتفحصه أن الرصاصة اخترقت فخذه وخرجت من جهة ثانية، وأنها حفرت نفقا مخيفا فيه".
يردف قريب المصاب "كان الشباب قد أعلنوا عبر الفيس بوك وتويتر أن هناك شاباً مصاباً، فبدأت الاتصالات تترى من الناشطين وبعض المتطوعين، وفعلاً وصل أشخاص متطوعون وقاموا بعلاج قريبي، وأخذناه بعدها إلى مكان آمن ليتلقى العلاج، وهو الآن يتحسن شيئا فشيئاً".
من أطلق النار؟
يقول قريب الشاب المصاب "كان مع الشباب الذين أطلق عليهم النار، شخص يعمل في جهاز أمني، وهو ليس شيعياً، صدم مما عاشه، وقد قام بالاتصال بوزارة الداخلية منفعلاً، طلبوا منه تقديم شكوى وفعلاً ذهب لكنهم تلكأوا في قبولها مباشرة"
يضيف " هذا الشاب لم يسكت، وواصل جهده لفتح دعوى أمام االشرطة، وبعد أيام عاد لنا، وقال إن الشخص الذي يملك سيارة اللاندكروزر، هو شخص بلطجي، يعمل لدى الشيخة (م)، وأن هذا البلطجي قال إن لديه أوامر من الشيخة بإطلاق النار، لكن ههذ الشيخة نفت الأمر حين تم الاتصال بها من قبل الداخلية، أنا لا أستطيع تأكيد هذا الكلام لكن هذا ما قاله لنا الشاب العامل في أحد الأجهزة الأمنية بعد أيام من الحادثة".
يقول شاب آخر تعرض للرصاص الحي " لقد عرفنا منزل صاحب السيارة اللاندكروزر، هو يسكن في البيوت الفخمة في المجمع الذي تم احتسابه مؤخراً ضمن منطقة الرفاع، بعد أن كان منذ بنائه مجمعاً محسوباً على إسكان قرية عالي، نحن لا نثق أننا سنحصل على شيء إذا تقدمنا ببلاغ ضده، تصور أن المخابرات بدأت تتصل بأهل المصاب وتريدهم أن يذهبوا لتقديم بلاغ، لم يذهب أحد لأننا بصراحة نخاف أن يتم تلفيق تهمة لنا، وهذه هي عادة وزارة الداخلية".
الدولة تتوحش أكثر كلما انغلقت عليها الحلول السياسة، ليس هناك عدالة تنصف الناس المسالمين من هذا الوحش، لذا فإنهم يائسون من (قضاء) هذا الوحش ولا استقلاله، ولا ثقة لهم في نيابته العامة عن الحقيقة التي يدفعون هم وحدهم ثمنها الأليم، ولا ثقة لهم في الأجهزة الأمنية لأنها أجهزة عقاب وقمع فقط، هي ليست محايدة بل منحازة للسلطة وأتباعها، هي أداة القتل الأصلية، لذا فإن موضوع إطلاق النيران على شباب جالسين في حي سكني وإصابة أحدهم إصابة بليغة، لم ينشر عنه سطر في صحافة السلطة، ولم تصدر وزارة الداخلية حتى بياناً من كذبة واحدة، كل ما فعلته الأجهزة الامنية هو البحث عن بقايا الرصاص، إخفاء للجريمة.
حكاية بحرينية تكشف عن مستوى سلطة تشيع الرعب، تطلق الرصاص، وترسل فداوية السلطان لإخافة الناس، الناس الذين فقدوا خوفهم منذ 14 فبراير.